تصدر سلفادور كاباناس أغلب عناوين الصحف والمجلات ونشرات الأخبار في العالم يوم 25 يناير/كانون الثاني 2010. ففي ذلك المساء، كان اللاعب الدولي الباراجواياني يستمتع بلحظاته في أحد النوادي الليلة بالمكسيك، حيث كان يدافع عن قميص فريق أمريكا، فإذا به يسقط أرضاً وجسده غارق في دمائه المنهمرة بعدما أصابته رصاصة في الرأس إثر هجوم بسلاح ناري. ومنذ تلك اللحظة المشؤومة، تأرجح هداف ألبيروخا بين الحياة والموت، وهو الذي كان يتأهب لخوض غمار جنوب أفريقيا 2010 مع منتخب بلاده. فقد خضع كاباناس لعدة عمليات جراحية، منتقلاً من مستشفى إلى آخر حيث تلقى أكثر من فترة نقاهة واحدة، ناهيك عن حصص العلاج النفسي التي تكاد لا تُعد ولا تُحصى، إلى أن جاءت المعجزة التي لم تكن تخطر على بال أحد: فقد أعلن هذا اللاعب الملقب بتشافا عودته إلى منافسات كرة القدم الإحترافية بقميص 12 أكتوبري، نادي الدرجة الثالثة في بلاده حيث بدأ مسيرته. وبينما يخوض كاباناس المرحلة الأخيرة من استعداداته لتجديد العهد مع البساط الأخضر، مؤكداً أنه بات يملك "80 بالمئة" من الإمكانيات اللازمة لاستئناف اللعب، خص موقع FIFA.com بحوار حصري تحدث فيه عن ذكريات الماضي وتحديات الحاضر وطموحات المستقبل. موقع FIFA.com: سيد كاباناس، تهانينا الحارة على هذه العودة المرتقبة. فقد تركت انطباعاً كبيراً في نفوس الكثير من الناس من خلال قرارك هذا، وليس فقط في أوساط كرة القدم... سلفادور كاباناس: شكراً جزيلاً! بكل صراحة، أشعر أني على خير ما يرام، وتغمرني سعادة كبيرة في هذه اللحظات. إنني أحاول أن أقوم بالأشياء على النحو الأمثل لكي أستعيد قدراتي كاملة وأعود إلى أرضية الملعب في أقرب وقت ممكن. هذا كل ما أتمناه في الوقت الراهن. كم مرة حلمت بهذه اللحظة خلال السنتين الأخيرتين؟ مرات ومرات عديدة، بل وخلال فترات طويلة جداً. إنه أمر رائع أن أحقق ذلك أخيراً وفي النادي الذي انطلقت منه مسيرتي. إنهم يمنحونني الفرصة لكي ألتحق بهم، فقد فتحوا لي جميع الأبواب لكي آتي إلى هنا وأنهي فترة النقاهة بين أحضانهم وأتمرن معهم. لا تسعني الكلمات لكي أعبر عن شكري لهم. كيف تبلورت فكرة عودتك إلى 12 أكتوبري؟ تربطني صداقة حميمة برئيس النادي (لويس ساليناس)، وبالتالي فإن الاتفاق بشأن عودتي لم يكن بالشيء الصعب. إن رفاقي مازالوا في ريعان الشباب، وقد اندهشوا كثيراً معبرين لي عن إعجابهم بعدما كانوا يرونني ألعب قبل وقت قصير. هذا شيء مهم جداً، إذ يساعدني هذا الإحساس على إنهاء فترة استعداداتي بشكل كامل وعلى نحو جيد. أتمنى أن أعود في القريب العاجل. من المؤكد أن الهدف الأسمى الذي سطره الفريق هو العودة إلى دوري الدرجة الأولى، لكن ماذا عن غايتك الشخصية؟ بالفعل، تسعى إدارة النادي وجهازه الفني إلى الصعود لدوري الدرجة الأولى، وهذا ما أتمناه أنا أيضاً بطبيعة الحال. إنني متحمس جداً حيال ذلك. فكرة القدم هي حياتي وها هي تمنحني فرصة ثانية. إنني على خير ما يرام، وسيكون من المهم جداً تحقيق هذه الغاية. ستلعب تحت إمرة المدرب رولاندو تشيلافيرت، شقيق الحارس الأسطوري خوسيه لويس تشيلافيرت، الذي جاورته في جواراني وخلال مرحلتك السابقة مع 12 أكتوبري ضمن منافسات الدرجة الأولى. ما أهمية كل ذلك خلال هذه الفترة بالذات؟ إنه أمر من الأهمية بمكان. ففي مثل هذه اللحظات، من الجيد أن يكون إلى جانبي أحد يعرفني حق المعرفة. ولهذا السبب، أود أن أنتهز هذه الفرصة لكي أعرب علناً عن خالص شكري لرولاندو وبقية أعضاء الجهاز الفني على هذه الفرصة التي منحوني إياها. "لقد تشبثت بالأمل في كل لحظة وحين طوال حياتي. وهذا يتجلى بشكل واضح في طريقة شفائي. ذلك أن قلة قليلة من الناس بإمكانهم البقاء على قيد الحياة بعد التعرض لمثل هذه الإصابة التي ألمت بي." سلفادور كاباناس هل نصحك الأطباء بشيء معين عند عودتك إلى التنافس؟ عليَّ أن أتفادى التسديد بالرأس كلما كانت الكرة آتية بقوة شديدة، لأن الرصاصة ما زالت عالقة في رأسي. ولهذا السبب، ما زلت أخضع لفترة النقاهة، فأنا مُصر على أن أكون جاهزاً بنسبة 100% قبل العودة للإستمتاع فوق أرضية الملعب حيث أريد أن ألعب بجميع مؤهلاتي. قبل فترة وجيزة، قلت إن أحد أهدافك الكبرى يتمثل في العودة إلى المنتخب. صحيح أن الأمور يجب أن تسير خطوة خطوة، لكن هل تتخيل نفسك وأنت تخوض غمار كأس العالم 2014 FIFA؟ نعم، بالفعل. ما المانع في ذلك؟ إن كل شيء يتوقف عليَّ. إن المنتخب حاضر في ذهني وقلبي دائماً وأبداً، وأنا سأبذل كل ما أمكن لكي أعود للدفاع عن ألوانه. صحيح أني لم أشاهد كثيراً من مبارياته في الآونة الأخيرة، لكني أعرف أن المنتخب الوطني يسير على خير ما يرام. ويرجع الفضل في ذلك بقدر كبير إلى المدرب (فرانشيسكو آرسي)، الذي يُعتبر محترفاً من الطراز العالي. إن أهم شيء هو أن يقدم اللاعبون كل ما في وسعهم ويضحوا بالغالي والنفيس على أرضية الميدان. كيف تقيّم أداء مهاجمي منتخب باراجواي في السنتين الأخيرتين؟ إنني أعرفهم حق المعرفة، لكني لا أريد أن أشيد بأحدهم على حساب آخر. إذا كانوا ضمن الفريق فلأنهم يستحقون ذلك. يجب أن ندعهم يعملون في هدوء وطمأنينة. هل تعتبر تماثلك للشفاء ضرباً من المعجزات؟ لقد تشبثت بالأمل في كل لحظة وحين طوال حياتي. وهذا يتجلى بشكل واضح في طريقة شفائي. ذلك أن قلة قليلة من الناس بإمكانهم البقاء على قيد الحياة بعد التعرض لمثل هذه الإصابة التي ألمت بي. وها أنا ذا هنا واقف على قدميَّ بين أهلي وعائلتي. إن هذا هو أهم ما في الأمر. وحده من عاش شيئاً مماثلاً يمكنه أن يستوعب دلالات هذه اللحظة. ماذا علمتك هذه التجربة؟ ما الذي تغير في شخصية سالفادور كاباناس؟ لقد استمتعت دائماً باللحظات التي أقضيها مع عائلتي، سواء برفقة زوجتي أم أبنائي. وها أنا الآن أواصل على نفس المنوال. كما لا يفوتني أن أوجه شكري إلى كل أبناء وبنات باراجواي الذين صلّوا من أجلي ودعوا لي بالشفاء العاجل. فلاعب كرة القدم هو الذي يقدم شيئاً للناس عادة، أما الآن فإن الناس هم الذين منحوني الشيء الكثير من خلال صلواتهم ودعواتهم. إنه لشيء جميل حقاً. ما هي الذكريات التي تحتفظ بها عن تجربتك المكسيكية؟ فبغض النظر عن ذلك الحادث الأليم، لا شك أنك عشت لحظات جميلة هناك؟ إنني أحتفظ بذكريات طيبة حقاً، إذ أمضيت فترة طويلة هناك وعشت فيها أوقاتاً رائعة. فبعدما فتح لي نادي جاجواريس أبواب التألق هناك، انتقلت بعدها إلى نادي أمريكا الذي منحني كل شيء. هذا دون ذكر جميع الأصدقاء الذين تعرفت عليهم هناك. لقد عشت أجمل ذكرياتي في المكسيك. هل ستعود للعب هناك لو أتيحت لك الفرصة؟ بطبيعة الحال. سيكون ذلك أمراً في غاية الروعة. سأبذل كل ما يلزم من جهد لكي أستعيد عافيتي بشكل تام ومن ثم أرفع جميع التحديات الممكنة. ففي نادي أمريكا أقيم لي تكريم قبل فترة قصيرة حيث استحضرت حينها بعض اللحظات الجميلة مع الأصدقاء. ولا يسعني إلا أن أعرب عن شكري الدائم لأمريكا. ختاماً، سيد كاباناس، لمن ستهدي باكورة أهدافك مع نادي 12 أكتوبري؟ إن هدفي الأول سيكون هدية لوالدي ووالدتي، ثم لزوجتي وأبنائي ولرجل أكن له كل الإعجاب والتقدير، إنه هوراسيو كارتيس (رئيس نادي ليبرتاد). صحيح أني لم أفكر بعد في الكيفية التي سيكأتي بها ذلك الهدف، لكني متأكد من شيء واحد: فبمجرد أن أستهل مشواري من جديد، ستأتي الأهداف واحداً تلو الآخر.