بدت ملامح التعدي الواضح والممنهج على الصحافة بداية من يوم 25إبريل/نيسان الماضي، حيث شهد هذا اليوم اعتداءات كثيرة على بعض الصحفيين واعتقال البعض الآخر، بعد ذلك خرجت الصحف تندد بتلك اليوم وتسجله ضمن الأيام السيئة لعام 2016، منعت صحف من الصدور وأخرى صدرت على مضض، وتفاعلت التواصل الاجتماعي مع ذلك بروح ثورية عظيمة. بعدها بأيام حدث الحدث الأسوء على مدار التاريخ وهو اقتحام عدد من الجحافل التابعة لوزراة الداخلية المصرية لنقابة الصحفيين لأول مرة واعتقال الصحفيين من داخلها في عملية جنونية لا تمس بأي صلة للعقل البشري، فيما يعد جريمة في حق الصحافة وحريتها قبل اليوم العالمي لحرية الصحافة بيومين! هذا وقد أشهرت الداخلية سيوفها على الشعب، قتل فى المواطنين وعمليات فردية، واعتداء على الأقلام وقلعة الحريات حامية حمى المواطنين وعينهم على الدولة، الأمر الذي كان ولا بد ألا يمر مرور الكرام. جنون الداخلية في الفترة الأخيرة ذاع صيت الداخلية في العديد من عمليات قتل تمت من قبل أفراد الشرطة، وكانت الردود دائمًا "تلك عمليات فردية" ولا علاقة لها بالداخلية، وأن النظام الأمني شريف وعفيف ولب.. لب.. لب! لكن تكرار تلك العمليات الفردية يوحي إلى أنها ممنهجة "يا باشا"، هل مثلا هناك نوع من إعطاء التوصيات لأفراد الأمن أن يبطشوا ب "طوب الارض" مع التأكيد على أمنهم وسلامتهم وأن لا يمس أحد منهم، على طريقة إعادة الهيبة للجهاز الامني بعد أن سقطت في السنوات الأخيرة ودهست بالأقدام؟! إذا كان الأمر كذلك ستكون الداخلية تكتب نهايتها ونهاية النظام ككل بأسوء طرق النهايات المآساوية المعروفة. وتكملة لهذا النهج ذهبت تبطش بالصحافة، وهنا قد سقطت في "شر أعمالها"، وأصابها الجنون! ثورة الصحافة.. "لا بد من وقفة" بعد انتشار خبر اقتحام النقابة سرعان ما ظهرت الأصوات المنادية بالاعتصامات والاحتجاجات بمقر نقابة الصحفيين، وأيضًا سرعان أن لبى الجميع النداء، وبالفعل بدأت الجموع تتوافد على مقر نقابة الصحفيين، حتى الساعات المتأخرة من الليل، مؤكدين على الاعتصام ووضع حد لهذا النهج الجنوني الأحمق المتبع من قبل الداخلية. امتلأت النقابة عن أخرها بالصحفيين، حتى أن كان هناك تكتلات بالداخل، وتجمعات بالخارج، وعلت الأصوات على سلم النقابة كانت كل صرخة بهتاف حاملة للعديد من الكبت والآلم، كانت "ترج" القاهرة ومصر كلها في ظل هذا الليل المظلم وكأنها تقول "قرفنا ومش هنسيبها المرة دي ولو على جثثنا". في حوالي الثالثة خرج بيان النقابة على لسان نقيب الصحفيين وفي اجتماعٍ طارئ، مطالب بإقالة وزير الداخلية، ومكذبًا لبيانات الداخلية وداعيًا لاعتصامٍ مفتوح.. وهنا بدأت الثورة الصحفية في فجر الثاني من مايو/آيار 2016. استمر الاعتصام والصحفيين لديهم كل العزم على البقاء هكذا حتى تعود هيبتهم التى طالما انتهكتها الوزارة الفاشية بحماقة رهيبة، عاهدنا الله جميعًا أن نصمد، وسألناه أن يبقي علينا متوحدين الصفوف. أيضًا شاركت الصحف جميعها في هذه الثورة العظيمة، فتوحدت الصحف في عناوينها، وموضوعاتها مقرةً ما أقره نقيب الصحفيين، مطالبة بإقالة وزير الداخلية والاعتذار ورد الاعتبار للكيان الصحفي الحر والذي سيظل حرًا، كما ظهرت الوحدة تلك عند رؤساء تحرير وممثلي بعض الصحف الذين أظهروا فخرهم بصحفهم التى دعمت بموضوعاتها وصفحاتها الأولى الموقف العام. السر في الوحدة الصحفية.. ظل صمود الصحفيين، اعتصام بالنقابة، وثورة إليكترونية ساخرة على الحكومة والداخلية على فيسبوك، وهؤلاء هم الصحفيون كما عهدناهم بروحهم الثورية الطريفة المبدعة، بالتأكيد لن يهزمهم متآمر تافه. يكاد لنا بالطبع، وهناك من المنافقين كثر، فيجب أن نبقى مستمرين بكل قوة لا تخلخلنا المحاولات الواهية خصوصًا بعد القرار الأخير الذي صدر من النائب العام بحظر النشر في قضية اقتحام نقابة الصحفيين، هناك العديد في الأيام المقبلة، فمن الواجب الصمود أمام الرياح، ولن يضيع حق وراءه مطالب. والآن نحن بصدد اجتماع الجمعية العمومية للصحفيين غدًا، في ظل حصار شنيع للنقابة ومداخلها، ومنع الدخول والخروج منها وإليها، فهل كل هذا سيؤثر على اجتماع الغد؟