قريباً.. انتهاكات كبرى من بعض شركات الإنترنت للخصوصية «اللغة العربية» تتخطى حدود الرقابة التى تفرضها الحكومات
مشروع ضخم غير هادف للربح هكذا تصف الويكيبيديا نفسها، وإن كان مؤسسها قد حقق أرباحاً طائلة من ورائها.
وتتابع إنها مشروع موسوعة رقمية، متعددة اللغات، حرة المحتوى، يستطيع أي شخص التحرير فيها بدون تسجيل، انشئت في عام 2001، نمت وتطورت بسرعة لتصبح واحدة من أكبر المواقع على الإنترنت، ولتجذب أكثر من 100 مليون زائر شهريًا.
أما «جيمى دونال ويلز» - كما تصفه الويكيبيديا - هو رجل أعمال مبادر على الإنترنت أمريكي وشريك في إنشاء ويكيبيديا، ولد في هونتسفيل, ألاباما، الولاياتالمتحدة فى 7 أغسطس سنة 1966 وتلقى تعليمه في مدرسة خاصة صغيرة، ثم حصل على البكالوريوس والماجستير في التمويل. وبدأت النسخة العربية من الموسوعة الحرة في يوليو 2003، وما زالت في مرحلة بناء المحتويات، لذا فإن أي تعديل أو إضافة، مهما بدت بسيطة، هي ذات قيمة كبيرة لهذه الموسوعة.
وفى حواره الخاص مع «الفجر» على هامش منتدى اريكسون لصناع التغيير كشف مؤسس «ويكيبيديا»، عن حقائق هامة أثرت وتؤثر فى سرعة تطور الويكيبديا التى أصبحت مصدر رئيس لمعلومات الملايين من المستخدمين حول العالم.
وأوضح أن مستوى التعليم والأستقرار يؤثر بشكل كبير فى العمل داخل ويكيبيديا، لافتاً إلى أن الحروب التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط تؤثر بشكل كبير على مدى المساهمة فى ويكيبيديا.
وأعرب «جيمى ويلز» فى الحلقة الأولى من حواره مع «الفجر»، عن قلقه على مستقبل الخصوصية على الانترنت فى ظل الانتهاكات التى تشهدها سواء من الأشخاص أو الحكومات، داعياً إلى الاستثمار فى مجال أمن المعلومات.
ولفت إلى أن ال «ويكيبيديا» تزعج الحكومات لدرجة دفعت الحكومة الصينية إلى حظرها، مرجعاً ذلك إلى خوفها من تداول المعلومات السياسية والأراء المعارضة لها، لافتاً إلى أن اللغات الإقليمية مثل اللغة العربية، تستطيع الحد من رقابة الحكومات لأن ما يحظر نشره فى بلد ما يستطيع المستخدمين فى بلد أخر نشره دون رقابة. كم عدد الصفحات التى تضمها الويكيبيديا؟ هناك أكثر من 400 ألف صفحة في ويكيبيديا، وربما هو أقل من المتوقع، وذلك نتيجة لانخفاض نسبة التعليم أو الدراية بكيفية استخدام الإنترنت، وبالتالى هناك قطاع كبير لا يستطيع أن يسهم بشكل فعال في ويكيبيديا.
كما أن الظروف الحياتية قد تمنع البعض من المشاركة خصوصاً فى منطقة الشرق الأوسط، بمناطق التوتر والحروب مثل سوريا، لا يوجد وقت من أجل المساهمة في ويكيبيديا، حيث يحتاج الناس إلى مجتمع آمن ومستقر من أجل أن يكونوا قادرين على المساهمة.
ماهى مميزات ويكيبديا العربية من وجهة نظرك؟
واحدة من أعظم الصفات التي تميز ويكيبيديا العربية أنها لغة إقليمية، وبالتالى فهى تتخطى حدود الرقابة التى تفرضها الحكومات، فمثلاً إذا حدثت أحداثاً سياسية في مصر، فإنه من الصعب جداً بالنسبة لمصر أن تكتب عنها، ولكن قد يتم الكتابة عنها في دولة عربية أخرى، وبالتالى فإن اللغات العالمية – على حد وصفه - تجعل بعض الحكومات غير قادرة على قمع المعلومات السياسية. كيف ترى مستقبل الخصوصية على الانترنت؟ الخصوصية على الانترنت هي قضية ضخمة، وأرى أن أحد الأشياء المزعجة ماينشره المراهقين من لقطات فيديو قد تنتهك الخصوصية، وهو ما يعطى أهمية كبيرة لقضية أمن المعلومات خلال استخدامنا للإنترنت.
وهناك الكثير من الطرق التي يمكن أن تتسبب فى تسرب البيانات، ولدينا حالات للعديد من الشركات التي تم اختراقها و تمت سرقة كلمات السر، وسرقة معلومات خاصة، وأعتقد أن واحدة من أكثرها شهرة هي القصة المثيرة لموقع آشلي ماديسون للغشاشين «خيانات زوجية»، وكانت فعلاً مثيرة للاهتمام لأن الغالبية العظمى من الناس لم تتعاطف مع الضحايا لأنهم يقولون لك «هذا خائن لزوجته»، ولكن للأسف، ما نسيناه هنا أن هذا هو مجرد نموذج بسيط من مشكلة أوسع بكثير وهى أمن المعلومات.
وبما أننا نعيش في العالم العربي، فيمكنك من خلال «فلاشة» الخروج من عملك مع عدد لا محدود من «جيجابايت» البيانات، وهذا لم يحدث حتى الأن ولكن أعتقد أننا سوف نرى بعض الانتهاكات الكبرى، من بعض شركات الإنترنت ويمكنك أن تتخيل الفضيحة لشيء مثل «4 جيجابايت من رسائل خاصة بك من الفيسبوك سرقت وتم نشرها على أحد المواقع، وبالتالي فإن الضرر الاجتماعي يكون هائلا».
ولذلك ربما يكون لديك محادثة خاصة مع أختك عن والدتك، وكيف كانت مزعجة أثناء موسم العطلات ورغم انها مجرد محادثة شخصية بين شخصين، كما أنها ليست ضارة ولا تعتبر أمراً من الشر، ولكنك ستصاب بالرعب إذا نشرت في مكان ما،وتلك من الأشياء الخاصة التي يعول الناس على الشركات للحفاظ على خصوصيتهم وأنه من المهم حقاً أن نستثمر الكثير في مجال الأمن على الانترنت، لذلك واحدة من الأمور الكبيرة التي أنادي بها هي الاتجاه نحو آخذ الاحتياط وزيادة أمن الإنترنت، وزيادة استخدام التشفير.
هل يتعارض تدعيم أمن المعلومات مع توجهات الحكومات؟ أحد المشاكل لدينا هو أن الكثير من الحكومات لديها وجهتي نظر بهذا الصدد، حيث أن جزء من الحكومة سوف يقول: «نحن بحاجة إلى مزيد من التشفير، ونحن بحاجة إلى المزيد من الأمن». وسيقول الجزء الأخر:« لكن علينا أن نتجسس من أجل البقاء على قيد الحياة، يمكننا التجسس على الجميع، فزيادة التشفير أمر سيئ للغاية بالنسبة لنا». ولكننى أؤيد الجانب المرجح للحاجة إلى الأمن باعتباره شيئاً هاماً. ما ردك على قيام بعض الحكومات مثل "الصين" بحجب الموقع ؟ ظلت ويكيبيديا محظورة في الصين لسنوات عديدة، ثم تم رفع الحظر عنها قبل أولمبياد «بكين»، ومنذ ذلك الحين أصبح الوصول إلينا على نطاق واسع، ولكننا منذ بداية هذا العام، أصبحنا محظورين مرة أخرى في الصين. وتم حظر إصدار اللغتين الصينية والانجليزية، ولدينا تقارير مختلطة يمكن الوصول إلى معظمها. ولقد ذهبت إلى الصين للاجتماع مع وزير الإعلام «مياو وي»، لمناقشة هذا الموضوع، وسوف نواصل المناقشات وإنما هي مسألة معقدة، ولذلك سيتم حجب صفحات معينة لفترة طويلة.
ماهى نوعية الموضوعات التى تزعج الحكومة الصينية؟ أنواع الموضوعات التي تم حظرها في الصين على سبيل المثال الفنان "آي ويوي" الذي يزعج الحكومة الصينية، تم حجب صفحته، ولكننا الآن تحولنا بعيداً إلى الصعيد العالمي. هل يعنى ذلك ان سكان الصين لا يستطيعون الوصول إلى ويكيبيديا على الأطلاق؟ ليس بشكل تام، ولكن تم تشفير ويكيبيديا في كل مكان، وعند محاولة الدخول إلى ويكيبيديا اكتب HTTPS بدلا من HTTP، ويماثل ذلك عندما تتحدث مع البنك الخاص بك، لا أحد يستطيع أن يرى ما تقوله، وأي صفحة تبحث فيها، فقط يمكن رؤية انك على اتصال مع ويكيبيديا، مما يعني أنه لم يعد خياراً سياسيا للحكومات لحجب صفحات معينة من ويكيبيديا، لأنهم لا يستطيعون معرفة ماذا يقرأ أي شخص في أي صفحة، لذلك فالخيار لديهم إما بمنع كل ويكيبيديا أو السماح كليا بويكيبيديا. ولكن الواقع في الوقت الحاضر، تمنع الصين ويكيبيديا كلياً، ولكن أعتقد أن ذلك سوف يتغير.