عوائد الإعلانات تقفز10% مع توسع جوجل في الذكاء الاصطناعي رغم مخاوف السوق    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار إلى الوسطاء المصريين والقطريين    الاتحاد الأوروبي والصين يحييان الذكرى الخمسين لعلاقاتهما وسط توتر متصاعد    إعلام أمريكي: ترامب تلقى إخطارا من وزيرة العدل بوجود اسمه في ملفات إبستين    إصابة 5 أطفال بتسمم إثر تناولهم مبيدًا حشريًا عن طريق الخطأ في المنيا    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    رسميًا بعد القفزة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 24 يوليو 2025    سيناء في «قلب جهود التنمية»    هل توافق على إقراض الحكومة من مدخراتك؟ خبير يوضح العائد الحقيقي من سندات التجزئة    تنسيق القبول في الصف الأول الثانوي والفني 2025 للناجحين في الشهادة الإعدادية.. رابط التقديم والحد الأدنى بالمحافظات    أرخص الجامعات الأهلية في مصر 2026.. المصروفات الكاملة وطرق التقديم (القائمة المعتمدة)    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. قائمة بالكليات المتاحة علمي وأدبي ومؤشرات الحد الأدنى للقبول    قصف إسرائيل ومطار «بن جوريون» خارج الخدمة مؤقتًا    صفقة الزمالك الجديدة مهددة بالفشل.. كريم حسن شحاتة يكشف    ليس حمدي فتحي.. أزمة في صفقة بيراميدز الجديدة (تفاصيل)    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 24-7-2025 مع بداية التعاملات    لطلاب البكالوريا 2025.. تعرف علي كليات مسار الآداب والفنون    احذروا ضربة الشمس.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الخميس 24 يوليو 2025    إصابة شخصين إثر انقلاب سيارة بطريق "الإسماعيلية- العاشر من رمضان"    موعد فتح باب التظلمات على نتيجة الثانوية العامة 2025 وطريقة الدفع    أحد الزملاء يخفي معلومات مهمة عنك.. حظ برج الدلو اليوم 24 يوليو    أول تعليق من أحمد فهمي بعد إعلان انفصاله عن زوجته (صور)    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    روسيا: تعليق عمل مطار سوتشي 4 ساعات بسبب هجمات أوكرانية    موت بإرادة الأب.. النيابة تأمر بدفن جثة ضحية شبرا الخيمة    في ذكرى يوليو.. قيادات حزبية وبرلمانية: خطاب الرئيس يؤكد صلابة الدولة    القناة 12 الإسرائيلية: تل أبيب تلقت رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار وتدرسه حاليًا    نهاية سعيدة لمسلسل "فات الميعاد".. تفاصيل الحلقة الأخيرة    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    الصحة العالمية: جوع جماعي في غزة بسبب حصار إسرائيل المفروض على القطاع    نجاح فريق طبي بمستشفى الفيوم في إنقاذ مريض مصاب بتهتك وانفجار في المثانة بسبب طلق ناري    رجال غيّروا وجه مصر.. ما تيسر من سيرة ثوار يوليو    علاء نبيل: احتراف اللاعبين في أوروبا استثمار حقيقي    رياضة ½ الليل| إقالة سريعة.. سقوط المصري.. السعيد فرحان بالزمالك.. وفحص الخطيب بباريس    مخرج «اليد السوداء»: نقدم حكاية عن المقاومة المصرية ضد الاحتلال    أحمد نبيل فنان البانتومايم: اعتزلت عندما شعرت بأن لا مكان حقيقى لفنى    بأغنية «يا رب فرحني».. حكيم يفتتح صيف 2025    أحمد سعد يطلق «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    رئيس محكمة النقض يستقبل وزير العدل الأسبق لتقديم التهنئة    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل سلطة التونة بالذرة    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    إيران تحذر مدمرة أميركية في خليج عمان.. والبنتاغون يرد    فودافون مصر تعتذر عن عطل الشبكة وتمنح تعويضات مجانية لعملائها    هرب من حرارة الجو فابتلعه البحر.. غرق شاب ببسيون في الغربية والإنقاذ النهري ينتشل جثمانه    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن بوست : أميركا... وتقلبات "الشتاء العربي"
نشر في الفجر يوم 10 - 12 - 2011

بعد عام على قيام بائع فواكه تونسي بإضرام النار في نفسه في عمل احتجاجي أطلق شرارة المظاهرات والاحتجاجات وأسقط ديكتاتوريات أمضت عقوداً في الحكم، بدأ برد قارص يخيم على العالم العربي، حيث فسحت المظاهرات السلمية في مصر وليبيا وسوريا واليمن، التي كان من المفترض أن تجلب الديمقراطية، المجال بدلاً من ذلك للفوضى وإراقة الدماء في وقت تحاول فيه قوى الطغيان إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء. والواقع أنه مازال من المبكر القول إن "الربيع العربي" قد رحل، ولن يعاود الظهور، إلا أنه من الواضح أن الشتاء العربي قد حل.
تونس، حيث بدأ كل شيء، أجرت انتخابات حرة مؤخراً. ولكن هذا البلد - الصغير والمتجانس إثنيا ودينياً والمتمتع بالرخاء - كان دائماً مرشحاً مرجحاً لانتقال ناجح إلى الديمقراطية. أما في مناطق أخرى من الشرق الأوسط، فإن قوات النظام تقوم بإطلاق النار على المحتجين في سوريا، واليمن بدأ يسقط في حرب أهلية في وقت تتفشى فيه "القاعدة" بالمناطق الريفية. وفي ليبيا، بتنا نرى زعماء الحرب، والإسلاميين، وزعماء القبائل، والراغبين في أن يصبحوا ديمقراطيين... يتنافسون على السلطة في عالم ما بعد القذافي. وفي مصر، حيث أعطانا سقوط مبارك في فبراير الماضي الصورة المميزة ل"الربيع العربي"، يحاول الجيش إبقاء يديه على السلطة. فأين الخلل –وماذا سيعني شتاء عربي بالنسبة للشرق الأوسط والولايات المتحدة وبقية العالم؟
السبب الذي جعل الشرق الأوسط يبدو على مدى وقت طويل مثل تربة غير خصبة للديمقراطية ليس عدم رغبة الشعوب العربية في التصويت، أو في أن تكون حرة– فاستطلاعات الرأي المتتالية تؤكد العكس– وإنما لأن المستبدين لطالما قاموا بسجن المعارضين وتعذيبهم، وشراء الخصوم، وإضعاف المجتمع المدني، وتقسيم شعوبهم أو ترهيبها. وعندما يسقط المستبدون، فإن وسائلهم للحفاظ على السلطة لا تسقط معهم دائماً.


ففي مصر، قام الجيش بإبعاد مبارك عن السلطة، ولكنه بقي من أجل تسيير شؤون البلاد على ما يفترض، وهو متردد في التخلي عن السلطة. واليوم، أخذت قوات الأمن تواجه من جديد المحتجين في ميدان التحرير.
وفي اليمن وليبيا، كثيراً ما كانت بعض القبائل ومراكز سلطة أخرى تعارض النظام القديم، ولكنها اليوم باتت تنظر إلى بعضها البعض كخصم. وعبر المنطقة، يتم تفكيك الشرطة والقضاء بعد سنوات من الديكتاتورية، غير أنه لا يوجد شيء ليحل محلهما.
وعلاوة على ذلك، فإن المظاهرات التي أدت إلى خلع حكام مثل مبارك وبن علي لم تقدم بديلاً واضحاً للحكم. فرغم أنها تجسد تعبيراً حقيقياً للغضب الشعبي، فإن الاحتجاجات كانت إلى حد كبير من دون زعامة، وتنظيمها فضفاض يتم في الغالب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فلم يكن ثمة "مؤتمر وطني أفريقي" أو كورازون أكينو للإمساك بزمام السلطة. ثم إن أصوات المعارضة التي كانت منظمة لم تكن الأكثر ديمقراطية بالضرورة. فمع "الربيع العربي"، صعدت القوى الإسلامية إلى الواجهة. وفي تونس، مثلًا، حقق حزب إسلامي معتدل انتصاراً في انتخابات أكتوبر، حيث حصل على 89 مقعداً من أصل 217 مقعداً في البرلمان، مقابل 29 مقعداً لأقرب منافسيه –وهو حزب علماني- وفي المغرب، حيث قام الملك بفتح النظام السياسي شيئاً ما، فاز الحزب الإسلامي أيضاً بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات نوفمبر.
فنظراً لانضباطها نتيجة سنوات من العمل السري، تحظى الأحزاب الإسلامية بدعم شعبي نظراً للخدمات الاجتماعية التي تقدمها، والقمع الذي تعرضت له. فقد كان يُسمح لها بلعب دور في المجتمع، ولكن بمشاركة سياسية محدودة. أما اليوم، وفي وقت تستعد فيه مجموعات مثل "الإخوان المسلمين" في مصر لتحقيق نتائج جيدة في انتخابات برلمانية حرة، فإنها من غير المرجح أن تقبل تلك الصفقات القديمة من المجلس العسكري الحاكم في مصر أو من قوى أخرى تابعة للنظام القديم في بلدان أخرى.
صحيح أن "الإخوان المسلمون" تعلموا التعبير عن التزامهم بالتعددية والتسامح، إلا أنه من غير الواضح ما إن كانوا سيفون بالتزاماتهم عندما يصلون إلى السلطة. أما الإسلاميون الأكثر تشدداً، فإنهم يشككون في الديمقراطية صراحة، وينظرون إليها كوسيلة للوصول إلى السلطة وليس كنموذج للحكم. وقد دخل السلفيون المصريون أيضاً النظام السياسي وبدأوا يحققون نتائج جيدة على نحو غير متوقع في الانتخابات. ولكن مطالبهم بأسلمة المجتمع متطرفة، وقد يدفعون "الإخوان" إلى اتباع أجندة أكثر تشدداً عندما يصلون إلى السلطة.
غير أن تعثر "الربيع العربي" لا يعني أننا سنعود إلى عالم الحكام المستبدين والشرطة السرية. فمبارك وبن علي والقذافي لم يرحلوا بمفردهم، وإنما رحلت معهم أيضاً ثقافة تقديس الشخصية التي عملوا على ترسيخها أيضاً. وقد يتمسك بشار الأسد بالسلطة في سوريا، ولكنه سيصبح معزولاً في الخارج. وحتى الأنظمة التي عاشت اضطرابات محدودة، فإنها بدأت تدخل عهداً جديداً. فحيثما نجت أنظمة قديمة، فإنها ستكون ضعيفة، وحيثما جاءت أنظمة جديدة، فإنها ستكون أكثر ضعفاً لأن المؤسسات القديمة يمكن تدميرها بشكل أسرع مما يمكن أن تبنى به أنظمة جديدة. غير أنه على الزعماء الجدد والقدامى أن يصغوا للرأي العام، وهذا قد يؤدي إلى سياسات خارجية متسرعة وغير منسجمة في وقت يقدم فيه السياسيون وعوداً انتخابية لا يصب تحقيقها في مصلحة بلدانهم.
وبالطبع، فإن إسرائيل هي أسهل ورقة يمكن لعبها. فقد وجد استطلاع رأي أجراه مركز "بيو" بعد سقوط مبارك أن المصريين يفضلون إلغاء اتفاقية السلام التي وقعت قبل 32 عاماً مع إسرائيل بأغلبية 54 في المئة مقابل 36 في المئة، و– من دون مفاجأة – لم يتوان العديد من الزعماء في انتقادها. ذلك أن إسرائيل يمكن أن تشكل وسيلة مثالية لصرف الانتباه عن الحكومات التي تكافح من أجل معالجة مشاكل البلاد. وفي مايو الماضي، وفي وقت كانت تجتاح فيه الاضطرابات سوريا، شجع النظام هناك الفلسطينيين على تنظيم مسيرة عبرت الحدود السورية إلى مرتفعات الجولان، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص عندما أطلقت دورية حدود إسرائيلية النار على الفلسطينيين أثناء اختراقهم السياج الحدودي.
وإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تزداد مشاعر معاداة الولايات المتحدة في الشتاء العربي، وهذا يكتسي أهمية أكبر بكثير اليوم في وقت ستسعى فيه الحكومات إلى أن تكون في تناغم مع مشاعر الجمهور. فبعد سقوط مبارك، على سبيل المثال، كان لدى واحد فقط من كل خمسة مصريين رأي إيجابي عن الولايات المتحدة؛ وحتى في دول الشرق الأوسط المتحالفة مع الولايات المتحدة، هناك أغلبيات تعتبر الولايات المتحدة وإسرائيل من بين التهديدات الرئيسية لأمنها. والواقع أن أميركا المفلسة وغير الموثوق فيها، لا تستطيع القيام بأشياء كثيرة لجعل الشتاء العربي أحسن، ولكنها تستطيع القيام بالكثير لجعله أسوأ. فقيمة وإمكانيات المساعدة الاقتصادية، مثلاً، يعتبران موضع شك، وذلك لأن الأنظمة مثل نظام مبارك كانت تستعمل المساعدات الأميركية لدعم نفسها ومقاومة الديمقراطية. ولئن كان دعم أحزاب ديمقراطية جديدة يمثل استعمالاً أفضل للدولارات الأميركية، فإنه من الصعب تخيل موافقة الكونجرس على مساعدات حقيقية لحكومات جديدة ستشمل على نحو حتمي مجموعات إسلامية معادية للولايات المتحدة وذات التزام مشكوك فيه بالديمقراطية. كما أن ديمقراطيي المنطقة الحقيقيين لن يرحبوا بالضرورة بدعم أميركي تفوح منه رائحة التدخل الأجنبي.
صحيح أن نفوذ واشنطن أكبر على جيوش المنطقة، ولكن دعمها يطرح مأزقاً حقيقيا. فالجيوش كان يفترض أن تكون جزءاً "منظماً" من انتقال منظم إلى الديمقراطية في الشرق الأوسط؛ ولكن ومثلما توضح التجربة المصرية، فإن معظم الضباط يريدون الحفاظ على سلطتهم ومزاياهم؛ وأي دعم أميركي يمكن أن يساعدهم على القيام بذلك. أما خارج مصر، فإن الجيوش إما مسيسة بالقبيلة (اليمن)، أو الطائفة (سوريا)، أوالولاء للنظام القديم (في بلدان أخرى)، ما يجعلها جزءاً من المشكلة، وليس من الحل.
لقد بدأ "الربيع العربي" بدون مساعدة من الولايات المتحدة؛ ولذلك، فإن شعوب المنطقة هي التي ينبغي أن تحدد مستقبله. ولكن على واشنطن أن تعترف بأن التغيير قادم وأن تدعمه، وبخاصة في مراكز سلطة أساسية مثل مصر. على أنه لا مناص من أن تدارك بعض الأمور بحيث تعمل على إدارة الأزمات متى استطاعت أو تجنب انتشار الاضطرابات وانعدام الاستقرار. وهذا قد يشمل مساعدة اللاجئين، واستعمال الدبلوماسية في محاولة لمنع الجيران من التدخل وتصعيد نزاع ما، والاستمرار في ملاحقة أعضاء "القاعدة" حتى لا يهددوا الدول العربية أو الولايات المتحدة. وبوسعنا أن نأمل أن تقود تونس المنطقة ليس فقط من حيث إرخاء قبضة الحكام المستبدين الحديدية فحسب، وإنما أيضاً في خلق ديمقراطية حقيقية عبر انتخابات حرة. لكن علينا أن نعترف أيضاً بأن "الربيع العربي" قد لن يجلب الديمقراطية إلى جزء كبير من العالم العربي، أو حتى معظمه. ولذلك، فحتى في الوقت الذي تستعد فيه للعمل مع الديمقراطيات الجديدة في المنطقة، فإنه يجدر بالولايات المتحدة أيضاً أن تستعد للفوضى والركود وسوء الحكم الذي سيطبع الشتاء العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.