الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان    هربوا من الحر فاحتضنتهم الترعة.. نهاية مأساوية لثلاثة أطفال غرقوا بقرية درين في نبروه بالدقهلية    محافظ الإسكندرية: توجيهات رئاسية بإعادة إحياء موقع أبو مينا الأثري    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    وزير العدل يتفقد أعمال تطوير محكمة جنوب الجيزة الابتدائية    انتقدت خطة ترامب لتهجير مليون غزاوى إلى ليبيا .. حماس : ليس من حق أى طرف خارجى الحديث نيابةً عن الفلسطينيين    مصطفى مدبولي يستعرض مقترحا حول الاستغلال الأمثل لمسار العائلة المقدسة    إزالة 88 حالة تعد ضمن المرحلة الأولى للموجه ال 26 بأسوان    غادة إبراهيم وبوسي شلبي.. تصاعد الخلاف بين الفنانة والإعلامية بسبب مقطع «أوضة ضلمة» (قصة كاملة)    ياسمين صبري تشارك متابعيها كواليس «فوتوسيشن» جديد    في جراحة دقيقة وعاجلة.. فريق طبي ينقذ يد مريض من البتر ب مستشفى السنبلاوين العام    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    وفاة طفلين توأم في انقلاب سيارة بترعة في البحيرة    المحاولة الخامسة منذ 2008.. توتنهام يبحث عن منصات التتويج أمام مانشستر يونايتد    تجهيز اللاعبين وجوانب خططية.. الزمالك يختتم معسكره استعدادا لمواجهة بتروجيت    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات بين الأهلي ووادي دجلة (مستند)    «بعد حديث مهيب».. أسامة حسني يكشف تفاصيل تمديد عقد إمام عاشور مع الأهلي    بآلة حادّة.. شاب يقتل والدته جنوبي قنا    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    بث مباشر.. الأهلي 13-11 الزمالك.. دوري السوبر للسلة    محافظ سوهاج يسلم التأشيرات والتذاكر للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    بعد 9 سنوات.. تطوير ملاعب الناشئين في نادي الزمالك    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    جدل لغز ابن نجم شهير.. هل موجود أم لا ؟ | فيديو    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء يعرب عن تقديره لدور «السعودية» الداعم للقضايا العربية    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    بالصور.. يسرا وهدى المفتي من كواليس تصوير فيلم الست لما    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    "أمين عام مجمع اللغة العربية" يطلب من النواب تشريع لحماية لغة الضاد    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: تصريحات يائير جولان إقرار واضح بجريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    «الوطني الفلسطيني» يرحب ببيان بريطانيا وفرنسا وكندا لوقف العدوان على غزة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإخوان الجدد".. دراسة حديثة ترصد مخطط الجماعة للعودة إلى الحياة السياسية
نشر في الموجز يوم 18 - 08 - 2015

إجراء مراجعات داخلية واسعة لتلافي الأخطاء التي وقعت فيها منذ سقوط مبارك وحتى الإطاحة بمرسي من السلطة
هناك قناعة لدى الجماعة بأنهم لم تكن ثورية .. والقيادات الكبرى قلقة بشأن "جيل الشباب"
الجماعة أصبحت أقل هرمية وتركيزا على الجدوى التنظيمية الخاصة بها.. وأقل إصرارا على تمييز نفسها عن الجماعات الإسلامية والثورية الأخرى
بعد ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالإخوان المسلمين من الحكم ،وبعد أن حصدت الجماعة كراهية كل طوائف الشعب المصري بعد عام مليء بالأزمات في ظل حكم مرسي ،يسعى الإخوان إلى العودة إلى الحياة السياسية ،ولكن هناك اتجاهين داخل الجماعة الأول يطالب بالحفاظ على هيكلة التنظيم أولا والانتظار للفرصة المناسبة والثاني يرى ضرورة عمل ثورة قائمة على العنف من أجل العودة من جديد للحكم.. ماهو مستقبل جماعة الإخوان بعد ثورة 30 يوينو ؟ وكيف تتحرك الجماعة الآن ؟ هذين السؤالين كانا حديث الكاتبين ميشيل دان وناثان براون الباحثان في معهد كارنيجي للسلام في تقرير مطول لهما نشر على موقع المعهد. مؤكدين أن جماعة الإخوان باعتبارها أكبر حركة معارضة في مصر إضافة إلى كونها الأقدم ،تجد نفسها حاليا بين حملة أمنية غير مسبوقة وضغط من قبل جيل الشباب الذي يرغب في اتخاذ إجراءات أكثر حزما ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي .
وأوضح الباحثان أنهما قررا أن يتناولا هذه الجماعة أو الحركة التي استمرت لحقبة زمنية طويلة بالبحث لرصد التغيرات والتطورات التي طرأت عليها وتاريخها مع الثورة والكفاح وكيف اعتمدت استراتيجية العنف ضد الدولة والآثار المترتبة على تغير سياستها في مصر والمنطقة بأسرها .
وأشار التقرير إلى أنه حان للإخوان المسلمين في مصر الخروج من الخندق الدفاعي الذي فرض عليها خلال الثمانية عشر شهرا التي أعقبت ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي من رئاسة الجمهورية ،حيث تم اختيار هيئة جديدة للقيادة ،وبناء على مقابلات مع أعضاء ومراقبي الجماعة فقد تم ما بين مايو ويونيو من العام الجاري مراجعات داخلية واسعة لتلافي الأخطاء التي وقع فيها الإخوان منذ سقوط الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وحتى الإطاحة بمرسي في عام 2013 من السلطة
حيث كان نتيجة هذه المراجعات أن الجماعة اقتنعت بأنها لم تكن ثورية بما يكفي ،وتساءل التقرير كيف سيتم ترجمة هذه النتيجة إلى إستراتيجية سياسية محددة ؟ ويبدو أن الأمر حتى الآن غير محدد وغير واضح وربما لم تقرر استراتيجية جديدة بعد.. لكن من الواضح أن قادة الإخوان المسلمين قلقون بشأن الإبقاء على الأعضاء من الشباب،فأعضاء هذا الجيل الأصغر سنا لهم أهداف رئيسية سوف تنطوي على انتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان إضافة إلى السلوك المتطرف وتوظيفه لتحقيق هذه الأهداف،سواء من قبل عصابات صغيرة أو منظمات كبيرة مثل جماعة أنصار بيت المقدس في سيناء والتي أصبحت تنتمي إلى داعش.
وأكد التقرير أن شيوخ الإخوان أصروا في الماضي على الانضباط الصارم في الرتب الدنيا والصبر والتدرج ،وتجنب المواجهة الكاملة مع النظام بينما الشباب لا يعنيهم هذا الأمر كثيرا.
وأوضح التقرير أن تصاعد العنف في مصر في صيف 2015 ،والذي نتج عنه اغتيال النائب العام هشام بركات في 29 يونيو في حادثة كانت الأولى من نوعها منذ 20 عاما لاغتيال مسئول بهذا الحجم ،وكذلك شن التنظيم أكبر هجوم على الجيش في سيناء حتى الآن في 1 يوليو .
وذكر التقرير أن إعادة تنظيم وتوجيه جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن يكون لها آثار بعيدة المدى على الحركة والإسلام السياسي بشكل عام وأيضا مستقبل مصر السياسي .
وقال التقرير إن الإخوان المسلمين في مصر ربما تكون المنظمة غير الحكومية الأكثر نجاحا في تاريخ البلاد،ودائما ما تكون مزدهرة في فترات التسامح مع الدولة وباقية على قيد الحياة حتى في فترات تعرضها للعداء وأحيانا تقوم بإعادة اختراع نفسها على مدى ما يقرب من تسعة عقود , فقد تعرضت الجماعة لحملة أمنية في عهد جمال عبد الناصر في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ،بعد محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس الراحل ،وسرعان ما تم حظرها واعتقال ومحاكمة حوالي 1000 من أعضائها وحكم على 4 منهم بالإعدام في عام 1964 منهم سيد قطب ،الذي ينسب له الأفكار التكفيرية حيث ادعى أن المجتمعات القائمة ليست إسلامية حقيقية وبالتالي فهي أهداف مشروعة للحرب ،وكانت أفكاره وقودا لعدة أجيال من المتطرفين الإسلاميين ،مثل الذين اغتالوا بعد ذلك الرئيس أنور السادات عام 1981 ،وامتدت جذور هذه الأفكار وتطورت في اتجاهات مختلفة فالبعض من الذين انتهجوا هذه الأفكار شنوا حملة للعمليات الإرهابية في فترة التسعينيات هزت مصر كلها والبعض الآخر انجذب نحو تنظيم القاعدة مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.
وفى المطلق جماعة الإخوان لم تعتمد على فكرة أن الدولة المصرية جزءا من الجاهلية ،وبدلا من ذلك دعت للمشاركة في النظام وتطوير المجتمع من خلال الإصلاح والتدرج ،ففي السبعينيات ، سمح السادات للجماعة بالعودة بكل معنى الكلمة ،ليقوموا بعمل توازن في مواجهة القوى اليسارية ،وفي الثمانينيات سمح حسني مبارك لأعضاء الجماعة بالترشح للانتخابات على الرغم من أنهم ينتمون لمنظمة غير قانوية ،حيث ترشحوا على قوائم الأحزاب السياسية التي كانت حريصة على الحصول على أي صوت انتخابي وبذلك بنى الإخوان وجودهم السياسي تدريجيا وحصلوا على 20% من مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2005 .. لكن التقدم السياسي للحركة لم يكن ثابتا ،وبدلا من ذلك بدأ النظام في تحجيم عملها السياسي وشهدت الفترة ما بين عامي 2006 و2011 سجن عدد من أعضاء الجماعة ومنعهم من الترشح
وبعد أربعة عقود من السياسة المتحولة تفاجأت جماعة الإخوان المسلمين كغيرها من المصريين في عام 2011 بالثورة الشعبية ضد مبارك ،والتي شكلت لهم فرصة سياسية لتشكيل حزب الحرية والعدالة ،وتبع ذلك سلسلة من الانتصارات السياسية الانتخابية للإخوان والتي بلغت ذروتها بالفوز بالرئاسة في يونيو عام 2012 ،مما فتح المجال لأكبر سلسلة دولية ومحلية غير عادية من التسريبات وتبادل الاتهامات بشأن الصراع الداخلي أكثر من أي وقت مضى ولم تزد فترة وجود محمد مرسي في الرئاسة أكثر من عام حيث لم تكن جماعة الإخوان المسلمين مؤهلة للحكم ،حيث شهدت هذه الفترة معارضة سياسية وصراع مع مؤيدي الإخوان ،وأبدت الجماعة عدم اهتمام بمشاركة غير الإسلاميين في وضع الدستور ،ودخلت السلطة في مواجهة مع القضاء كما عزلت نفسها أيضا عن السلفيين.
وكانت الخطوة التالية هي مطالبة المعارضة بانتخابات رئاسية مبكرة ،واندلعت الثورة التي أطاحت بمرسي في يوليو 2013 ،وكان لذلك رد فعل من قبل الإخوان وحلفائها الإسلاميين الآخريين الذين نظموا مظاهرات كبيرة واعتصاما ضخما،مما دفع الدولة لفضه بالقوة وقابل الإخوان هذا الأمر بالعنف فهاجموا مراكز الشرطة والكنائس وغيرها من الأهداف التابعة للدولة.
وبالتوازي مع هذه التطورات ،استغل المتشددون الذين يتخذون من سيناء مقرا لهم الفرصة لتصعيد هجومهم على القوات المسلحة المصرية ،ومن أهم الجماعات التي نفذت عمليات ضد الجيش كانت جماعة انصار بيت المقدس التي ركزت في البداية على أهداف إسرائيلية ولكن بعد ذلك تحولت إلى الجنود المصريين مما أسفر عن مقتل 16 جنديا في كمين في 9 أغسطس 2012 , وشهدت الفترة ما بين خريف 2013 وصيف 2015 تصاعدا للهجمات التي باتت يومية ما بين عمليات صغيرة وأخرى كبيرة في بعض الأحيان على مواقع الجيش ما أسفر عن مقتل المئات من الجيش والمسلحين
ووفقا للتقرير قد أدت التجارب الصعبة للجماعة المتمثلة في الانفتاح السياسي في فترة وجيزة والفوضى منذ أوائل عام 2011 إلى يونيو عام 2013 فضلا عن الآلام الشديدة التي تعرضت لها منذ التاريخ الأخير وحتى عام 2015 ،إلى تشكيكها في قيمة العديد من الإنجازات التي تحققت في العقود السابقة والتي كانت بطيئة إلا انها في ارتفاع منذ عهد عبد الناصر.
وأشار التقرير إلى أنه ليس هناك خلط مع مفاهيم الجماعة فهى الآن عند نقطة تحول كالحرب صعبة وبعيدة المدى في آثارها كما حدث في أعقاب الاشتباك مع النظام في فترة الخمسينيات والستينيات ومن الواضح أن التحولات الجارية مشابهة ،فالمنظمة أصبحت أقل هرمية وأقل تركيزا على الجدوى التنظيمية الخاصة بها ،وأقل إصرارا على تمييز نفسها عن الجماعات الإسلامية والثورية الأخرى ،ونتيجة لهذه التغيرات فقد اختلفت الحركة عما كانت عليه في الماضي القريب كما لاحظ بعض المراقبين
والسؤال الآن إلى أي مدي سيذهب هذا التغيير بالإخوان؟.
والخطوة الأولى بعيدا عن التسلسل الهرمي الجامد اللافتة للنظر فخلال فترات نمو الجماعة كانت تتضمن الاتجاهات والرؤى المتعددة ولكن القيادة العليا المتمثلة في مكتب الإرشاد كانت متحفظة وقادرة على السيطرة المحكمة على المسائل التنظيمية،ففي حين كان أعضاء الجماعة لديهم الحرية لمناقشة ما يرون وبإمكانهم الاختلاف في العديد من المسائل ،إلا أنه حينما يحين وقت الفعل أو حتى التعبير عن الآراء الفردية حول بعض القضايا العقائدية والمذهبية في العلن قد لا يحدث الأمر نهائيا في كثير من الأحيان ومن يفعل دون ذلك ربما يتعرض لمواجهة إجراءات تأديبية ،ووجود خلايا ضيقة مرتبطة بشكل هرمي سمح للجماعة بالعمل المتماسك ،وفي الواقع كان واحدا من الأسباب التي مكنت الجماعة من الأداء الجيد في الانتخابات قدرتها على تحويل نفسها إلى آلة لجمع الأصوات ،وهذا لا يعني أن سيطرة القيادة على الأعضاء كانت في وقت الانتخابات فقط ،فالتسلسل الهرمي كان يسمح للمنظمة بتنفيذ قرارات صعبة مما جعلها تحافظ على نفسها في ظل ظروف غير مواتية ،وكان يتم نشر مواردها بطرق بارعة من الناحية التكتيكية.
أما في الفترة الحالية تبدو الجماعة على النقيض ،فالقادة الأكبر سنا أصبحوا تحت ضغط من القواعد ويبدو أن الأعضاء الكبار على استعداد للتصدي لرغبة الصغار، حيث أكد عضو بارز في اسطنبول التزام الحركة بنبذ العنف ،لكنه أشار إلى أن رغبة الشباب مفهومة للانتقام حيث يروا أن المعارضة لا جدوى لها.
ولاحظ أحد أعضاء الجماعة وفقا للتقرير مدى اختلاف الجيل الصاعد وأرجع ذلك جزئيا إلى التجارب التكوينية في الفترة ما بين 2011و 2013 ،حيث لم يتربوا فقط على قيم الإخوان ولكنهم تشكلوا من خلال المظاهرات والمنتديات على الانترنت وأفكار الحرية الشخصية المستفادة من الخارج وحتى من أفلام هوليود.
ونقل التقرير عن إسلامي آخر ليس عضوا بالجماعة ولكنه مقرب لها أنه لا يوجد زعيم ولا سلطة معنوية الان داخل الجماعة ولا أحد يستطيع أن يقول للأعضاء "ثقوا بي" خلال إجابته على أسئلة القواعد ،وتحولت الجماعة إلى منظمة مقتضبة وقيدت نفسها بالبيانات الرسمية التي تبدو حبر على ورق بسبب الخلافات ،مما يسمح لبعض الأفراد بإطلاق تصريحات نارية تبدو شخصية وليست تنظيمية وفقا له.
وأضاف التقرير أن جماعة الإخوان لم تعد كما كانت من قبل تركز على الحماية الذاتية ،ففي فترة السبعينيات تم إعادة بناء التنظيم ببطء في فترة السبعينيات حيث كان هناك شعور بالدور التاريخي للجماعة على المدى الطويل ،وقد تعهدوا أنهم في مهمة تتطلب الحركة المستمرة الصحية والقدرة على البقاء ،وكانت الاحتياجات التنظيمية ليست غاية في حد ذاتها بل كانت وسيلة لتحقيق الأهداف الإصلاحية والدينية للحركة ،ولكن من خلال الحفاظ على وحماية الإخوان ،وقد توارث قادة الإخوان عبر الأجيال الأدوات اللازمة لتحسين المجتمع حتى لو كانت الظروف لا تبشر بالخير في أي فترة زمنية وهذا ما يفسر تردد وحذر القادة في العديد من اللحظات التاريخية الهامة
ومع ذلك فإنه حتى الآن تبدو الجماعة أقل رغبة في المجازفة ،فربما يشعر عدد من الأعضاء أن لديهم الكثير ليخسروه ولكن التحول يبدو أيضا نتاج القوة المتزايدة للشباب داخل الحركة بما في ذلك صعودهم إلى المناصب القيادية ويرجع ذلك جزئيا إلى سجن معظم كبار القادة.
ولفت التقرير إلى أن الإخوان حاليا لم يضعوا أنفسهم بشكل حاد في مواجهة المعارضة ،بمعنى أنه في السابق أدت قوة التنظيم والانضباط إلى رسم خطوط حادة جدا بين من في الحركة ومن خارجها وبين حتى درجة الأعضاء داخل التنظيم ،وكانت النتيجة وجود مجموعة من الروابط الشخصية الضيقة التي أضافت على الإخوان نوعا من الإنعزالية وأحيانا لهجة صماء في أفضل الحالات عند التعامل مع غير الأعضاء, والبيئة الجديدة جعلت القاعدة أكثر تمكينا في الجماعة ،وبدأ الأعضاء الذين قضوا فترة وجيزة من حياتهم في الجماعة يأخذون زمام المبادرة ،ويبدو انهم أكثر استعدادا للوصول إلى أهدافهم دون الالتزام بقواعد المنظمة.
وأشار التقرير إلى أن أحد الإسلاميين الشباب وهو غير عضو بالجماعة أكد أنه لم يعد بإمكانهم الاستماع إلى قيادات الإخوان طوال الوقت ،كما أكد النشطاء الأصغر سنا أن المناقشات تمت بين أعضاء الجماعة وغير الأعضاء الموالين لها في المنفى وفي مصر حول اتجاه حركات المعارضة والإسلام السياسي بشكل عام , وفي حين أنه من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت نوعا مختلفا من التنظيم فالهياكل القديمة لاتزال موجودة ،ويعي القادة أنهم وجدوا طريقة لإعادة الهياكل القديمة وإعادة صياغتها وتشكيلها في ظل البيئة الجديدة.
وقد كانت العديد من المناصب في مكتب الإرشاد شاغرة ورغم أن أسماء من شغلوا هذه المناصب محاطة بالسرية إلا أنه توجد خطط للطوارئ بحيث تحل أسماء أخرى محل القادة الجديد في حال تم القبض عليهم ،وفي بعض الحالات وضع خط للخلافة لعدة طبقات عميقة , وقد تم إنشاء هيئة جديدة خارجية لإدارة أعضاء الجماعة في المنفى ،ومقرها اسطنبول وهذا المكتب برئاسة أحمد عبد الرحمن عضو مجلس الشورى السابق ،وهو الاسم الذي يعطى انطباعا أن الجماعة سوف تسير وفقا لنظامها القديم ،لكن يضم المكتب بعض الأسماء التي تبدو أكثر عالمية بكثير مثل عمرو دراج ويحيى حامد وكان الإثنين وزيرين في عهد مرسي ،أما باقي أسماء أعضاء المكتب فلم يعلن عنها ،ورغم ذلك فإن هذه المجموعة الموجودة في اسطنبول لاتقدم نفسها باعتبارها قيادة الجماعة ولكنها تعلن ولائها لمكتب الإرشاد في مصر إلا أنها فقد توفر البديل للتفاعل مع المحاورين الدوليين.
وأشار التقرير إلى أنه من الصعب أن نصف ما يحدث داخل الجماعة بأنه نوعا من الانتعاش التنظيمي أو ربما التبجح ،لكن حتى لو كانت هذه المعلومات صحيحة فيجب على الإخوان أن يعترفوا بضرورة أن يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة التحديات الجديدة .
وأوضح التقرير أنه في مقابلات مع الإسلاميين الشباب في ربيع 2015 البعض منهم ينتمي للجماعة والآخر لا ،ظهر أنهم لا يزالوا غاضبين وهناك خلافات بينهم وبين قياداتهم بعد عامين من ثورة 30 يونيو وليسو في مزاج لتقبل أي انتقادات لهم ،لكن يبدو ان القيادات الأكبر سنا تقبلت انتقادات الشباب الداخلية بخنوع ،واتفقوا على منحهم الكثير ليس فقط خلال المناقشات ولكن أيضا منحهم الأدوار القيادية ،فوفقا للتقاير فإن حوالي ربع أعضاء مكتب الإرشاد الجديد بمصر تحت سن الخامسة والأربعين إضافة إلى عضو واحد على الأقل تحت سن الثلاثين.
وأوضح التقرير أن جوهر الانتقادات الداخلية التي وجهها الشباب إلى القيادات كان ببساطة فشلهم في الاعتراف بأن انتفاضة 2011 كانت ثورة حقيقية في المجتمع المصري وكان عليهم التصرف وفقا لذلك،واتهموهم بعدم محاولة إيجاد قضية مشتركة بينهم وبين أولئك الذين يريدون تغيير حقيقي ،وبدلا من ذلك اختاروا السيطرة على الدولة المصرية عبر الانتخابات السريعة ،ثم محاولة وضع إصلاحات على نحو متواضع من خلال خطة فشلت فشلا ذريعا.
ونقل التقرير عن أحد الشباب قوله: "لقد فشلنا في البناء على أساس القيم العميقة التي ظهرت أثناء الثورة" وأضاف أنه " بدلا من اتخاذ الوقت اللازم في المرحلة الانتقالية ذهبنا لإيجاد حلول سياسية سطحية".
وقال آخر: "لقد كانت هناك مشكلة في التحرك تجاه الانتخابات بسرعة وكان هناك فئة كبيرة ممن شاركوا في الثورة غير ممثلين في العملية السياسية" .
وذكر التقرير أن المتحاورين الكبار والصغار اتفقوا على أن الثورة كانت لا إسلامية وغير أيدولوجية ،وقال أحد الأعضاء الكبار: " للأسف الإخوان كان لديهم مشروع معين منذ قرن وحاولوا تنفيذه بعد عام 2011 ،ولم يدركوا انه لم يصبح مناسبا لدولة في ثورة"
واعترف أحد الأعضاء بأن قيادات الجماعة كانوا ينظرون للخلف عندما قرروا أن يستمر مرسي في مواجهة القوى المعارضة الصاخبة ،وتحالف مع السلفيين في البرلمان وكان ذلك كارثة ،فلم يكن هذا ما أرادته الثورة.
وقال آخر: إنه كان يجب اتخاذ خطوات أكثر ثورية لإعادة هيكلة المؤسسات الهامة مثل القطاع الأمنى ولكن الإخوان فضلوا بدلا من ذلك استرضائهم.
رغم ذلك فإن قادة الإخوان حساسون جدا حيال الإيحاء بانهم خانوا ثورة 2011 ،ولكنهم اتفقوا مع الشباب والشيوخ على أن القرارات التي اتخذتها القيادة للعمل مع الدولة كانت ساذجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.