إن النوع الفيروسي البسيط من إلتهاب الجيوب الأنفية يحدث بكثرة في الأطفال ، لكنه غالبا يصعب تشخيصه ، ويشخص على أنه رشح أو نشلة ، ما لم يتطور إلى الشكل الجرثومي الحاد ، أو تحت الحاد ، أو المزمن . وقبل أن ندخل في التفاصيل ، من المناسب أن نأخذ فكرة عن الجيوب الأنفية Sinuses ، حيث يوجد في الإنسان خمسة أزواج جيوب أنفية رئيسية ، وهي : الجيبان الموازيان للأنف: وهما من حيث التشريح والتكوين النسيجي امتدادان للتجويف الأنفي . الجيبان الفكيان الجيبان المِصفويان الجيبان الجبهويان: وهما لا يتشكلان في الأطفال إلا بعد سنتين من العمر . الجيبان الوتديان: لا يتشكلان إلا بعد الخامسة من العمر . إن حركة الأهداب Ciliae الموجودة في التجاويف التي تبطن هذه الجيوب ، والتي تدفع بالمخاط والإفرازات المتشكلة في تلك الجيوب باستمرار إلى الخارج عبر فتحتي الأنف ، تلعب الدور الأهم في الوقاية من إلتهاب تلك الجيوب ، وكل سبب يعيق حركة هذه الأهداب ، أو يؤدي إلى تجمع واحتباس المفرزات داخل الجيوب يعرضها للإلتهاب ، مثل : - التعرض لدخان السجائر . استنشاق هواء بارد وجاف . التعرض لنشلة فيروسية . - إلتهاب الأنف التحسسي . السباحة ودخول الماء إلى الأنف ومنه إلى الجيوب . - القلس المعدي إلى المريء والأنف . داء المعثكلة الكيسي . نقص المناعة . خلل خلقي في حركية الأهداب . إنسداد الأنف لأي سبب مثل : جسم غريب F. B ، بوليب Polyp ، ضخامة الزوائد ، ورم Tumor ، رض Trauma ، أو انحراف شديد في الحجاب الأنفي وهكذا فإن أية إعاقة لحركة المخاط والإفرازات وركودها داخل الجيوب الأنفية ، تشكل وسطاً خصباً لنمو الجراثيم وبالتالي إلتهاب تلك الجيوب . أهم البكتريا المسؤولة عن إلتهاب الجيوب الأنفية هي : Pneumococcus H. influenza Streptococcus Staphylococcus الصورة السريرية يجب أن نعلم بأن أعراض إلتهاب الجيوب الأنفية في الأطفال ، تختلف عنها في الكبار ، فالأعراض النموذجية التي يشكو منها الكبار مثل ( الصداع ، وألم الوجه ، مع المضض بالضغط عليه ، ووذمة الوجه ..إلخ ) لا نشاهدها في الأطفال ، بل يعتبر ( السعال ، والرشح الأنفي ) من أهم الأعراض في الأطفال الصغار : السعال : يحدث في ساعات النهار ، لكنه يزداد عندما يستلقي الطفل على ظهره ، سواء في قيلولة الظهر أو في ساعات النوم الليلية . والرشح الأنفي : قد يكون رائقا أو قيحيا . كما قد نشاهد تقرح الحلق نتيجة لارتداد المفرزات الأنفية إلى الحلق أثناء النوم . ومن العلامات التي نشاهدها على الطفل : العطاس Sniff والشخير Snort ، وهي وسائل فيزيولوجية لتنظيف الأنف . أما الأطفال الأكبر سناً : فقد يعانون من حرارة ، مع إحساس ألم أو مضض أو شبه ضغط في منطقة الوجه ، مع رائحة تنفس كريهة ، ونقصان الإحساس بالشم . كيف نفرق بين النشلة العادية البسيطة وإلتهاب الجيوب الأنفية .!؟ ثم ، كيف نفرق بين الحالات المختلفة من إلتهاب الجيوب .!؟ النشلة : مرض فيروسي بسيط ، يصيب المجاري التنفسية العلوية ، ويترافق مع حرارة ورشح أنفي وسعال ، لكنه لا يستمر لأكثر من أسبوع إلى عشرة أيام ، وكل أعراض من هذا القبيل تجاوزت العشرة أيام فهي إلتهاب جيوب وليست نشلة ، وهي درجات : إلتهاب جيوب فيروسي بسيط ، كما ذكرنا أعلاه ، وإلتهاب حاد لكن جرثومي Bacterial: وأعراضه حمى شديدة ، قد تتجاوز 39 درجة مئوية ، مع ضائعات قيحية ، مع صداع شديد ، وأحيانا تورم أو انتفاخ العينين . أما إذا استمرت الأعراض – حتى وإن كانت بسيطة ، رشح أنفي مع سعال – لأكثر من شهر ، فتسمى عندها إلتهاب الجيوب تحت الحاد أو المزمن . بالفحص السريري : نجد مخاطية الأنف حمراء ومحتقنة ، وهنا يجب أن نفرقه عن حالة إلتهاب الأنف التحسسي Allergic rhinitis الذي يتميز بكون فتحة الأنف مع مخروطها شاحبة وإسفنجية الشكل (Pale and boggy ). كما قد نشاهد بالفحص السريري الضائعات الأنفية وهي تخرج للخارج أو ترتد للخلف إلى الحلق مسببة تقرحه .. ومن العلامات المهمة التي تفيد الطبيب بالفحص السريري ، علامة المضض Tenderness الناتجة عن الضغط الخفيف فوق الجيوب الملتهبة . مضاعفات إلتهاب الجيوب تتراوح ما بين إلتهاب الأذن الوسطى O . M إلى إلتهاب النسيج الرخو حول محجر العين إلى خراج محجر العين ، إلى إلتهاب العصب البصري. على أن أهم المضاعفات هي إلتهاب الدماغ وملحقاته ، ومنها السحايا وهي بحمد الله نادرة نسبياً الفحوصات المطلوبة أشعة الجيوب الأنفية ، أو التصوير الطبقي لها : حيث نجد واحد أو أكثر من المعطيات الشعاعية التالية : ثخانة في مخاطية الجيوب نضح مائي كثافة وابيضاض الجيوب الملتهبة تحليل الضائعات الأنفية بالفحص المجهري : قد نجد فيهاخلايا قيحية وهي مخلفات الكريات البيضاء الميتة . بقايا خلايا مخاطية ميتة أما إذا وجدنا بالفحص المجهري كميات كبيرة من الحامضيات فالحالة تكون أقرب إلى الشكل التحسسي زرع الضائعات الأنفية لا يتطابق مع زرع الجيوب الأنفية ، ولذلك ليس بذي فائدة ، ولا نجريه . أما الفحص الأهم فهو زرع مخاطية الجيوب الأنفية الملتهبة عن طريق الدخول المباشر بنيدل معقمة من خلال الوجه ، وهي الطريقة الوحيدة التي توصلنا إلى نوع الجرثومة ، ونوع المضاد الحيوي المناسب لها ، ولكننا لا نلجأ لهذه الطريقة عادة إلا في الحالات الخطرة التي تهدد الحياة ، أو حالات نقص المناعة ، أو المرض الذي لم يستجب للعلاج العادي . العلاج يجب أن يكون العلاج لهذا المرض فعالا لتجنب المضاعفات أعلاه التي قد تكون خطرة وتهدد الحياة ، ويتحقق ذلك بثلاثة شروط : اختيار المضاد الحيوي الجيد ، والذي يغطي العوامل الجرثومية المسببة لهذا المرض ، والبداية بأموكسيسيلين Amoxicillin هي بداية جيدة ، وغالبا ما نختار الأموكسي المقوى ( أموكسي كلاف ) ، وقد نضيف له واحدا من الجيل الثاني أو الثالث للسيفالوسبورين الجرعة الجيدة المدة الزمنية الكافية: حيث يجب أن تستمر فترة العلاج من 14 إلى 21 يوما ، أو لمدة أسبوع بعد زوال الأعراض تماماً . ماذا عن مزيلات الاحتقان ومضادات الهستامين .!؟ قد تسبب بعض التحسن في الأعراض السريرية ، لكنها لا تسرع في الشفاء ، بل قد يكون لها مفعول عكسي حيث تزيد ثخانة المفرزات الأنفية ، وبالتالي تعيق حركتها ، وتسبب انحباسها ، وتفاقم الحالة المرضية . الأفضل من كل ذلك قطرة نورمال سالين للأنف ، نكررها عدة مرات قبل الرضاعة وقبل النوم ، فهي مفيدة ، حيث تساعد على تليين الضائعات وسهولة التخلص منها .