البنك المركزي المصري يبحث مع «التصدير والاستيراد» السعودي سبل تعزيز التجارة البينية    الحكومة تبحث التوسع في برامج الحماية التأمينية والصحية للعمالة غير المنتظمة    مجلس النواب الأمريكي يعتزم فرض عقوبات على أعضاء المحكمة الجنائية الدولية بسبب الموقف من إسرائيل    بعد قرار محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية في رفح.. ما ردود الأفعال في إسرائيل؟    جوارديولا: كتابة التاريخ أمام يونايتد هو حافز إضافي    عاجل:جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 للشعبتين علمي وأدبي.. كل ما تريد معرفته    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    هشام ماجد ينشر صورة من كواليس فيلمه الجديد إكس مراتي    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 11 مليون جنيه في 24 ساعة    فيلم رفعت عيني للسما يفوز بجائزة العين الذهبية بمهرجان كان    بري يؤكد تمسك لبنان بالقرار الأممي 1701 وحقه في الدفاع عن أرضه    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    قرار عاجل من جوميز قبل مواجهة الاتحاد السكندري في الدوري    أبرز رسائل التهنئة بعيد الأضحى 2024    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    وزير الصحة يكلف هيثم الشنهاب بتسيير أعمال مديرية الصحة والسكان بجنوب سيناء    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    مصرع وإصابة 3 أشخاص في الشرقية    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    بوليتيكو: واشنطن تدرس القيام بدور بارز في غزة بعد الحرب    مراسل "القاهرة الإخبارية": تجدد الاشتباكات بين الاحتلال والمقاومة برفح الفلسطينية    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    بفستان مستوحى من «شال المقاومة».. بيلا حديد تدعم القضية الفلسطينية في «كان» (صور)    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام أنشطة كلية التربية الرياضية    قافلة الواعظات بالقليوبية: ديننا الحنيف قائم على التيسير ورفع الحرج    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    محمد صلاح يستعد لمعسكر المنتخب ب «حلق شعره»    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    فنلندا: روسيا ربما تختبرنا من خلال خطة ترسيم حدودها    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في الأبقار.. تحذيرات وتحديات    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    في هذه الحالة احذر تناول البيض- خطر خفي على صحتك    الإسكان تتابع جهود قطاع المرافق لتعظيم الاستفادة من الحماة المنتجة من محطات معالجة الصرف الصحي    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    ألمانيا تعلن اعتقالها نتنياهو في هذه الحالة    البلتاجي: لا وجود لركلات الجزاء في مباراة الزمالك ومودرن فيوتشر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإخوان الجدد".. دراسة حديثة ترصد مخطط الجماعة للعودة إلى الحياة السياسية
نشر في الموجز يوم 18 - 08 - 2015

إجراء مراجعات داخلية واسعة لتلافي الأخطاء التي وقعت فيها منذ سقوط مبارك وحتى الإطاحة بمرسي من السلطة
هناك قناعة لدى الجماعة بأنهم لم تكن ثورية .. والقيادات الكبرى قلقة بشأن "جيل الشباب"
الجماعة أصبحت أقل هرمية وتركيزا على الجدوى التنظيمية الخاصة بها.. وأقل إصرارا على تمييز نفسها عن الجماعات الإسلامية والثورية الأخرى
بعد ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالإخوان المسلمين من الحكم ،وبعد أن حصدت الجماعة كراهية كل طوائف الشعب المصري بعد عام مليء بالأزمات في ظل حكم مرسي ،يسعى الإخوان إلى العودة إلى الحياة السياسية ،ولكن هناك اتجاهين داخل الجماعة الأول يطالب بالحفاظ على هيكلة التنظيم أولا والانتظار للفرصة المناسبة والثاني يرى ضرورة عمل ثورة قائمة على العنف من أجل العودة من جديد للحكم.. ماهو مستقبل جماعة الإخوان بعد ثورة 30 يوينو ؟ وكيف تتحرك الجماعة الآن ؟ هذين السؤالين كانا حديث الكاتبين ميشيل دان وناثان براون الباحثان في معهد كارنيجي للسلام في تقرير مطول لهما نشر على موقع المعهد. مؤكدين أن جماعة الإخوان باعتبارها أكبر حركة معارضة في مصر إضافة إلى كونها الأقدم ،تجد نفسها حاليا بين حملة أمنية غير مسبوقة وضغط من قبل جيل الشباب الذي يرغب في اتخاذ إجراءات أكثر حزما ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي .
وأوضح الباحثان أنهما قررا أن يتناولا هذه الجماعة أو الحركة التي استمرت لحقبة زمنية طويلة بالبحث لرصد التغيرات والتطورات التي طرأت عليها وتاريخها مع الثورة والكفاح وكيف اعتمدت استراتيجية العنف ضد الدولة والآثار المترتبة على تغير سياستها في مصر والمنطقة بأسرها .
وأشار التقرير إلى أنه حان للإخوان المسلمين في مصر الخروج من الخندق الدفاعي الذي فرض عليها خلال الثمانية عشر شهرا التي أعقبت ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي من رئاسة الجمهورية ،حيث تم اختيار هيئة جديدة للقيادة ،وبناء على مقابلات مع أعضاء ومراقبي الجماعة فقد تم ما بين مايو ويونيو من العام الجاري مراجعات داخلية واسعة لتلافي الأخطاء التي وقع فيها الإخوان منذ سقوط الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وحتى الإطاحة بمرسي في عام 2013 من السلطة
حيث كان نتيجة هذه المراجعات أن الجماعة اقتنعت بأنها لم تكن ثورية بما يكفي ،وتساءل التقرير كيف سيتم ترجمة هذه النتيجة إلى إستراتيجية سياسية محددة ؟ ويبدو أن الأمر حتى الآن غير محدد وغير واضح وربما لم تقرر استراتيجية جديدة بعد.. لكن من الواضح أن قادة الإخوان المسلمين قلقون بشأن الإبقاء على الأعضاء من الشباب،فأعضاء هذا الجيل الأصغر سنا لهم أهداف رئيسية سوف تنطوي على انتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان إضافة إلى السلوك المتطرف وتوظيفه لتحقيق هذه الأهداف،سواء من قبل عصابات صغيرة أو منظمات كبيرة مثل جماعة أنصار بيت المقدس في سيناء والتي أصبحت تنتمي إلى داعش.
وأكد التقرير أن شيوخ الإخوان أصروا في الماضي على الانضباط الصارم في الرتب الدنيا والصبر والتدرج ،وتجنب المواجهة الكاملة مع النظام بينما الشباب لا يعنيهم هذا الأمر كثيرا.
وأوضح التقرير أن تصاعد العنف في مصر في صيف 2015 ،والذي نتج عنه اغتيال النائب العام هشام بركات في 29 يونيو في حادثة كانت الأولى من نوعها منذ 20 عاما لاغتيال مسئول بهذا الحجم ،وكذلك شن التنظيم أكبر هجوم على الجيش في سيناء حتى الآن في 1 يوليو .
وذكر التقرير أن إعادة تنظيم وتوجيه جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن يكون لها آثار بعيدة المدى على الحركة والإسلام السياسي بشكل عام وأيضا مستقبل مصر السياسي .
وقال التقرير إن الإخوان المسلمين في مصر ربما تكون المنظمة غير الحكومية الأكثر نجاحا في تاريخ البلاد،ودائما ما تكون مزدهرة في فترات التسامح مع الدولة وباقية على قيد الحياة حتى في فترات تعرضها للعداء وأحيانا تقوم بإعادة اختراع نفسها على مدى ما يقرب من تسعة عقود , فقد تعرضت الجماعة لحملة أمنية في عهد جمال عبد الناصر في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ،بعد محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس الراحل ،وسرعان ما تم حظرها واعتقال ومحاكمة حوالي 1000 من أعضائها وحكم على 4 منهم بالإعدام في عام 1964 منهم سيد قطب ،الذي ينسب له الأفكار التكفيرية حيث ادعى أن المجتمعات القائمة ليست إسلامية حقيقية وبالتالي فهي أهداف مشروعة للحرب ،وكانت أفكاره وقودا لعدة أجيال من المتطرفين الإسلاميين ،مثل الذين اغتالوا بعد ذلك الرئيس أنور السادات عام 1981 ،وامتدت جذور هذه الأفكار وتطورت في اتجاهات مختلفة فالبعض من الذين انتهجوا هذه الأفكار شنوا حملة للعمليات الإرهابية في فترة التسعينيات هزت مصر كلها والبعض الآخر انجذب نحو تنظيم القاعدة مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.
وفى المطلق جماعة الإخوان لم تعتمد على فكرة أن الدولة المصرية جزءا من الجاهلية ،وبدلا من ذلك دعت للمشاركة في النظام وتطوير المجتمع من خلال الإصلاح والتدرج ،ففي السبعينيات ، سمح السادات للجماعة بالعودة بكل معنى الكلمة ،ليقوموا بعمل توازن في مواجهة القوى اليسارية ،وفي الثمانينيات سمح حسني مبارك لأعضاء الجماعة بالترشح للانتخابات على الرغم من أنهم ينتمون لمنظمة غير قانوية ،حيث ترشحوا على قوائم الأحزاب السياسية التي كانت حريصة على الحصول على أي صوت انتخابي وبذلك بنى الإخوان وجودهم السياسي تدريجيا وحصلوا على 20% من مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2005 .. لكن التقدم السياسي للحركة لم يكن ثابتا ،وبدلا من ذلك بدأ النظام في تحجيم عملها السياسي وشهدت الفترة ما بين عامي 2006 و2011 سجن عدد من أعضاء الجماعة ومنعهم من الترشح
وبعد أربعة عقود من السياسة المتحولة تفاجأت جماعة الإخوان المسلمين كغيرها من المصريين في عام 2011 بالثورة الشعبية ضد مبارك ،والتي شكلت لهم فرصة سياسية لتشكيل حزب الحرية والعدالة ،وتبع ذلك سلسلة من الانتصارات السياسية الانتخابية للإخوان والتي بلغت ذروتها بالفوز بالرئاسة في يونيو عام 2012 ،مما فتح المجال لأكبر سلسلة دولية ومحلية غير عادية من التسريبات وتبادل الاتهامات بشأن الصراع الداخلي أكثر من أي وقت مضى ولم تزد فترة وجود محمد مرسي في الرئاسة أكثر من عام حيث لم تكن جماعة الإخوان المسلمين مؤهلة للحكم ،حيث شهدت هذه الفترة معارضة سياسية وصراع مع مؤيدي الإخوان ،وأبدت الجماعة عدم اهتمام بمشاركة غير الإسلاميين في وضع الدستور ،ودخلت السلطة في مواجهة مع القضاء كما عزلت نفسها أيضا عن السلفيين.
وكانت الخطوة التالية هي مطالبة المعارضة بانتخابات رئاسية مبكرة ،واندلعت الثورة التي أطاحت بمرسي في يوليو 2013 ،وكان لذلك رد فعل من قبل الإخوان وحلفائها الإسلاميين الآخريين الذين نظموا مظاهرات كبيرة واعتصاما ضخما،مما دفع الدولة لفضه بالقوة وقابل الإخوان هذا الأمر بالعنف فهاجموا مراكز الشرطة والكنائس وغيرها من الأهداف التابعة للدولة.
وبالتوازي مع هذه التطورات ،استغل المتشددون الذين يتخذون من سيناء مقرا لهم الفرصة لتصعيد هجومهم على القوات المسلحة المصرية ،ومن أهم الجماعات التي نفذت عمليات ضد الجيش كانت جماعة انصار بيت المقدس التي ركزت في البداية على أهداف إسرائيلية ولكن بعد ذلك تحولت إلى الجنود المصريين مما أسفر عن مقتل 16 جنديا في كمين في 9 أغسطس 2012 , وشهدت الفترة ما بين خريف 2013 وصيف 2015 تصاعدا للهجمات التي باتت يومية ما بين عمليات صغيرة وأخرى كبيرة في بعض الأحيان على مواقع الجيش ما أسفر عن مقتل المئات من الجيش والمسلحين
ووفقا للتقرير قد أدت التجارب الصعبة للجماعة المتمثلة في الانفتاح السياسي في فترة وجيزة والفوضى منذ أوائل عام 2011 إلى يونيو عام 2013 فضلا عن الآلام الشديدة التي تعرضت لها منذ التاريخ الأخير وحتى عام 2015 ،إلى تشكيكها في قيمة العديد من الإنجازات التي تحققت في العقود السابقة والتي كانت بطيئة إلا انها في ارتفاع منذ عهد عبد الناصر.
وأشار التقرير إلى أنه ليس هناك خلط مع مفاهيم الجماعة فهى الآن عند نقطة تحول كالحرب صعبة وبعيدة المدى في آثارها كما حدث في أعقاب الاشتباك مع النظام في فترة الخمسينيات والستينيات ومن الواضح أن التحولات الجارية مشابهة ،فالمنظمة أصبحت أقل هرمية وأقل تركيزا على الجدوى التنظيمية الخاصة بها ،وأقل إصرارا على تمييز نفسها عن الجماعات الإسلامية والثورية الأخرى ،ونتيجة لهذه التغيرات فقد اختلفت الحركة عما كانت عليه في الماضي القريب كما لاحظ بعض المراقبين
والسؤال الآن إلى أي مدي سيذهب هذا التغيير بالإخوان؟.
والخطوة الأولى بعيدا عن التسلسل الهرمي الجامد اللافتة للنظر فخلال فترات نمو الجماعة كانت تتضمن الاتجاهات والرؤى المتعددة ولكن القيادة العليا المتمثلة في مكتب الإرشاد كانت متحفظة وقادرة على السيطرة المحكمة على المسائل التنظيمية،ففي حين كان أعضاء الجماعة لديهم الحرية لمناقشة ما يرون وبإمكانهم الاختلاف في العديد من المسائل ،إلا أنه حينما يحين وقت الفعل أو حتى التعبير عن الآراء الفردية حول بعض القضايا العقائدية والمذهبية في العلن قد لا يحدث الأمر نهائيا في كثير من الأحيان ومن يفعل دون ذلك ربما يتعرض لمواجهة إجراءات تأديبية ،ووجود خلايا ضيقة مرتبطة بشكل هرمي سمح للجماعة بالعمل المتماسك ،وفي الواقع كان واحدا من الأسباب التي مكنت الجماعة من الأداء الجيد في الانتخابات قدرتها على تحويل نفسها إلى آلة لجمع الأصوات ،وهذا لا يعني أن سيطرة القيادة على الأعضاء كانت في وقت الانتخابات فقط ،فالتسلسل الهرمي كان يسمح للمنظمة بتنفيذ قرارات صعبة مما جعلها تحافظ على نفسها في ظل ظروف غير مواتية ،وكان يتم نشر مواردها بطرق بارعة من الناحية التكتيكية.
أما في الفترة الحالية تبدو الجماعة على النقيض ،فالقادة الأكبر سنا أصبحوا تحت ضغط من القواعد ويبدو أن الأعضاء الكبار على استعداد للتصدي لرغبة الصغار، حيث أكد عضو بارز في اسطنبول التزام الحركة بنبذ العنف ،لكنه أشار إلى أن رغبة الشباب مفهومة للانتقام حيث يروا أن المعارضة لا جدوى لها.
ولاحظ أحد أعضاء الجماعة وفقا للتقرير مدى اختلاف الجيل الصاعد وأرجع ذلك جزئيا إلى التجارب التكوينية في الفترة ما بين 2011و 2013 ،حيث لم يتربوا فقط على قيم الإخوان ولكنهم تشكلوا من خلال المظاهرات والمنتديات على الانترنت وأفكار الحرية الشخصية المستفادة من الخارج وحتى من أفلام هوليود.
ونقل التقرير عن إسلامي آخر ليس عضوا بالجماعة ولكنه مقرب لها أنه لا يوجد زعيم ولا سلطة معنوية الان داخل الجماعة ولا أحد يستطيع أن يقول للأعضاء "ثقوا بي" خلال إجابته على أسئلة القواعد ،وتحولت الجماعة إلى منظمة مقتضبة وقيدت نفسها بالبيانات الرسمية التي تبدو حبر على ورق بسبب الخلافات ،مما يسمح لبعض الأفراد بإطلاق تصريحات نارية تبدو شخصية وليست تنظيمية وفقا له.
وأضاف التقرير أن جماعة الإخوان لم تعد كما كانت من قبل تركز على الحماية الذاتية ،ففي فترة السبعينيات تم إعادة بناء التنظيم ببطء في فترة السبعينيات حيث كان هناك شعور بالدور التاريخي للجماعة على المدى الطويل ،وقد تعهدوا أنهم في مهمة تتطلب الحركة المستمرة الصحية والقدرة على البقاء ،وكانت الاحتياجات التنظيمية ليست غاية في حد ذاتها بل كانت وسيلة لتحقيق الأهداف الإصلاحية والدينية للحركة ،ولكن من خلال الحفاظ على وحماية الإخوان ،وقد توارث قادة الإخوان عبر الأجيال الأدوات اللازمة لتحسين المجتمع حتى لو كانت الظروف لا تبشر بالخير في أي فترة زمنية وهذا ما يفسر تردد وحذر القادة في العديد من اللحظات التاريخية الهامة
ومع ذلك فإنه حتى الآن تبدو الجماعة أقل رغبة في المجازفة ،فربما يشعر عدد من الأعضاء أن لديهم الكثير ليخسروه ولكن التحول يبدو أيضا نتاج القوة المتزايدة للشباب داخل الحركة بما في ذلك صعودهم إلى المناصب القيادية ويرجع ذلك جزئيا إلى سجن معظم كبار القادة.
ولفت التقرير إلى أن الإخوان حاليا لم يضعوا أنفسهم بشكل حاد في مواجهة المعارضة ،بمعنى أنه في السابق أدت قوة التنظيم والانضباط إلى رسم خطوط حادة جدا بين من في الحركة ومن خارجها وبين حتى درجة الأعضاء داخل التنظيم ،وكانت النتيجة وجود مجموعة من الروابط الشخصية الضيقة التي أضافت على الإخوان نوعا من الإنعزالية وأحيانا لهجة صماء في أفضل الحالات عند التعامل مع غير الأعضاء, والبيئة الجديدة جعلت القاعدة أكثر تمكينا في الجماعة ،وبدأ الأعضاء الذين قضوا فترة وجيزة من حياتهم في الجماعة يأخذون زمام المبادرة ،ويبدو انهم أكثر استعدادا للوصول إلى أهدافهم دون الالتزام بقواعد المنظمة.
وأشار التقرير إلى أن أحد الإسلاميين الشباب وهو غير عضو بالجماعة أكد أنه لم يعد بإمكانهم الاستماع إلى قيادات الإخوان طوال الوقت ،كما أكد النشطاء الأصغر سنا أن المناقشات تمت بين أعضاء الجماعة وغير الأعضاء الموالين لها في المنفى وفي مصر حول اتجاه حركات المعارضة والإسلام السياسي بشكل عام , وفي حين أنه من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت نوعا مختلفا من التنظيم فالهياكل القديمة لاتزال موجودة ،ويعي القادة أنهم وجدوا طريقة لإعادة الهياكل القديمة وإعادة صياغتها وتشكيلها في ظل البيئة الجديدة.
وقد كانت العديد من المناصب في مكتب الإرشاد شاغرة ورغم أن أسماء من شغلوا هذه المناصب محاطة بالسرية إلا أنه توجد خطط للطوارئ بحيث تحل أسماء أخرى محل القادة الجديد في حال تم القبض عليهم ،وفي بعض الحالات وضع خط للخلافة لعدة طبقات عميقة , وقد تم إنشاء هيئة جديدة خارجية لإدارة أعضاء الجماعة في المنفى ،ومقرها اسطنبول وهذا المكتب برئاسة أحمد عبد الرحمن عضو مجلس الشورى السابق ،وهو الاسم الذي يعطى انطباعا أن الجماعة سوف تسير وفقا لنظامها القديم ،لكن يضم المكتب بعض الأسماء التي تبدو أكثر عالمية بكثير مثل عمرو دراج ويحيى حامد وكان الإثنين وزيرين في عهد مرسي ،أما باقي أسماء أعضاء المكتب فلم يعلن عنها ،ورغم ذلك فإن هذه المجموعة الموجودة في اسطنبول لاتقدم نفسها باعتبارها قيادة الجماعة ولكنها تعلن ولائها لمكتب الإرشاد في مصر إلا أنها فقد توفر البديل للتفاعل مع المحاورين الدوليين.
وأشار التقرير إلى أنه من الصعب أن نصف ما يحدث داخل الجماعة بأنه نوعا من الانتعاش التنظيمي أو ربما التبجح ،لكن حتى لو كانت هذه المعلومات صحيحة فيجب على الإخوان أن يعترفوا بضرورة أن يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة التحديات الجديدة .
وأوضح التقرير أنه في مقابلات مع الإسلاميين الشباب في ربيع 2015 البعض منهم ينتمي للجماعة والآخر لا ،ظهر أنهم لا يزالوا غاضبين وهناك خلافات بينهم وبين قياداتهم بعد عامين من ثورة 30 يونيو وليسو في مزاج لتقبل أي انتقادات لهم ،لكن يبدو ان القيادات الأكبر سنا تقبلت انتقادات الشباب الداخلية بخنوع ،واتفقوا على منحهم الكثير ليس فقط خلال المناقشات ولكن أيضا منحهم الأدوار القيادية ،فوفقا للتقاير فإن حوالي ربع أعضاء مكتب الإرشاد الجديد بمصر تحت سن الخامسة والأربعين إضافة إلى عضو واحد على الأقل تحت سن الثلاثين.
وأوضح التقرير أن جوهر الانتقادات الداخلية التي وجهها الشباب إلى القيادات كان ببساطة فشلهم في الاعتراف بأن انتفاضة 2011 كانت ثورة حقيقية في المجتمع المصري وكان عليهم التصرف وفقا لذلك،واتهموهم بعدم محاولة إيجاد قضية مشتركة بينهم وبين أولئك الذين يريدون تغيير حقيقي ،وبدلا من ذلك اختاروا السيطرة على الدولة المصرية عبر الانتخابات السريعة ،ثم محاولة وضع إصلاحات على نحو متواضع من خلال خطة فشلت فشلا ذريعا.
ونقل التقرير عن أحد الشباب قوله: "لقد فشلنا في البناء على أساس القيم العميقة التي ظهرت أثناء الثورة" وأضاف أنه " بدلا من اتخاذ الوقت اللازم في المرحلة الانتقالية ذهبنا لإيجاد حلول سياسية سطحية".
وقال آخر: "لقد كانت هناك مشكلة في التحرك تجاه الانتخابات بسرعة وكان هناك فئة كبيرة ممن شاركوا في الثورة غير ممثلين في العملية السياسية" .
وذكر التقرير أن المتحاورين الكبار والصغار اتفقوا على أن الثورة كانت لا إسلامية وغير أيدولوجية ،وقال أحد الأعضاء الكبار: " للأسف الإخوان كان لديهم مشروع معين منذ قرن وحاولوا تنفيذه بعد عام 2011 ،ولم يدركوا انه لم يصبح مناسبا لدولة في ثورة"
واعترف أحد الأعضاء بأن قيادات الجماعة كانوا ينظرون للخلف عندما قرروا أن يستمر مرسي في مواجهة القوى المعارضة الصاخبة ،وتحالف مع السلفيين في البرلمان وكان ذلك كارثة ،فلم يكن هذا ما أرادته الثورة.
وقال آخر: إنه كان يجب اتخاذ خطوات أكثر ثورية لإعادة هيكلة المؤسسات الهامة مثل القطاع الأمنى ولكن الإخوان فضلوا بدلا من ذلك استرضائهم.
رغم ذلك فإن قادة الإخوان حساسون جدا حيال الإيحاء بانهم خانوا ثورة 2011 ،ولكنهم اتفقوا مع الشباب والشيوخ على أن القرارات التي اتخذتها القيادة للعمل مع الدولة كانت ساذجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.