أعدت جنين دي جيوفاني، تقريرا نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، حول صور "الدم والقتل" فى سوريا , ونقلت "جنين" مشاهد من معاناة يومية، وفظائع ترتكب في أكثر الأراضي السورية. عندما اتصلت دي جيوفاني عبر سكايب بشاب يدعى أحمد مجاهد، 23 عاماً، أجابها من بيته في دارا، بضاحية قريبة من دمشق، أن منزله قصف مرات عدة، وأنه يقيم اليوم مع أصدقائه، أو في أي مكان يجده. وقال: "آخر مرة أكلت فيها بندورة، كانت في الصيف الماضي، وهي لم تكن ناضجة، بل تناولتها خضراء. هناك أطفال ولدوا خلال تلك السنوات الخمس، وهم لم يذوقوا طعم الفاكهة". وتشهد سوريا منذ خمس سنوات حرباً قتل فيها أكثر من 470 ألف سوري، وهاجر قرابة خمسة ملايين، فيما نزح حوالي ستة ملايين إلى مناطق أخرى داخل البلد المنكوب. وتقول الكاتبة إن وفد المعارضة السورية انسحب الأسبوع الماضي من محادثات السلام في جنيف، من دون أن يثير ذلك دهشة أحد. ولا يعلق ممن بقي في دمشق آمالاً كبيرة على تسوية سريعة، لأنه عندما يعايش المرء الحرب كل هذه الفترة، يعتاد على البؤس والفقر، وعدم توافر المياه والكهرباء والعلاج. وبعد هذه الفترة، تقول الكاتبة ، "ينسى الإنسان الكتاب الذي كان يقرأه عند بداية الحرب، أو قصة الحب كنت انهيتها للتور.وتتوقف الحياة. ومع لامبالاة مخيفة، يعتاد المرء على صوت القذائف. تلك هي الموسيقى التي نعيش على إيقاعها". هذا ما قاله لها صديق من حلب عام 2012، عندما سقط صاروخ قرب بيته. وبعد مرور أربع سنوات، توفي صديقي، و"لا أستطيع أن أسأله عن الموسيقى التي يسمعها اليوم". وتلفت دي جيوفاني إلى حقيقة أخرى تحدث عادة عندما تطول الحروب، إذ "يتعب العالم من مشاهدة صور القتلى، والمستشفيات والمدارس المدمرة، ويتعب العالم من الإحصاءات عن الجوع والاغتصاب، وعدد القذائف التي سقطت على مناطق مدنية"، لافتة إلى أن خمس سنوات كفيلة بتبديد الرحمة في القلوب. وتروي الكاتبة: "في أغسطس 2012، وبينما كنت أرسل تقاريراً لنيويورك تايمز، قصدت بصحبة صديقتي، مريم وأمها العجوز، بلدة داريا، وهي ضاحية سنية قريبة من دمشق. كان ذلك في يوم حار بعدما تعرضت داريا، المعروفة بمقاومتها العنيدة لنظام الرئيس بشار الأسد، لقصف وعملية تطهير دامت أياماً ونفذها الجيش السوري. (ويرفض النظام تحمل المسؤولية عن المذبحة ويلقيها على "جماعات إرهابية مسلحة"). وتؤكد دي جيوفاني أنه عند وصولها إلى داريا كانت الجثث قد جمعت، ولكنها لاتزال تتذكر تلك الرائحة الكريهة التي ملأت المكان، والتي لا تُنسى. وتقول: "أردت التحدث إلى شهود حول ما جرى، ولكن معظم الناس كانوا مختبئين داخل بيوتهم لشدة رعبهم من تجدد قصف المدافع والمروحيات. وفي ساحة المدينة، التقيت ببضعة أشخاص قصفت بيوتهم، لكنهم نجوا، وقد غطاهم الغبار والأوساخ". ويفيد ميكانيكي فقد إحدى عينيه بشظية، أنه بحث لمدة ثلاثة أيام عن أبيه ليجده أخيراً مقتولاً داخل مزرعة بالقرب من أطراف المدينة، مع ثلاثة شبان تتراوح أعمارهم بين 16 و 20 عاماً. وحصل ذلك في بداية الحرب، ولكن الوضع اليوم أسوأ. تقول جيوفاني إن "داريا وسواها من المناطق المحاصرة، ويصل عددها إلى 50 منطقة، وفق تقرير حديث، تؤوي أكثر من مليون شخص يعانون من حصار شديد، تنفذه قوات النظام السوري، وداعش. وهناك بلدتان في شمال سوريا، تحاصرهما قوات المعارضة.