أكدت الباحثة ابمعهد "كاتو" إيما آشفورد، أنه على أمريكا الاعتراف بأنها غير قادر على إصلاح سوريا, وأشارت فى تقرير لها أعده موقع "فوكس" الإخباري الأمريكي، أن التدخل العسكري للولايات المتحدة في سوريا، سيفضي على الأرجح إلى تفاقم الصراع في الحرب الأهلية، التي باتت حرب الجميع ضد الجميع، إلى أجل غير مسمى. ويستهل التقرير بالإشارة إلى أنه بينما تمضي الحرب الأهلية السورية قدماً نحو عامها السادس، تتعالى المطالبات بتدخل الولاياتالمتحدة، سواء كان ذلك بدافع وضع حد للمأساة الإنسانية في سوريا أو لقصف روسيا، وتنطوي تلك المطالب، على افتراض بسيط، وهو أن التدخل الأمريكي قادر على تحسين حياة المواطنين السوريين ووضع نهاية سريعة لهذا الصراع المميت، بالطبع إذا توافرت لدى الولاياتالمتحدة الإرادة السياسية والأخلاقية للقيام بذلك. وأشار التقرير إلى أن مثل هذا الافتراض خاطئ تماماً، إذ لا تتوافر لدى الولاياتالمتحدة سوى فرصة ضئيلة للنجاح، ومن المرجح أن يؤدي التدخل الأمريكي سواء أكان بدعم المعارضة المعتدلة، أو إنشاء منطقة حظر طيران، أو حتى توغل القوات البرية الأمريكية، إلى تفاقم الصراع. ويضيف التقرير: "على الرغم من أن الجيش الأمريكي هو الأقوى في العالم، فإنه في سياق الخصومات السياسية المستعصية في سوريا، والحقائق الجيوسياسية، على الأرجح لن يصلح الأمور، وسيفضي إلى إطالة الصراع لأجل غير مسمى". يقول التقرير: "لاشك أن الرغبة بتخفيض التكاليف الإنسانية المروعة للحرب الأهلية السورية، جديرة بالثناء، لاسيما بعد مقتل نحو ربع مليون سوري ونزوح أكثر 6,6 مليون شخص، وحصار 18 مدينة، كما باتت الأمور أكثر أسوء مع دخول القوات الروسية إلى الصراع". ويوضح التقرير أن ثمة أسباب أخرى تقف وراء المطالبات بالتدخل الأمريكي، أهمها أن الحقائق على الأرض هي التي تشكل النتائج الدبلوماسية، إذ أن أي تقدم ضد الرئيس السوري بشار الأسد أو الجماعات الإرهابية، من قبل جماعات معارضة قوية تدعمها الولاياتالمتحدة، من شأنه بالفعل أن يعزز نفوذ الولاياتالمتحدة في مفاوضات جنيف. بيد أن احتمالات تفاهم الاضطرابات في سوريا وأزمة اللاجئين، وما قد يسفر عنها من زعزعة الاستقرار الإقليمي، لا يزال مصدر قلق استراتيجي لصناع السياسة الأمريكية. وفيما يتعلق بالفكرة المقترحة لإنشاء منطقة حظر جوي أو منطقة آمنة، لكي يتمكن المدنيون السوريون من الحصول على المساعدات الإنسانية وكذلك الحماية من القصف العشوائي، يرى التقرير أن الفكرة تبدو في ظاهرها جاذبة، بيد أن عقبات كثيرة تحول دون تنفيذها بنجاح، فوجود منطقة آمنة تغطي مساحة نحو 20 كلم جنوب الحدود التركية، وفقاً لما هو مقترح، لن تساهم فعلياً في حماية المدنيين الأكثر عرضة لخطر القصف، وفي الوقت نفسه فإن توسيع المنطقة جنوباً باتجاه المدنيين في حلب، سيجعل القوات الأمريكية في مواجهة مباشرة مع القوات الروسية والسورية. وبحسب التقرير، ستظل هناك مشكلة للتمييز بين المدنيين ومقاتلي المعارضة، ودون توافر قوة برية كبيرة، سيكون من المستحيل منع الفصائل السورية العديدة المسلحة من استخدام تلك المنطقة الآمنة في التدريب أو حتى بصفتها ملاذاً آمناً، وعلاوة على ذلك، ستلجأ القوات الأخرى من تركيا وغيرها من الحلفاء الإقليميين الذين يدعمون المعارضة السورية ضد بشار الأسد منذ سنوات إلى الشيء نفسه. ويحذر التقرير من أنه في هذه الحالة لن يكون هناك مفر من تعرض القوات الروسية أو قوات الجيش السوري إلى هجمات تُستخدم فيها المنطقة الآمنة كقاعدة، الأمر الذي سيدفع روسيا إلى الانتقام، ومن ثم تزيد بشكل كبير احتمالات الصراع المباشر ما بين القوات الجوية الأمريكية والروسية. وحتى إذا تم التغلب على كل تلك العقبات، وهو سيناريو من غير المحتمل حدوثه، فإن وجود منطقة حظر جوي أو منطقة آمنة أو منطقة إنسانية، لن يحل في الواقع المشاكل الأساسية في سوريا، وبدلاً من ذلك، سينتج عنه إنشاء مناطق لمصالح كل من روسياوأمريكا، وتوسيع نطاق الصراع وإطالة أمده وربما يستمر إلى الأبد. وينتقد التقرير مقترحات التدخل الأمريكي من خلال تسليح جماعات المعارضة السورية، ويدعو إلى الحذر إزاء مثل هذا التصرف، لأن تلك الأسلحة ستسقط في أيدي المتطرفين، كما أن المزيد من الأسلحة لن تضع حداً أو نهاية للحرب في سوريا، ناهيك أن المعارضة تفتقر إلى الوحدة. يقول التقرير: "للأسف، ليس من المبالغة أن نقول أن سوريا باتت حرب الجميع ضد الجميع، بما في ذلك القتال بين جماعات المعارضة الكردية والسنية، وحتى جماعات المعارضة المدعومة من الولاياتالمتحدة بدأت الآن في محاربة بعضها، ولذلك فإن إمدادها بالمزيد من الأسلحة سيزيد وحشية الصراع ومدته". ويلفت التقرير إلى أن التركيز على نجاح القوات العسكرية الروسية مؤخراً دفع الكثيرين للاعتقاد أن التدخل الأمريكي قادر على حل المشاكل الأساسية في سوريا، ولكن القوات الروسية لديها حليف محدد ومتوحد يتمثل في قوات الجيش السوري الحكومي والميليشيات الإيرانية، والجميع لديه هدف واضح وهو استعادة سيطرة نظام بشار الأسد. ويرفض التقرير أيضاً الخيارات الأخرى الأكثر تطرفاً والبعيدة المنال مثل أن تقوم قوات الجيش الأمريكي بعملية غزو بري واسع النطاق لإسقاط الأسد وهزيمة داعش، مشيراً أن هذا لن يؤدى إلى إنشاء دولة سورية متماسكة ومقبولة لدى الشعب السوري أو حتى حلفاء الولاياتالمتحدة، ويتطلب مثل هذا الغزو الافتراضي احتلال القوات الأمريكيةلسوريا فترة لا تقل عن 10 سنوات، ولاشك أن الولاياتالمتحدة لا ترغب في تكرار اخفاقاتها في العراق وأفغانستان. ويختتم التقرير: "ينطوي التدخل الأمريكي في سوريا على مخاطر كبرى، أبرزها الصراع المباشر مع روسيا أو اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق، ولذلك تتقاعس إدارة أوباما وتسعى للوصول إلى تسوية دبلوماسية حتى إذا كانت معيبة الآن وتجعل لروسيا دوراً مهيمنا في مستقبل سوريا، إذ اختارت الولاياتالمتحدة أهون الشرّين بدلاً من الدخول في صراع دموي".