تعتبر عدوى الجهاز التنفسي العلوي الفيروسية، أو ما يُعرف بنزلات البرد الشائعة، من أكثر الأمراض انتشارا، إذ يصاب بها معظم الأشخاص نحو ثلاث مرات سنويًا، وتستمر في المتوسط تسعة أيام؛ ونظرًا لكونها عدوى فيروسية، فهي لا تستجيب للمضادات الحيوية. وقد سلطت دراسات حديثة الضوء على ممارسة بسيطة وفعالة تُسهم في التخفيف من أعراض نزلة البرد وتسريع الشفاء، وهي غسل الأنف بالمحلول الملحي، حسب تقرير لموقع Katie Media. فعالية غسل الأنف بالمحلول الملحي أظهرت أبحاث حديثة فعالية واضحة لغسل الأنف بالمحلول الملحي في تقليل مدة الإصابة بنزلات البرد لدى الأطفال والبالغين، إضافة إلى دوره في الحد من انتشار العدوى وتقليل الحاجة إلى المضادات الحيوية، بل وقد يحد أيضًا من احتمالية دخول المستشفى؛ ويُعد هذا الإجراء منخفض التكلفة ولا يتطلب وصفة طبية. ولا تقتصر فوائده على التهابات الجهاز التنفسي العلوي فقط، بل يُستخدم أيضًا في علاج الحساسية، والاحتقان المزمن، والتنقيط الأنفي الخلفي، والتهابات الجيوب الأنفية المتكررة. ما هو غسل الأنف بالمحلول الملحي؟ هو إجراء يتم فيه تمرير محلول ملحي داخل تجويف الأنف، إما باستخدام وعاء مخصص أو بخاخ يعمل بالمضخة، بهدف تنظيف الممرات الأنفية وتحسين وظائفها. كيف يعمل المحلول الملحي داخل الأنف؟ يمتلك المحلول الملحي عدة فوائد رئيسية: 1. تنظيف الممرات الأنفية: يزيل المخاط والقشور والفيروسات وكذلك الملوّثات ومسببات الحساسية. 2. خلق بيئة غير مناسبة للفيروسات: المياه المالحة ذات حموضة أقل بقليل من الماء العذب، ما يجعلها وسطًا غير ملائم لتكاثر الفيروسات. 3. دعم الأهداب الأنفية: تعمل الأهداب المجهرية في الأنف على دفع الأجسام الغريبة والفيروسات إلى الخارج. ويساعد المحلول الملحي على الحفاظ على كفاءة هذه الآلية الدفاعية الطبيعية. ماذا تقول الأبحاث؟ دراسة واسعة شملت أكثر من 11 ألف شخص ونُشرت في مجلة "ذا لانسيت" عام 2024، وجدت أن غسل الأنف بالمحلول الملحي عند بدء الأعراض وحتى ست مرات يوميًا، يقلل مدة المرض المصحوب بالأعراض بنحو يومين. دراسات أخرى أصغر أفادت بأن تقليل المدة قد يصل إلى أربعة أيام. أبحاث إضافية أظهرت أن غسل الأنف بالمحلول الملحي يقلل انتقال العدوى. دراسة أُجريت على مرضى في المستشفى بيّنت أن غسل الأنف كل أربع ساعات أدى إلى انخفاض الحمل الفيروسي لفيروس كورونا بنسبة 8.9%، بينما ارتفع في المجموعة غير المعالجة. تحليل تلوي لعشر تجارب عشوائية على مرضى التهاب الأنف التحسسي أظهر أن غسل الأنف بالمحلول الملحي يقلل استخدام أدوية الحساسية بنسبة 62%. هذه النتائج تُبرز فوائد هذه الممارسة في حالات متعددة، بينها الاحتقان المزمن والتنقيط الأنفي الخلفي والتهابات الجيوب المتكررة. أهمية غسل الأنف بالمحلول الملحي وتقليل استخدام المضادات الحيوية إحدى أبرز فوائد هذا الإجراء أنه يساهم في الحد من وصف المضادات الحيوية غير الضرورية، والتي تزيد من مقاومة البكتيريا للمضادات. ورغم أن المضادات الحيوية لا تُقصر مدة التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية، فإن بعض المرضى يشعرون بتحسن مؤقت بسبب خصائصها المضادة للالتهابات، وهي فائدة يمكن تحقيقها بطرق أكثر أمانًا مثل الأدوية المضادة للالتهاب، مع الجمع بينها وبين غسل الأنف بالمحلول الملحي. كيفية غسل الأنف بالمحلول الملحي عند الشعور بأولى علامات نزلة البرد، يمكن البدء مباشرة بهذا الإجراء: يمكن شراء محاليل ملحية جاهزة من الصيدليات، سواء على شكل عبوات ضغط أو بخاخات قابلة لإعادة التعبئة. يمكن تحضير محلول ملحي منزلي بخلط نصف ملعقة صغيرة من الملح غير الميود مع كوب من ماء مقطّر أو ماء مغلي لمدة خمس دقائق ثم مُبرد. يمكن إضافة رشة من صودا الخبز لتقليل الشعور باللسع. أشارت بعض الدراسات إلى أن مياه البحر الطبيعية قد توفر فائدة إضافية لاحتوائها على معادن مثل المغنيسيوم والبوتاسيوم والكالسيوم.