وصفت صحيفة "بوسطن جلوب" الأمريكية , موافقة كل من روسيا وامريكا على "هدنة" فى سوريا ب "الشئ الايجابى" وذلك للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحرومين تحت الحصار. واوضحت الصحيفة, أن هذه الهدنة، التي من المقرر أن تبدأ في غضون أسبوع، تأتي بينما يتقدم الجيش السوري والطائرات الروسية تقدماً سريعاً في حلب التي تُعد معقل المعارضة منذ عام 2012. وبحلول الوقت الذي يتم فيه تنفيذ الاتفاق، تكون القوات الحكومية السورية قد طوّقت بالفعل عشرات الآلاف من المدنيين في مناطق يسيطر عليها المتمردون في المدينة. وتعتقد الصحيفة أن الروس وافقوا على وقف الحرب لأن هذا التوقف الإنساني يسمح لهم ولحليفهم الرئيس السوري بشار الأسد بالسيطرة على أراضي ذات قيمة ويمنحهم ميزة في محادثات السلام في المستقبل. وتشير الصحيفة إلى سبب آخر للتشكيك في هذا الاتفاق حيث من المنتظر أن تلعب روسيا دوراً رئيسياً في تقديم الأغذية والأدوية إلى المدن المحاصرة، وهو ما يثير القلق لأن روسيا متواطئة مع نظام الأسد في استخدام الغذاء كسلاح للحرب. ولذا تؤكد الصحيفة ضروة أن يكون المجتمع الدولي يقظاً لضمان توزيع الأغذية إلى جميع المدنيين، وليس أولئك المقيمين في مناطق موالية للأسد. من هنا، لا تستغرب الصحيفة الانتقادات التي انطوت عليها تصريحات أعضاء من الجيش السوري الحر الذين يشككون في وقف إطلاق النار الوشيك. قال المتحدث باسم الجيش السوري الحر محمد الشيخ لصحيفة الغارديان البريطانية: "لا أحد يؤمن بذلك. فالحديث عن وقف إطلاق النار صار روتيناً". وقالت الصحيفة إن أكثر شخص ينبغي أن يكون على دراية بسلبيات هذا الاتفاق هو وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي شاهد روسيا وهي توقّع على وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا قبل عام، إلا أنهم انتهكوا الاتفاق في غضون أيام. وشددت الصحيفة على ضرورة أن يبذل كيري قصارى جهده لضمان أن يرقى جميع الأطراف إلى مستوى هذا الاتفاق. كما يجب عليه أيضاً إعداد "خطة بديلة" في حال عدم وفاء روسياوسوريا بالالتزام بوقف الأعمال العدائية والسماح بإيصال المساعدات إلى المدنيين في المدن التي يسيطر عليها المتمردون. وكجزء من هذه الخطة، تضيف الصحيفة، يجب على إدارة أوباما أن تنظر بجدية في إنشاء "منطقة آمنة" في شمال سوريا، من خلال الحدود التركية، لحماية المدنيين من قوات الأسد وداعش، مشيرة إلى أن إنشاء هذه المنطقة سيكون صعباً وخطيراً. واعتبرت الصحيفة إبعاد الجماعات المسلحة، الذين سيحاولون بلا شك استهداف المنطقة، وإيواء الملايين من الناس اثنين من التحديات الهائلة التي تواجهها الولاياتالمتحدة وحلفائها. وهذا هو السبب في رفض البيت الأبيض هذه الفكرة مراراً. وتجادل الصحيفة بضرورة موازنة تكلفة العمل مقابل الثمن الباهظ للتراخي. وبينما تواجه الولاياتالمتحدة ضغطاً متزايداً من حلفائها في أوروبا والشرق الأوسط لوقف موجة اللاجئين، تصبح المساعدة وتوفير منطقة إنسانية أكثر إلحاحاً. وعلى الرغم من أن التدخل الروسي صعّب من إمكانية إنشاء مثل هذه المنطقة، فلا ينبغي أن يُنظر إليها باعتبارها أمراً مستحيلاً. وتبين الصحيفة أن اثنين من الدبلوماسيين الأمريكيين المخضرمين- وهما وكيل الخارجية الأمريكية الأسبق للشؤون السياسية نيكولاس بيرنز والسفير الأمريكي السابق في العراق وتركيا جيمس جيفري- قالا مؤخراً لصحيفة واشنطن بوست أنه ينبغي دعوة روسيا للمشاركة في الائتلاف الذي يؤمن المنطقة الآمنة، إلا أن الولاياتالمتحدة وشركاءها يستطيعون المضي قدماً في ذلك الأمر في حال رفض روسيا المشاركة. وأكدت الصحيفة، في ختام افتتاحيتها، أن أكبر سبب لوضع خطة "منطقة آمنة" على الطاولة هو أنه سوف يُظهر لكل من الأسد والمعارضة السورية بأن الولاياتالمتحدة مستعدة أخيراً لاتخاذ إجراءات حاسمة لوضع حد للحرب الأهلية السورية. وإذا تم تنفيذ هذه الخطوة بشكل جيد، فإنها ستعمل على تعزيز النفوذ الأمريكي المتراجع في المنطقة. فالدبلوماسية في حالة عدم وجود خيار عسكري يُعتمد عليه تُعتبر مجرد كلام. وتحتاج سوريا بشدة إلى ما هو أكثر من الكلام في ظل أكثر من 250.000 قتيل و 12 مليون مشرد.