أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: العقلاء من بني الإنسان يجمعون على أن الجماعة خير وهدى والفرقة شر وضلالة، وما اجتمع قوم فتشرذموا وما تفرق قوم فأفلحوا ولا انكسر رمح في مجموع رماح ولا سلم رمح ند عن بقية الرماح والشيطان مع الواحد والاثنين وليس مع الثلاثة فأكثر، فقد قال صلى الله عليه وسلم (الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب). وأضاف: الشريعة الإسلامية راعت مصلحة الجماعة وفتحت ذرائع مصالحها وسددت ذرائع مفاسدها، وما تجاوزت الراجح في حق الفرد لتقدم عليه المرجوح في حق الجماعة والأمة. وأردف: لو قدم أحد مصلحته الخاصة على مصلحة الأمة العامة لما اجتمعت الأمة ولا استقرت الجماعة ولعمّ التفريق والشح والمطاع وإعجاب كل ذي برأيه ولزعم كل واحد أن الحق معه لذلك حسم الإسلام كل ما من شأنه أن يفرق جماعة المسلمين ويحث الشقاق أو أن يقلب اختلاف التنوع المباح بين الجماعة إلى اختلاف التضاد المحرم عليها . وقال "الشريم": ما انفرد شخص عن الجماعة إلا كان الغرور قائده والاعتداد بالنفس وصار صيدًا ثميناً لكل صائد وإناء مكشوفا لكل والغ، وأنه ما انخرط شخص في جماعة إلا كان عضواً من أعضاء جسدها الكبير حتى إذا حلت بعضو من أعضائه شكوى تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. وأضاف: مع وفرة النقلية والأدلة العقلية على أهمية الجماعة وخطورة ما يخدشها إلا أن في الناس من هو مولع بحب مخالفتهم، والنأي بنفسه عن ركبهم ولا تحلو له الحال إلا حينما يمتاز بمعارضتهم، وهمته الكبرى أن يسير في غير مسارهم وأن يشار إليه بالبنان ولو على حسابهم وغايته إحداث الإرباك والشرخ في الجماعة قصد ذلك أو لم يقصده، حتى يصبح حديث الناس فيشغلهم بمعارضاته ومخالفاته ولو كان ذلك في حب ما هو ممنوع أو مكروه من حب التفرد ووحشية المخالفة، فكم من مفارق للجماعة اغتاله غروره واعتداده بنفسه فخانه ظنه وأوقعه في نقيض ما رام من فعله وعلى الشاذ تدور الدوائر، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية. ولفت النظر إلى أن من أعظم ما يمتحن به أمر الجماعة ويعلم به الصادق في انتمائه لها من الكاذب والباكي لها من المتباكي، حينما تدلهم بها الخطوب وتصيبها القوراع أو تحل قريباً من دارها فكم من مدعٍ حينذاك أنه معها وعند اشتداد الغِير ظهر نقيض زعمه وما يحمله في نفسه من أثرة أو إرجاف أو تخذيل، وانسل من الجماعة كانسلال الشعرة من العجين، فهذا وأمثاله أشد خطراً على انتظام الجماعة. وأكد "الشريم" أن الإسلام أوجب لزوم الجماعة وحذر الفرد من مناكفتها أو النأي بنفسه عنها، وأوجب استحضار عظم المسؤولية والتزام شرعة الله فيما تأخذ وما تذر واشتراكها في الذمة التي يسعى بها أدناها، وأن تؤدي ما عليها، وتسأل الله ما لها، وأنها إذا لم يقم من يكفي من مجموعها في أداء ما أوجب الله عليها وقع الإثم على الآخرين فإن الغنم بالغنم والغرم بالغرم.