الشيخة أم عمار تشترط على البنات ترك الدراسة للالتحاق بجمعيتها الشيخة فاطمة خاطبة سلفية شعارها «السمسرة سعرها أقل فى سوق الزواج الإسلامى» فى غياب الرقابة ينتشر الضلال والفساد، ينهدم المجتمع على يد قلة من عديمى الضمير وتجار الجهل، وفى الدين أيضا، تنحدر الأمم وتنزلق خلف خرافات هؤلاء التجار، وفى دور تحفيظ القرآن عالم يعكس ذلك، خاصة فى مناطقنا الشعبية التى لا تعرف الرقابة، فما هى إلا «شقق بير سلم»، لأشخاص غير مؤهلين يتحكمون فى عقول المئات من سكان هذه المناطق. ظاهرة منتشرة خلال الفترة الأخيرة تتمثل فى تخصيص دور تحفيظ القرآن للنساء والأطفال فقط فى عددمن المناطق الشعبية الكثيفة بالسكان، «الفجر» تجولت بين هذه الدور للاستماع إلى ما يدور داخلها من فتاوى ونقاشات. «دار الكريم» شقة من ثلاث غرف لتحفيظ القرآن للسيدات والأطفال، بمنطقة «سكة المدرسة» ببولاق الدكرور، لابد من تسجيل بياناتك كاملة لدى «أم حبيبة» وهى سيدة «منتقبة» والمسئولة عن توزيع السيدات والأطفال على الأخوات بالحلقة، بعد أن سجلت بياناتى، طُلب منى الحضور يومى الاثنين والأربعاء، بشرط ارتداء (عباية أو جلباب) أثناء الحلقة والتى ستكون تحت قيادة الشيخة سحر. أثناء الحديث معها لفت انتباهى لافتة مدون عليها «ممنوع الكلام فى السياسة»، سألت عن سبب وضع اللافتة أخبرتنى: «تجنبا لأى مشاكل من الخارج وتأكيدا أن الدار مكان تعليم الدين فقط وليست للحوار السياسى». حضرت فى موعد الحلقة مع الشيخة سحر «صاحبة الأربعين عامًا»، والتى اعتادت إدارتها منذ أكثر من عشر سنوات، واعتادت أيضًا نساء وفتيات المنطقة على حضورها، بشكل أسبوعى، لمدة ساعتين، وحضر ما يقرب من عشرة سيدات. تقسم الشيخة سحر حديثها على جزئين، الأول قراءة بعض الآيات القرآنية وتفسيرها، والجزء الآخر من الحلقة إجابة عن أسئلة الحضور، والتى كان من بينها سؤال من فتاة لا تتعدى 15 عامًا عن رأى الدين فى قتل ناس عن طريق التفجيرات موضحة أنها شاهدت فيديوهات على صفحات التواصل الاجتماعى عن هذا الأمر؟! لترد عليها «حرام طبعًا ولكن هناك اعتبارًا آخر يمكن أن يدفع لهذا الأمر ولكن ليس حديثنا بالحلقة اليوم». قبل الانصراف من الحلقة تطرقت للحديث مع الشيخة سحر فى بعض الأمور الشخصية، علمت منها أنها أم لثلاثة أولاد، حبيبة تعمل معها بالدار، ومحمد يتم تأهيله للدعوة على يد شيوخ مسجد العلم والإيمان، وأكدت أن تحفيظ القرآن للناس أمر ليس صعبًا، بعد أن تخرجت من معهد تجارى سنتين، وتزوجت ثم بدأت فى تحفيظ القرآن بعد أن تلقت العلم فى مسجد «التوحيد» بكفر طهرمس. 1- استقطاب الأطفال ب«دروس التقوية» بالخارج كان إقبال الأطفال على الحضور ملفتًا، وحينما سألت عن السبب، قالت لى إحدى المشاركات إن الدار تقدم دروسًا تقوية للطلاب بأسعار رمزية «50 جنيها فقط لجميع المواد»، لذلك أغلب الأهالى بالمنطقة يرسلون أولادهم مجموعات هنا، مؤكدة أن المجموعات بالدار بدأت مع بداية العام الدراسى الحالى مرحلتين الابتدائى والإعدادى فقط. اللافت للنظر أن الدار ترفض تدريس التاريخ، وبررت أم حبيبة ذلك بأن «الأخوات ترفضن تدريس مادة التاريخ لأنه منهج تقديس الأشخاص والقادسية والتعظيم لله وحده لما له من صفات العظمة والكمال، موضحة أن كل تعظيم خرج عن شرع الله فهو محرم» (على حد قولها). 2- جلسات الأخوات السرية استكمالًا لكشف خبايا وأسرار حلقات الوعظ النسائية كان لى محطة أخرى فى منزل أم عمار، بإحدى الحوارى الضيقة فى المعتمدية بمنطقة كرداسة، المعروفة بتواجد عدد كبير من أنصار جماعة الإخوان الإرهابية والتيار السلفى، داخل بيت قديم يعد من الأماكن المعروفة بالمنطقة فى تحفيظ القرآن للسيدات والأطفال بالإضافة إلى حضانة للأطفال. لأن الحضور فقط على «أهل الثقة» استطعت أن أحضر من خلال إحدى السيدات اللاتى تحضرن حلقات منذ سنوات، حتى أتمكن من معرفة ما يدور فيها، بعد أن علمت من السيدة التى اصطحبتنى معها إن الحضور على أهل الثقة فقط لمنع حدوث خلافات لاختلاف التوجهات، مشيرة إلى أنها لهذا السبب لا يسمح بحضور حلقة من الأغراب. جميع النساء الحاضرات واللاتى كان عددهن سبعة عشر أغلبهن مرتدى النقاب، ومن خلال حديثهن تبين أنهن على علم ببعضهن، وكان جميعهن ربات بيوت غير عاملات فى الثلاثينات والأربعينات من عمرهن. أخبرتنى أحد الحضور أنها تحرص على الحضور حلقات «أم عمار» منذ 5 سنوات، لأنها شخصية متمكنة من علوم الدين وشرحها بسيط خاصة أنها حاصلة على شهادة من جمعية «أهل السنة والجماعة» فى السيرة والفقه والشريعة، وأنها كانت تلقى حلقات فى مسجد «فاطمة الزهراء»، وحول ما تقوم بتدريسه لهم، أوضحت أنها تقوم بشرح الفقه والفتوى وكل ما يخص الدين طبقًا للسنة. جلست جميع النساء والفتيات فى وضع الإنصات أمام الحاجة «أم عمار» ذات العقد الرابع (منتقبة)، أحاطوها بهالة من الاحترام والهيبة، لتبدأ حديثها ببعض الآيات القرآنية، ثم بدعوة المقربين منها، واستهدفت آنذاك السيدات المتزوجات، خاصة وأنها تخصص حلقاتها للحديث عن العلاقات الزوجية وتعامل المرأة المسلمة مع زوجها والزى الإسلامى الصحيح. والجزء الآخر من الحلقة كان حديث أم عمار عن ظاهرة الفتيات غير المحجبات، وطالبت وقتها الحضور ب«حث الفتيات على ارتداء الحجاب» من خلال الزيارة المنزلية والمطلوب إعداد قائمة مجموعة زيارات من كل «أخت» من مناطق مختلفة للقيام بها، مؤكدة أنها أبلغت جميع الأخوات فى الحلقات الأخرى بنفس الأمر، ليتم تنظيم زيارة «أختين» فقط لكل زيارة. 3- واعظات تركن الدراسة قبل الانتهاء من الحلقة ناشدتهن «أم عمار» بدعوة «أهل الثقة» لمشاركتهن حضور الحلقات والاستفادة منها، كما شددت على دعوة الفتيات الصغيرات اللاتى تتراوح أعمارهن ما بين 12 و ال 17 عامًا، مشترطة أن يكن من التاركين للدراسة، ولكن يجيدن القراءة والكتابة، موضحة أن الهدف الارتقاء بثقافاتهن الدينية حتى يصبحهن «واعظات»، ويتم التحاقهن ب«التعليم الدينى بالمعهد الخاص بها»، مؤكدة أننا نجحنا فى تعليم 10 من الفتيات هن حاليًا واعظات فى المساجد، وهناك 7 من الأخوات سوف سيلتحقن بالمساجد قبل رمضان. توجهت بعدها لزيارة أحد مقرات تحفيظ القرآن الخاصة وتملكه «أم عمار» بشارع سكة المدرسة، وبالحديث مع أحد فتيات التى تعمل على تحفيظ القرآن الكريم وهى (أسماء) قالت إن هذا المقر ضمن أربعة مقرات فى مناطق بولاق الدكرور وفيصل والمهندسين، وأن الشيخة «أم عمار» تقدم دورات ومحاضرات فى تعليم الفقة والشريعة، يحضرها المتعلمون وغير المتعلمين لكن يجيدن القراءة والكتابة، مؤكدة أن أغلب الحضور يكن من فتيات غير الحاصلين على شهادات ثم فئة ربات البيوت. وبعد أن أبديت رغبتى فى تعليم الدين وأبلغتها عدم حصولى على مؤهل، ردت قائلة: «أنا حاصلة على شهادة الثانوية العامة، والتحقت بالتعليم الفقة والشريعة هنا، والآن لدى من العلم أفضل ممن تخرج من كلية الشريعة بالأزهر، وحصلت على أربع شهادات إيجاز فى التفسير والفقة. وعن «أم عمار» كشفت أنها حاصلة على ليسانس آداب قسم اللغة العربية، وتلقت علم التوحيد والعقيدة على يد كبار المشايخ فأصبح لديها من العلم الكثير (على حد قولها). 4- حلقات «جلب العريس» وكانت حكايات الحلقات النسائية، فى مسجد «الرحمة»، بمنطقة فيصل مختلفة، وجدت عددًا لا بأس به من السيدات اللاتى يرتدين أغلبهن النقاب ويصطحبن أطفالًا فى انتظار معلمتهن التى اعتادت أن تأتى لهم يومى الأحد والأربعاء من كل أسبوع عقب انتهاء صلاة الظهر. تبدأ سيدة مرتدية النقاب، فى العقد الخامس من عمرها، ما أن أنهت صلاتها إلا والتفت حولها جميع المصليات، بشكل عشوائى لتبدأ الأحاديث الجانبية، ما يبرز مدى عدم اهتمام هؤلاء بتلقى العلوم الدينية، التى تلقيها عليهنالحاجة «فاطمة» التى تطوعت لإقامة تلك الحلقات. بدأت الحاجة «فاطمة» بتجويد بعض الآيات القرآنية وقامت بتفسيرها، حتى بدأت تلقى الأسئلة وتقديم بعض الفتاوى المتعلقة بالأمور الحياتية، فكان من بينها سؤال من سيدة حول رأى الدين فى ضرب الزوج لزوجته، لترد عليها ب: «كل ما نصبر على الزوج نأخذ أجرًا والست لازم تكون مطيعة». مع قرب انتهاء الحلقة توقفت الحاجة «فاطمة» عن الحديث فى الدين وتحفيظ الفتيات الصغيرات القرآن الكريم، للحديث مع السيدات عن أحوال وظروف المعيشة الصعبة. أثناء الحلقة تقربت منى إحداهن وسألتنى عن حالتى الاجتماعية، فأجبت: أنا متزوجة، سرعان ما تدخلت سيدة أخرى بالحديث قائلة «أنت مستغربة ليه من السؤال كلنا هنا أسرة واحدة» لتعود السيدة الأولى تقول: «كنت بسألك عشان لو مش متزوجة نجبلك عريس، الحمد الله ربنا وفقنى أجيب عرسان للبنات من مسجد هنا والمساجد أخرى، دا ليه ثواب كبير عند ربنا». وتابعت: «إنها الأسبوع الماضى أحضرت عريسًا إلى إحدى سيدات الحلقة لديها ثمانية وأربعين عامًا»، مشيرة إلى أن هناك سيدات من الحاضرات بالحلقة أو من المنطقة تطلب منها أن تختار لهن بنات ملتزمة من الحاضرات إلى المسجد. وانتهت الحلقة بعد طلب الحاجة «فاطمة» انصراف الحاضرات وهى تؤكد عليهن الحضور فى الحلقة الأحد المقبل.