الإدمان هو آفة العصر التي تأخذ المجتمع بأكمله لطريق مظلم؛ لأنه لم يقتصر فقط علي المدمنين ولكن يعرض حياة من حولهم للخطر أحيانا، ويسبب لهم آلاذي في الأحيان الأخري ولكننا اعتادنا رؤية الإدمان ومتعاطي المخدرات من البالغين لأسباب عديدة سواء نفسية أو اجتماعية. ولكن لايعلم الكثير منا أن الإدمان ليس ببعيد عن أطفالنا، حيث تتعدي نسبة المدمنين من الأطفال والمراهقين 60% من مدمني المخدرات؛ ومن الممكن ان يستمروا في التعاطي حتي بلوغهم مراحل عمرية متعددة ومنهم من يستطيع الخروج من هذه الدائرة المظلمة مبكرا. تقول الدكتورة " مني جبر " مسئولة إدارة الصحة النفسية والإدمان للأطفال والمراهقين، أن النسبة الأكبر في إدمان المراهقين والأطفال، تكون في "الأطفال العاملين أو أطفال الشوارع، أو الأطفال الذين يتعاطي ذويهم المخدرات"، ولكنها لا تختلف كثيرا عن الأطفال في سن المراهقة الذين يتعلمون تناول المخدرات عن طريق زملائهم بالمدارس خاصه في الأماكن الشعبية. وقال طفل يدعى " محمود " ويبلغ من العمر 10 سنوات، أنه تعاطي المخدر عن طريق أحد زملائه في ورشة الميكانيكا التي يعمل بها، عندما اشتكي من آلام بعموده الفقري نتيجة المجهود الذي يبذله في الورشة، فمنحه أحدهم مخدر "ترمادول" الذي إعتاد علي تناوله، كلما شعر بتعب حتي وصل لمرحلة الإدمان. أما "مهند" طفل عمره 8 سنوات، "ابوه يتعاطي الحشيش والترمادول"، فعندما شاهده أكثر من مرة فحاول تقليد والده فبدأ بتعاطي الحشيش عن طريق اعقاب السجائر التي يتركها ثم تناول الترمادول مثلما يري والده حتي اكتشفت الام تعاطيه للمخدرات فتوجهت به إلى أحد مراكز إدمان الأطفال والمراهقين. وتؤكد "هوانم الفقي" الأخصائية الاجتماعية في الخط الساخن لاستقبال مدمني المخدرات، على أن السبب الأول في إدمان الأطفال وعدم تعافيهم هو إهمال الأهل وعدم وعيهم الكافي للتعامل مع أبنائهم. "رامي" طفل عمره 9 سنوات من قاطني المناطق الشعبية التي معروف عنها تجارة المخدرات؛ أثناء لهو مع أقرانه في الشارع عثر علي شنطة ممتلئة بأنواع من المخدرات فحملها إلى منزله وقام بدسها بعيدا عن الأنظار واخذ يتناول منها يوميا. ومن كثرة الكمية أخذ يوزع علي أقرانه حتي اكتشفه أحد تجار المخدرات الموجودين بالمنطقة واتفق معه بشراء المخدرات منه، فبدأ يبيع رامي كل يوم جزءا منها ويتعاطي جزء حتي أصبح مدمن في غياب تام للأسرة. ويقول رامي أنه اختار المكان الذي لا تستخدمه " أمه " كثيراً لدس أكياس المخدرات، وعندما انتهت الكمية الموجودة اكتشف أنه في حاجة إلى جرعة يومية مما جعل أحد التجار استغلاله في ترويج بضاعته من المخدرات في الإشارات مع أكياس المناديل وعندما أكتشفت الأم وذهبت به إلى المستشفي وتعافى، ولكنه انتكس مرة أخرى بسبب إهمال الأسرة له وتركه في نفس البيئة المحيطة. وتقول دكتورة مني جبر ان نسبه التعاطي في البنات لا تختلف عن البنين ولكن في هذا السن وخاصه ما بين 10 سنوات إلى 16 عام يكون التعاطي بصورة متساوية بين الجميع سواء "بنات او بنين" او أطفال يعملون أو طلاب مدارس. روان تبلغ من العمر 13 عام، طالبة في إحدى المدارس الخاصة والتي جائت إلى أحد المراكز لاستقبال مدمني المخدرات من المراهقين والأطفال، تؤكد على أنها تعاطت المخدرات عن طريق زميلاتها بالمدرسة الذين يتعاطون جميعا "الحشيش والترمادول" وان والديه عندما اكتشفوا ذلك قاموا بنقلها من المدرسة وايداعها في مصحة لعلاج الإدمان. وتقول د. مني أن الأطفال الذين يأتون للعلاج والتعافي لا يخضعون لنفس طرق علاج الكبار؛ لأنهم لا يحتاجون لمرحلة سحب المخدر، ولكنهم يخضعون لمرحلة برامج تأهيل المراهقين والأطفال وأن في أغلب الأحوال لا تسطيع المستشفيات حجز هؤلاء الأطفال لديهم وخاصة لو طلاب خوفا من التأثير علي دراستهم ولابد من متابعة الأهالي ومساعدتهم في تأهيل أطفالهم للتعافي والشفاء. ولكن لم يقتصر الادمان فقط علي الطلاب او الاطفال العاملين او الذين يتناول ذويهم المخدرات وإنما هناك شريحة أخرى لإدمان الأطفال تكمن في أطفال الشوارع الذين اعتادوا على " ادمان الكولة "، وسرقتها من مخازن الخشب؛ لإشباع رغبتهم في الإدمان. كما تقول هوانم الفقي ان هناك نوع اخر من ادمان الاطفال ولكنه ليس ادمان المخدرات انما هو ادمان الانترنت، ويؤكد علي ذلك فارس طفل عمره 10 سنوات ادمن الجلوس علي الإنترنت حتي وصل به الأمر إلى السرقة؛ ليستطيع الجلوس في " السايبر " أطول وقت ممكن.