مابين عشية وضحاها تتكشف ملفات خطيرة حول شركاء داعش السريين الذين صنعوا مجد التنظيم الارهابى فى الخفاء ومع تمدد داعش فى الأراضى السورية، تطل علينا من وقت لآخر، أخبار عن تعاون كبرى الدول مع التنظيم الإرهابى الأخطر، مثل اتهام تركيا بالتعاون معه وتوريد الأسلحة له عبر الحدود، وها هى فضيحة جديدة: فرنسا تتورط فى التعاون مع "تنظيم الدولة". لافارج صانع الاخطبوط الفضيحة خاصة بشركة إسمنت فرنسية عريقة اسمها "لافارج"، وهى أكبر شركة إسمنت فى العالم بعد دمجها عام 2015 مع الشركة السويسرية "هولسيم". فرع الشركة فى سوريا، كان على صلة بتنظيم داعش، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية بعنوان: "لافارج الفرنسية تورطت فى ترتيبات خطيرة مع متطرفين فى سوريا". كانت "لافارج" حسب التقرير على صلة مباشرة بداعش، وهذا لضمان استمرار مصنعها فى عمله، والذى قدرت قيمته بنحو 600 مليون يورو، ما جعله المشروع الأكثر أهمية فى الاستثمارات الخارجية لشركة "لافارج"، فى الوقت الذى أقدمت فيه الحكومة السورية على فتح ميدان الصناعة الأسمنتية للمنافسة، فى ظل الاحتياجات المتعاظمة للأسمنت فى البلد. القصة تخص معملاً تابعاً لشركة لافارج يقع فى جلابيا شمال شرق حلب اشترته لافارج فى 2007 من شركة "أوراسكوم" المصرية، ثم شغلته فى 2011. الشركة الفرنسية محاصرة بداعش أما النقطة الرئيسية فمرتبطة بالزمان والمكان، فالزمان: فترة 2013 و2014 والمكان جلابيا التى كان داعش يسيطر على الطرق والمناطق المحيطة والمؤدية إليها. ومن هنا، فإن تشغيل هذا المصنع وإيصال العاملين إليه كان ولا بد أن يمر عبر التنظيم المتطرف. وتماشيا مع القوانين السورية، اضطرت "لافارج" إلى منح نسبة من أسهم الشركة إلى رجل الأعمال السورى المقرب من السلطة فراس طلاس، وتم تعميد الشركة باسم "Lafarge Cement Syria". وتعود وقائع الفضيحة إلى 2013، عندما بدأ تنظيم داعش يبسط سيطرته التدريجية على محيط مصنع لافارج بجلابيا، فى الوقت الذى سيطر فيه بالفعل على الطرق المؤدية إليه فى المنطقة. وردت لافارج بالقول إن الأولوية المطلقة لدى الشركة كانت دوما ضمان أمن وسلامة موظفيها دون التطرق مباشرة إلى ماهية الترتيبات مع التنظيم. يذكر أن هذا يأتى هذا فى الوقت الذى سقطت فيه مدينة الرقة بأيدى مسلحى داعش، وبعدها بلدة منبج التى تقع على بعد 65 كيلومترا شرق مقر مصنع لافارج. صفقات "تسييرالأمور" مع التنظيم وبحسب المصدر، فقد استعانت شركة الأسمنت الفرنسية بخدمات شخص أردنى يدعى أحمد جلودى، أرسلته الإدارة إلى مدينة منبج فى 2013، ليتولى تأمين اتصالات مع مسؤولى داعش المتواجدين فى الرقة المجاورة. ورغم أن اسم جلودى لا أثر له فى سجلات الشركة كمسؤول رسمى، فإن الرجل، حسب لوموند، كان يتوفر على حساب إلكترونى باسم "لافارج"، وكان المندوب الأساسى الذى يتولى ترتيب الأمور مع التنظيم ودفع إتاوات مقابل تصاريح مدموغة بطابع خاص بالتنظيم تتيح لشاحنات المصنع المرور عبر الحواجز العسكرية، وأيضا السماح لشاحنات الوقود بالوصول إلى المصنع وإمداده بما يكفى لضمان اشتغال الآلات والصهاريج. وقد حصلت الصحيفة الفرنسية على نسخ من رسائل إلكترونية متبادلة بين جلودى والمدير العام للفرع السورى لشركة "لافارج"، فريديريك جوليبوا، تتعلق بالتحويلات المالية اللازمة لرشوة تنظيم "داعش". وكانت الرسائل تصل أيضا إلى مدير أمن الشركة فى باريس، جان كلود فييار، ما يثبث أن إدارة لافارج كانت على علم بالتعاون مع داعش وتمويله بطريقة غير مباشرة عبر الإتاوات. تعاون آخر تحقيق "لوموند" أكد أن الشركة كانت تشترى البترول من تجار السوق السوداء الذين كانوا على علاقة بالتنظيم، وأيضا بعض المواد الأولية اللازمة لصناعة الإسمنت. ورغم محاولات أعضاء من لافارج إقناع إدارة الشركة فى باريس بإعادة فتح المصنع ومواصلة الإنتاج، فقد قررت الشركة التخلى نهائيا عنه.