يصنع المجد وحده فى ألمانيا بعيدًا عن الضجيج صوت هادئ وابتسامة، تصاحب نهايات الجمل فى حديثه.. سمير فريد الرجل الذى يتخطى دوره كناقد ومؤرخ سينمائى إلى واحد من أهم وأبرز داعمى نشر الثقافة السينمائية فى مصر وهى المهمة التى اختارها وما زال يؤديها حتى الآن، يطير من مهرجان لآخر ويعود لمصر حريصًا على نقل تجربته للمهتمين والمتابعين بكل تفاصيلها، ليس فقط بالكتابة فى عموده الثابت ولكن بشخصه فى جلسات مطولة قدر الاستطاعة فى العديد من لقاءات الجمعيات السينمائية المتخصصة التى شارك فى تأسيس معظمها، لا يجد أى صعوبة فى التواصل مع أى جيل أكبر أو أصغر عمريًا، لن تجد أى صعوبة فى التواصل مع مفكر مثله أيًا كان الموضوع الذى ستفتحه ستجد عند سمير رأيًا وقصصًا عنه، إن لم تجد توافقًا مع رأيه ستجد فائدة فى الكم المهول من المعلومات الدقيقة الناتجة عن الملاحظة والتقييم الخاصين به. إنجازات سمير فريد يصعب الحديث عنها فى موضوع واحد، مؤلفاته سواء بنات أفكاره أو المترجم منها بالإضافة لتأسيسه الجمعيات والمهرجانات والتظاهرات السينمائية المتعددة، الصفحات المتخصصة فى السينما التى أسسها وشارك فيها كتابة، تغطيته الصحفية والنقدية للمهرجانات العالمية وغيرها من الفعاليات والأنشطة التى ذكر بند واحد منها بشكل مفصل سيتطلب مساحة مخصصة له فقط، وكيف لا والرجل يعد حلقة وصل أساسية بين جيل المؤسسين الأوائل للثقافة السينمائية عاصرهم وعمل معهم وشاركهم يدا بيد فى بناء العديد من الصروح التى مازالت قائمة حتى الآن ومع مرور السنوات كون خبرته وأسلوبه الخاص الذى كان سببًا فى نقل ما اكتسبه منذ بداية عمله فى المجال إلى الجيل الذى يليه والذى يليه وهكذا ومازال عطاؤه ممتدًا ومستمرًا، دون توقف أو كلل من الرجل الذى توجته المهرجانات والمؤسسات السينمائية العربية بتكريماتها وكذلك فعلت المهرجانات الدولية التى كان عضوًا فاعلا فى دورة عملها، كناقل للفعاليات لجمهور واسع فى البلدان العربية أو من خلال مشاركاته كعضو فى لجان تحكيم الاتحاد الدولى للنقاد السينمائيين (فيبريسكى). سمير من المنحازين لفن السينما منذ البداية وطريقة محدد فى اتجاهها، لأكثر من خمسين عامًا وهو يتنقل بين مجالات الخدمة السينمائية سواء فى المهرجانات المصرية أو العربية فى عدة مناصب، تجربته فى رئاسة الدورة ال36 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى تعد نقطة تحول فى المهرجان ككل، فبعد العثرات التى واجهها المهرجان على مدار سنوات، اهتم فريد بالتظاهرة السينمائية على حساب اى عوامل أخرى، رفض أن يستجلب نجومًا عالميين يستهلكون ميزانية المهرجان فى أيام قليلة يقضونها فى أنشطة ليست سينمائية ولن تنعكس بشكل مباشر على جمهور المهرجان، وفى المقابل اهتم اكثر بالأفلام التى حرص أن تكون متنوعة وتمثل اتجاهات سينمائية متعددة وعالمية بالإضافة أيضًا للمطبوعات التى شهدت فى الدورة التى تولى رئاستها طفرة ضخمة بصدور عدد من الكتب التى تضم عناوين قيمة ودراسات وتراجم لنقاد وسينمائيين، اهتمامه بهذه النقطة تحديدًا يمثل انعكاسًا لإدراك مبكر منذ سنوات عمله الأولى بأهمية وجود مراجع سينمائية وسط نقص وندرة فى المطبوعات السينمائية المتخصصة بشكل عام. سنوات عمر هذا المبدع المنحاز للنقد السينمائى ونشر الثقافة السينمائية وتذوق هذا الفن تحديدًا جعله واحد من ثلاثة منحهم مهرجان برلين فى دورته ال67 التى انتهت فعاليتها منذ أيام تكريمًا عن مجمل اعماله بمنحة كاميرا برلين، وعلى الموقع الرسمى للمهرجان وُصف سمير بأن رأيه مطلوب فى العالم لأنه واحد من ابرز النقاد والكتاب فى المنطقة العربية، وبصفته كناقد فقد صاحب فعاليات مهرجان برلين لعقود ليس هذا هو المهرجان الوحيد الذى منح سمير تكريمًا لجهوده المستمرة التى لا يوقفها اى عامل، بل سبقه المهرجان الفرنسى الأشهر «كان» أيضًا، تكريم سمير فريد والاحتفاء به لا يجب أن يتوقف عند مجرد كلمات المجاملة والاستحسان التى يسمع منها الكثير، الاحتفاء بوجود ناقد ومؤرخ كبير فى حجم سمير فريد تكرمه مهرجانات عالمية عريقة يجب استغلاله فى دعم المشروعات التى ينادى بتنفيذها وعلى رأسها إنشاء سينماتيك مصرى يحمى إنتاج السينما المصرية، الاحتفاء به يجب أن يتحول لاحتفاء بالثقافة السينمائية ودعمها كما فعل هو وما زال يفعل وبالتأكيد لن يتوقف.