على خلفية الضغوط التي يتعرض لها نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد سقوط اعداد كبيرة من القتلى في صفوف المحتجين السلميين ضد النظام ، يصل وزير الخارجية التركي أحمد داوود اوجلو الثلاثاء إلى دمشق حاملا رسالة من انقرة وصفت بانها "حازمة". وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوجان قد عقد اجتماعا طارئا مع بعض قيادات حكومته لتقييم الأوضاع في سوريا قبل ارسال وزير خارجيته الى هناك لنقل موقف بلاده تجاه ما يتردد عن وقوع مزيد من القتلى في صفوف المحتجين المدنيين في سوريا.
وقال مراسل هيئة الاذاعة البريطانية " بي بي سي" إن محادثات اوجلو في دمشق قد تكون المحاولة الأخيرة لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد بتغيير نهج التعامل مع الاحتجاجات في بلاده.
وأضاف أن وزير الخارجية التركي قد يهدد بأن تؤيد بلاده تحركا أقوى من مجلس الأمن تجاه سوريا، إلا أن معظم المراقبين يستبعدون أن تحقق زيارة أوجلوا تقدما كبيرا.
وقال إن الاستياء التركي تزايد من استمرار" قمع المظاهرات" حتى في شهر رمضان.
إلا أنه من المستبعد ان تلجأ تركيا إلى تخفيض مستوى تمثيلها الدبلوماسي في سوريا، كما أن أنقرة تعترض من حيث المبدأ على فرض عقوبات اقتصادية على دمشق وترى أنها قد لا تضر كثيرا بالحكومة السورية.
وفي سياق الضغوط الاقليمية على الأسد ، استدعت كلا من السعودية والكويت والبحرين سفراءها في دمشق فيما دعا الأردن إلى إجراء حوار.
ودعا الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الرئيس السوري بشار الأسد لتنفيذ إصلاحات حقيقية فورا.
كما دعا الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني إلى "الاحتكام إلى المنطق".
وفي الكويت قال وزير الخارجية الشيخ محمد آل صباح إنه "لا بد من انتهاء العمل العسكري" وإنه "لا أحد يمكن أن يقبل سفك الدماء".
وأضاف أن وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجيين سيجتمعون قريبا لبحث الوضع. فيما وصف ناصر جودة رئيس الوزراء الأردني الوضع بأنه "مؤسف ومثير للقلق".
وأضاف في بيان متلفز أنه "لا بد من استئناف الحوار وتطبيق الإصلاحات كي تخرج سوريا من هذه المعضلة".
كما أصدرت الجامعة العربية الأحد بيانها الأول حول سورية قائلة إنها "تشعر بالقلق"، ودعت إلى نهاية للعنف.
وصرح نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية الإثنين بأنه يأمل أن يتم التغلب على الأزمة بالأساليب السلمية وبتدشين حوار جاد نحو المصالحة الذي طالبت به الجماهير".
لكنه أضاف أنه لا يجب ان نتوقع اتخاذ اجراءات مشددة، وأكد أن الجامعة لن تتخذ أي إجراء بنفسها.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت عن شعورها بالارتياح لما صدر من تصريحات من المنطقة. وقال مارك تونر نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية "ان التصريحات القوية الصادرة عن الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي خلال عطلة نهاية الاسبوع مشجعة للغاية وكانت مصدر ارتياح لنا".
وقال تونر للصحفيين ان هذه "مؤشرات جديدة على ان المجتمع الدولي .. يرفض الاعمال الوحشية التي ترتكبها الحكومة السورية".
واضاف ان هذا كذلك اشارة الى ان بشار الاسد "وحكومته يزدادان عزلة على المستوى الدولي بسبب اعمالهما".
ومن جانبه ، أكد الرئيس الامريكي باراك اوباما ورئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني الاثنين على ضرورة تنسيق الجهود بين الاوروبيين وحلف شمال الاطلسي "لزيادة الضغط" على النظام السوري كي يوقف قمعه الدموي للمتظاهرين.
وقالت الحكومة الايطالية في بيان ان اوباما وخلال اتصال هاتفي اجراه ببرلوسكوني للبحث في ازمة الدين العالمية تطرق الى القمع العنيف الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الاسد ضد المتظاهرين المناهضين له.
واضافت ان اوباما وبرلوسكوني "متفقان بالكامل على ضرورة ان يكون هناك تنسيق قوي بين الحلفاء الاوروبيين وحلف شمال الاطلسي لممارسة مزيد من الضغط على دمشق".
مجلس الأمن
وفيما يتعلق بموقف مجلس الأمن مما يحدث في سوريا ، قال رئيس مجلس الأمن السفير الهندي هارديب سينج بوري ان المجلس سينتظر تقرير الأمانة العامة للأمم المتحدة حول الوضع في سوريا قبل اتخاذ الخطوة التالية.
وأضاف بوري للصحفيين "لن أتكهن بشأن ما يمكن ان يقوم به المجلس فالبيان الذي صدر يوم الاربعاء لم تمر عليه سوى بضعة ايام وعليه لابد من السماح بظهور اثار البيان ومن الطبيعي ان يقوم المجلس بعد ذلك باستعراض الوضع في ضوء التقرير الذي سيقدمه السكرتير العام يوم الأربعاء ومن ثم سنتناوله بعد ذلك".
وكان مجلس الأمن قد طلب في بيانه الرئاسي الصادر يوم الأربعاء الماضي "بأن يطلع سكرتير عام الأممالمتحدة المجلس بشأن الوضع في سوريا في غضون سبعة أيام".
وبما أن الأمين عام الأممالمتحدة بان كي مون لا يزال في جولة في آسيا فمن المتوقع أن يقوم نائبه للشؤون السياسية لين باسكو باطلاع المجلس على هذه المسألة يوم الاربعاء المقبل.
ويتوقع دبلوماسي رفض الكشف عن هويته بأن يتبنى المجلس قريبا كخطوة أولى مشروع قرار يهدد بفرض عقوبات على النظام السوري اذا لم تتوقف عمليات القتل.
وفيما يتعلق بزيارة وفد من سفراء الهند والبرازيل وجنوب افريقيا الى سوريا قال بوري ان الوفد سيصل الى دمشق غدا مشيرا الى ان مهمة الوفد تتلخص في دعوة النظام السوري الى التمسك "بضبط النفس وانهاء العنف وتعزيز الاصلاحات مع الأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب السوري في الحصول على الديمقراطية".
واوضح ان الموقف الهندي لن يتغير بعد اصدار مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية بيانيهما بشأن هذه المسألة قائلا ان "الموقف الهندي كان واضحا دائما وقد تلبور هذا الموقف عبر اللقاء الذي عقده وزير خارجيتنا بنائب وزير الخارجية السوري في نيودلهي قبل بضعة أيام وبالتأكيد سنبدي ملاحظاتنا بعد تقديم البلدان الأخرى بياناتها عقب استعراض الوضع ".
قصف عنيف
وتأتي تلك التطورات في الوقت الذي اعلن فيه الرئيس السوري قرارا بتعيين العماد اول داوود راجحة وزيرا للدفاع خلفا للعماد علي حبيب ، الا ان ذلك لم يمنع القصف العنيف الذي تتعرض له المدن والبلدات السورية ، حيث اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان أن أحد احياء مدينة دير الزور يشهد منذ صباح الثلاثاء اطلاق رصاص كثيف وذلك غداة مقتل خمسة اشخاص بينهم امرأتان وطفلان في هذه المدينة الواقعة في شرق سوريا برصاص قوات الامن.
وقال المرصد في بيان تلقت وكالة "فرانس برس" نسخة منه ان "صوت اطلاق الرصاص الكثيف يسمع في حي الجبيلة منذ الساعة السادسة والربع صباحا مع ورود معلومات للاهالي بان السلطات الامنية والعسكرية ستنفذ عمليات مداهمة اليوم الثلاثاء في حي الجبيلة".
وذكرت قناة "الجزيرة" ان ناشطون نشروا على شبكة الانترنت صورا تظهر اقتحام دبابات الجيش السوري منطقة الحويقة في مدينة دير الزور صباح اليوم ، كما سمع دوي كثيف لاطلاق الرصاص.
ونقلت "الجزيرة" عن نشطاء ان شخصين قتلا برصاص مسلحين في مدينة بنش في إدلب .
وكانت لجان التنسيق المحلية اعلنت مقتل 16 شخصا في حمص ودير الزور وحماة ودرعا برصاص الأمن السوري أمس الاثنين.
ومن جهة ثانية اكد المرصد أن مدينة حمص (وسط) شهدت مساء الاثنين تظاهرة حاشدة في شارع الملعب الرئيسي شارك فيها اكثر من 15الف شخص رددوا هتافات تنتصر لحماة ودير الزور وتطالب باسقاط النظام.
وأفادت تقديرات المنظمات الحقوقية بمقتل نحو 50 شخصا خلال اليومين الماضيين في دير الزور.
ويقول ناشطون حقوقيون إن 1700 مدنيا على الأقل قد قتلوا واعتقل عشرات الآلاف منذ بدء الانتفاضة في منتصف آذار/مارس الماضي. ويعتقد أن أكثر من 300 قتلوا في الأسبوع الماضي فقط.
وفي لبنان ، تظاهر نحو 200 من المفكرين والصحفيين اللبنانيين بالإضافة إلى شخصيات من المعارضة السورية في لبنان في وقت متأخر الاثنين وسط بيروت للإعراب عن تضامنهم مع الشعب السوري.
وهتف المحتجون بالحرية لسورية ودعوا الرئيس السوري بشار الأسد إلى الرحيل عن السلطة، وأضاءوا الشموع لإحياء ذكرى أولئك الذين قتلوا على يد قوات الأمن السورية.
ورفع المشاركون في هذه المظاهرة لافتات كتب عليها "إذا كانت الثورة السورية مؤامرة، فأنا مع المؤامرة"، وأخرى كتب عليها "دعم النظام السوري غير أخلاقي".