ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الاشتباكات الإسرائيلية، التي طالت الحدود المصرية فى أغسطس الماضي، ساعدت في زيادة التوتر بين مصر وإسرائيل مما دفع بعض خبراء الدفاع الإسرائيليين إلى التساؤل عما إذا كان الوقت قد حان لإعادة النظر في جزء أساسي من معاهدة السلام الموقعة عام 1979 التي أصبحت ركنا من أركان الاستقرار الإقليمي. وقالت الصحيفة الأمريكية فى مقال اليوم إن تداعيات الحادث الذي وقع في18 أغسطس الماضي، الذي هاجم فيه مسلحون حافلات وسيارات على طريق سريع إسرائيلي قرب الحدود المصرية في شبه جزيرة سيناء وأسفر عن مقتل ثمانية إسرائيليين وخمسة من أفراد الشرطة المصرية في تبادل لإطلاق نار عقب الحادث، كشفت مدى هشاشة العلاقات منذ سقوط الرئيس المصري حسني مبارك.ونقلت الصحيفة عن البريجادير جنرال المتقاعد شلومو بروم زميل معهد الدراسات الأمنية الوطني في جامعة تل أبيب "إن ما حدث هو نوع من أنواع التنبيه وإن أحداث الربيع العربي زادت من القلق بين الإسرائيليين بشأن تراجع معاهدة السلام نحو الانهيار".وأشارت الصحيفة في مقدمتها لشرح الوضع إلى أن إسرائيل قامت، في الساعات التي أعقبت الهجوم، بضرب أهداف فلسطينية في قطاع غزة، متهمة مسلحين هناك بتدبير الهجوم . وأضافت أن حشودا تجمعت خارج السفارة الإسرائيلية في القاهرة في الأيام التي أعقبت ذلك، مطالبة بإعادة السفير الإسرائيلي إلى بلاده، كما أن مصر ألمحت إلى استدعاء سفيرها.. ولم يحدث أي من ذلك، وقال مسئولون إسرائيليون إن سفارتهم في القاهرة لا تعمل بشكل طبيعي لعدم قدرة دبلوماسييها على التنقل بحرية أو عقد اجتماعات مع المسئولين المصريين.وأشارت الصحيفة الى أن العلاقات بين مصر وإسرائيل يمكن أن تشهد مزيدا من التوتر خلال الشهر الحالي، مع تصويت الأممالمتحدة على الاعتراف الدولي بإقامة دولة فلسطينية، وهو توجه تدعمه مصر وتعارضه إسرائيل.وتطرقت الصحيفة إلى المخاوف الإسرائيلية بشأن ما بعد عهد مبارك، حيث ستجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يمكن أن تأتي للسلطة بأطراف تعمل على خفض مستوى العلاقات مع إسرائيل. وقال "إيلي شاكد"، وهو سفير إسرائيلي سابق لدى مصر بشأن الأزمة الأخيرة، إنه "لا يمكن ضمان هذه العلاقات" إذا فازت اطراف مؤتلفة مع جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات التي تجرى في أكتوبر أو نوفمبر القادمين وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن المجلس العسكري في مصر أكد التزامه بمعاهدة السلام..ونقلت عن محمد بسيوني السفير المصري السابق لدى إسرائيل قوله "إن مخاوف إسرائيل مبالغ فيها وأن أي نظام سيتولى السلطة سيكون حريصا على الحفاظ على معاهدة السلام لأنها حجر الزاوية للسلام والأمن في المنطقة".وذكرت الصحيفة الي أن العلاقات الأمنية قد خففت الآن من حدة التوتر بين مصر وإسرائيل إلى حد ما، رغم مطالبة باعتذار وإجراء تحقيق من جانب إسرائيل في مقتل رجال الشرطة المصريين ، والذى تقول القاهرة إنه كان خطأ إسرائيليا ، وقالت الصحيفة إن جيشي البلدين نسقا نشر كتائب مصرية في جبال سيناء الوسطى للقضاء على الخلايا المسلحة وحلفائها من البدو.وأوضحت أن عمليات نشر القوات هذه تتطلب موافقة إسرائيلية بموجب معاهدة السلام ، التي نصت على أن منطقة شبه الجزيرة الصحراوية الشاسعة منطقة عازلة منزوعة السلاح بعد أربع حروب بين الجانبين خلال خمسة وعشرين عاما.وأضافت الصحيفة نقلا عن مسئولين إسرائيليين أن الفلسطينيين والخلايا الجهادية المتشددة والبدو المسلحين قد برزوا بوصفهم أكبر خطر على الحدود التي كانت قد أصبحت هادئة نسبيا، كما خفت في الوقت نفسه اعمال العنف في قطاع غزة وهدأت الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في القاهرة.وقد حرص المسئولون الإسرائيليون، وفقا لما ذكرته الصحيفة، على عدم التهوين من الجهود التي يبذلها القادة العسكريون في مصر قائلين "إن الإرهاب عدو للعالم كله، وليس لإسرائيل فقط" ، وقال مسئول كبير بوزارة الدفاع الإسرائيلية "نحن نثق في أن قوات الأمن المصرية ستبذل كل ما في وسعها..كما نثق في قدراتها".وأوضحت الصحيفة أنه فى الوقت الذى يؤكد فيه مسئولون إسرائيليون ان الحكومة المصرية تنأى بنفسها عن سياسات الرئيس السابق مبارك التي كانت تنسق كثيرا مع إسرائيل إلا أنهم أعربوا عن مخاوفهم من عدم وجود جهود لمواجهة لما تعتبره إسرائيل طفرة في التحريض ضد إسرائيل وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الجيش الإسرائيلي رد على تحذيرات استخبارتية بشأن احتمال حدوث هجمات متكررة من قبل مسلحين فلسطينيين من قطاع غزة بتعزيز الدوريات وإغلاق الطرق الرئيسية وتحذير السكان المحليين بتوخي الحذر والاستعداد ، بعد ان أدى العديد من الهجمات على خط أنابيب الغاز في شمال سيناء في الأشهر الأخيرة، إلى وقف إمدادات الغاز الطبيعي من مصر إلى إسرائيل، إلى تعقيد العلاقات بين الجانبين. وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ سقوط مبارك في فبراير الماضي، وافقت إسرائيل على طلبات مصرية لزيادة قوات مصرية في سيناء بما في ذلك مركبات مدرعة.ونقلت الصحيفة تساؤلات بعض الخبراء الإسرائيليين بشأن ما إذا كانت مصر يمكن أن تحقق الاستقرار في سيناء بدون مراجعة معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل بزيادة التواجد العسكري وتشديد الاجراءات على الحدود بشكل دائم .وقال بروم إنه يتعين على مصر وإسرائيل إعادة التفاوض بشأن المعاهدة للسماح بوجود القوات التي يمكن أن تتعقب المسلحين، معتبرا أن ذلك يمكن أن يعزز العلاقات بينهما ولا يمثل تهديدا بالضرورة في نفس الوقت.وقال متحدث إسرائيلي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لا يعتقد بضرورة ذلك، معتبرا نشر قوات دائمة أو فتح معاهدة السلام من شأنه أن يفجر المقاومة السياسية.ويقول عوزي دايان، وهو نائب رئيس أركان سابق بالجيش الإسرائيلي وعضو ب "الليكود" إنه يتعين على الجيش الإسرائيلي الاستعداد لعبور الحدود الإسرائيلية-المصرية من أجل ملاحقة المسلحين،وربما أيضا إقامة منطقة عازلة.وفى السياق نفسه ، قال يوسي الفير، وهو مستشار سابق لباراك عندما كان رئيسا للوزراء ومحرر مشارك في موقع "بيترليمون كوم" وهو منتدى إسرائيلي-فلسطيني للرأي والتحليل، إن فكرة انتهاك السيادة المصرية في سيناء فكرة غير مسئولة، وهناك الكثير من الأفكار على المحك فيما يتعلق بحدود مستقرة مع مصر ويتعين علينا كبح هذه الأفكار وبذل قصارى جهودنا للاسهام في تحقيق الاستقرار"