يعيش النظام السوري وضعا صعبا خاصة بعد تأكده من أن روسيا في طريقها إلى التخلي عنه، وأن استضافتها لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ووفد من الائتلاف السوري المعارض، قد تكون بداية فعلية لرفع الغطاء عنه. ويتزامن التقارب الروسي مع السعودية، التي هي الطرف الإقليمي الأكثر راديكالية تجاه بقاء الرئيس السوري بشار الأسد بالسلطة، مع هزائم على مختلف الجبهات تتلقاها القوات الحكومية. ووفقا لتقرير نشرته جريدة "العرب" اللندنية" فأعلنت وزارة الخارجية الروسية السبت أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير سيزور موسكو الثلاثاء لمناقشة مسألتي النزاع في سوريا وتنظيم الدولة الإسلامية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وكان الوزيران التقيا في قطر في 3 أغسطس خلال اجتماع ثلاثي مع نظيرهما الأميركي جون كيري هيمن عليه الوضع في سوريا. وقالت الخارجية الروسية إن وزيرا الخارجية سيواصلان "مناقشة سبل حل الأزمة في سوريا"، وإنهما سيوليان "اهتماما كبيرا" للنزاع في اليمن. وأشار مراقبون إلى أن السلطات الروسية لم تعد تخفي رغبتها في الاقتراب من المواقف السعودية تجاه مختلف القضايا، وهو تقارب مرتبط في أحد أوجهه بالمصالح الروسية والمزايا التي قد تحصل عليها موسكو في سوق سعودية قوية خاصة في مجال المشتريات العسكرية والأمنية. وتعمل موسكو على استثمار حالة البرود التي تعيشها العلاقات الأميركية السعودية بسبب الاتفاق النووي الإيراني، والمآخذ على إدارة أوباما بأنها لم تراع مصالح حلفائها الخليجيين في تقاربها مع طهران. ويعي المسؤولون الروس أن التقارب مع السعودية لا بد له من ثمن، ولذلك لا يعلّق هؤلاء المسؤولون عن التسريبات التي تقول إن موسكو في طريقها للتخلي عن الأسد، أو أن علاقاتها صارت باردة بطهران بسبب تتالي لقاءات لافروف مع المسؤولين السعوديين. وواضح أن القيادة السعودية الجديدة نجحت في استثمار العلاقة مع موسكو للحصول على دعم لمواقفها الحاسمة سواء بوجه المتمردين الحوثيين في اليمن، أو تجاه بشار الأسد نفسه. وقال الجبير ساعات قبل المغادرة إلى موسكو "إن الأزمة في سوريا سوف تنتهي، إما عن طريق العملية السياسية، التي من شأنها أن تؤدي إلى انتقال سلمي للسلطة، للوصول إلى سوريا الجديدة من دون الأسد، وإما عبر الحسم العسكري، أي عبر إلحاق الهزيمة بالأسد". وتابع الجبير "نظام الأسد فقد الشرعية ولا يوجد لديه دور يلعبه في مستقبل سوريا، بعدما قتل أكثر من 300 ألف شخص من أبناء شعبه، وقام بتهجير 12 مليوناً منهم". ولا شك أن الموقف السعودي الحاسم من الأسد لا يأتي من فراغ، فلدى الرياض تطمينات روسية، وموقف أمريكي لا يعارض تنحّي الأسد وتشكيل هيئة حكم انتقالية تحل محله، فضلا عن قراءة لواقع قوات الأسد التي تتلقى ضربات مؤلمة على أكثر من جبهة وخاصة في سهل الغاب على أبواب اللاذقية كبرى المدن المحسوبة على الطائفة العلوية.