يكرم المخرج الفرنسي لوك بيسون المعارضة البورمية آونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 1991، في فيلم يحمل عنوان "ذي ليدي" (السيدة) تؤدي فيه ميشيل يووه دور البطلة التي ضحت بسعادتها الشخصية من أجل قناعاتها. وقد اختصر بيسون قدر "سجينة رانغون" الذي فرض عليها مجلس الحكم العسكري الإقامة الجبرية حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2010، في أكثر من ساعتين من الزمن ترسم سريعا خفايا السياسة البورمية ليركز على الحكاية في التاريخ.. حكاية سو تشي وزوجها البريطاني مايكل آريس وابنيها كيم وألكسندر.
لم تتمكن آونغ سان سو تشي من رؤية مايكل الذي توفي على اثر إصابته بسرطان البروستات في بريطانيا، في حين أن مجلس الحكم العسكري كان يحثها على التوجه إلى أوروبا لتكون إلى جانب زوجها.
هي رفضت السفر لأنها كانت واثقة من أنها لن تتمكن من العودة إلى البلاد. فتوفي مايكل المتخصص بشؤون التيبت لدى جامعة أكسفورد، في العام 1999 بعيدا عنها.
ويقول بيسون "كان ذلك، الثمن الواجب تسديده. آلاف الأشخاص يقدمون حياتهم في سبيل وطنهم من دون أن يطرحوا أسئلة.. فقط لأنهم يؤمنون بعدالة قضيتهم".
وتشدد ميشيل يووه من جهتها على أن "الحب الذي كان يربطها بزوجها مدها بقوة غير محدودة".
و"داو سو" (كما يطلقون عليها محليا) ابنة الجنرال آونغ سان الزعيم المناضل في سبيل استقلال البلاد والذي ما زال مبجلا من قبل الشعب، كانت في الثانية من عمرها عندما اغتيل والدها. وعندما عادت إلى البلاد لتكون إلى جانب والدتها المريضة في العام 1998 بعدما كانت قد استقرت في أكسفورد، وجدت نفسها فجأة وقد سلمها مواطنوها الأمانة.
وبعدما شهدت على التظاهرات المطالبة بالديموقراطية والتي قمعت بالعنف، قررت "ذي ليدي" البقاء في البلاد لتنطلق بكفاحها اللاعنفي على رأس حزب الرابطة الوطنية الديموقراطية. وخلال انتخابات العام 1990، تمكنت من توجيه صفعة إلى العسكريين.
وكما هي الحال عادة في الأفلام الناجحة التي تسرد سيرة حياة ما، انتهى الأمر بصورة الممثلة ذات الأصول الماليزية ميشيل يووه بأن تتطابق كليا وصورة سو تشي. فقالت "عشت طوال 4 سنوات معها ليلا نهارا. وهي ما زالت تتملك بي" بشخصيتها المتميزة. وكانت يووه قد عملت جاهدة لهذا الدور فخسرت وزنا وتعلمت اللغة البورمانية.
كذلك، التقت الممثلة بآونغ سان سو تشي ليومين في رانغون مع اقتراب نهاية التصوير.
فأخبرت قائلة "حضنتني بين ذراعيها وأمسكت بيدي. كانت تبدو ضعيفة لكنها كانت تبعث بقوة هائلة".
وكان لوك بيسون قد تمكن من تصوير جزء من ديكورات فيلمه في بورما بواسطة كاميرا صغيرة "منتحلا" صفة سائح. فيقول "صورت 17 ساعة من اللقطات، في حين كنت أتواجد أحيانا على بعد ثلاثة أمتار من أحد الجنود".
لكن الجزء الأساسي تم تصويره في تايلاند على مقربة من الحدودة مع بورما، مع عدد كبير من الممثلين الثانويين البورميين الذي أصروا على عدم إدراج أسمائهم في قائمة أسماء الممثلين.
وخلال تقديمه للفيلم في أيلول/سبتمبر في تورونتو، أخبر بيسون أن "البعض أجهشوا بالبكاء متأثرين خلال عرض مشاهد اللقاءات لأنهم استمعوا إلى ما قالته سو تشي في باغودا شويداغون" (ذاك المعبد البوذي).
وأسر المخرج أن آونغ سان سو تشي "شكرته" لإنجازه هذا الفيلم الذي لا ترغب بمشاهدته في الوقت الراهن. لكن أحد ابنيها شاهده وقد "تأثر كثيرا به".
ويعود المخرج البالغ من العمر 52 عاما إلى عالم البالغين مع فيلم "ذي ليدي" الذي يبدأ عرضه في فرنسا الأربعاء المقبل، وذلك بعد سلسلة أفلام الصور المتحركة "آرتور" الثلاثة وفيلم "أديل بلن-سيك" الذي أرسله إلى سو تشي والذي "أضحكها كثيرا".
ويعترف بيسون أنه "بكى كثيرا" عند قراءة سيناريو "ذي ليدي" لكنه لم يتردد أبدا في الموافقة على إخراجه. فيقول مؤخرا لوكالة فرانس برس في لوس أنجليس "عندما نرى هذه المرأة التي تناضل ليس من أجل السلطة ولا من أجل المال، بل في سبيل شعبها حتى يتمكن من الحصول على الغذاء والحرية.. فهذا أمر مؤثر جدا".