ذكرت الورقة البحثية الصادرة عن مركز كارنيجي لأبحاث السلام بعنوان "فوق الدولة: جمهورية الضباط في مصر"، أن جمهورية العسكر في مصر شكّلت أداةً أساسيةً للسلطة الرئاسية، ولاتزال تحتفظ بنفوذها السياسي المتغلغل حتى بعد سقوط مبارك، مخترقةً جهاز الدولة والاقتصاد على السواء، محذرا من أن المجلس العسكري يسعى إلي فرض مواد في الدستور المصري تمنح وصاية عسكرية دائمة على البلاد . وأوضحت الورقة التي أعدها الباحث في شؤون الشرق الأوسط في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، أن السلطات المدنية تحاول بدورها انتزاع السلطة من مؤسسةٍ عسكريةٍ شكّلت دعامة الحكم السلطوي لعقود، وتسعى الآن إلى البقاء فوق القانون، قائلا "إن تقليص دولة الضباط إلى حجمها الطبيعي سيكون عملية دقيقة وطويلة تستغرق سنوات عديدة، ويجب توفير احتياجات القوات المسلحة كأحد واجبات السلطتين التشريعية والتنفيذية، وليس كاستحقاق يمليه المجلس العسكري عبر سلطاته التقديرية" . ونبة الورقة البحثية إلي أن الصراع بين المدنيين المنتخبين والعسكريينحول قيادة مستقبل البلاد في حقبة مابعد مبارك، قد يضع مصير العملية الانتقالية في مصر علي المحك، قائلا " إن جمهورية مصر الثانية لن تولد إلا عندما تزول جمهورية الضباط من الوجود" . وذكرت الورقة أن تاريخ نشأة دولة الضباط يعود إلي عام 1991 عندما وسّعت القوات المسلّحة المصرية توغّلها التام في كلّ مجال تقريباً من مجالات نظام حسني مبارك القائم على المحسوبيات، واليوم بلغت جمهورية الضباط امتدادها الأوسع، موضحة تمتّع كبار الضباط بإمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من الوظائف الحكومية بعد التقاعد وسيطرتهم علي سيطرة حصريّة على ميزانية الدفاع، والمساعدة العسكرية الأميركية، والشركات المملوكة للمؤسّسة العسكرية. وحذرت الورقة البحثية من أن عدم تفكيك جمهورية الضباط، فإنها سوف تستخدم نفوذها السياسي الواسع وسيطرتها على مؤسسات الدولة لمنع مرسي أو أي رئيس بعده من ممارسة السلطة الحقيقية، وإسقاط أي حكومة مستقبلية لاتكون على مزاجها. وتابعت الورقة " إن المشير محمد حسين طنطاوي شغل منصب وزير الدفاع على مدى السنوات العشرين الأخيرة لحكم مبارك، وهي أطول فترة يمضيها أي شخص في هذا المنصب منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة" مشيرة إلي أن طنطاوي، إلى جانب أعضاء آخرين في المجلس العسكري، قد تجاوزوا بالفعل سن التقاعد الرسمي قبل نقل السلطة إليهم في العام 2011 بوقتٍ طويل، والبقاء كل هذه المدة الطويلة في المنصب إنما يعكس الولاء السياسي من جانب طنطاوي وزملائه الضباط لمبارك، وليس كفاءتهم المهنية العسكرية". وفي ختام الورقة البحثية، أوصي صايغ كلا من مرسي والأحزاب السياسية في مصر بالتوافق على الحد من السلطات الاستثنائية التي يسعى المجلس العسكري إلى تضمينها في الدستور الجديد، قائلا " يتعين عليهم إدراك هواجس ضباط القوات المسلحة حيال رواتبهم وظروفهم المعيشية حقيقية، والبحث عن سبل لكي تعالج الحكومة تلك الاحتياجات الفعلية، مطالبهم في الوقت نفسه بتحقيق الرقابة المدنية الفعّالة على تفاصيل ميزانية الدفاع وأي مصادر تمويل أخرى تستفيد منها القوات المسلحة، بما في ذلك المساعدة العسكرية الأميركية والاقتصاد العسكري".