مناوشات واشتباكات ومواجهات تشهدها المؤتمرات الجماهيرية لمحمد مرسى، من الإسكندرية والمنصورة إلى المحلة وصولا إلى قنا، تترجم حالة من العصبية والتحفز والاستنفار التى تعيشها حملة مرسى، ومن ورائها جماعة الإخوان، فى سبيل تأمين مرشحهم الرئاسى،على خلفية هاجس مبالغ فيه باستهدافه و«فوبيا» تعرضه لعملية اغتيال، تدعمها رسائل تهديد بالقتل، يتحدث شباب الحملة أنها وصلت إلى مرسى بالفعل عبر الموبايل. إجراءات تأمين غير مسبوقة يتجاوز بها مرسى، مايتمتع به أى مرشح رئاسى آخر، و«لجنة مركزية» فى حالة انعقاد دائم، تدرس أدق التفاصيل فى تنقلات مرسى وسفرياته وتكفل تأمين حركته بالكامل وسط خطط أمنية مدروسة، استدعت الجماعة خلالها جميع خبراتها التنظيمية والأمنية التاريخية عبر عقود، واستخدمت خلالها جميع الوسائل الممكنة بداية من ميليشيات شباب الإخوان ووصولا إلى شركات الحراسة المتخصصة أيضا. الجماعة كانت قد لجأت مؤخرا للتعاقد مع إحدى شركات الحراسة الخاصة، بعد وقوع عدة محاولات اعتداء على بعض قياداتها بعد الثورة مثل الدكتور محمد البلتاجى، والمحامى أحمد أبو بركة وغيرهما.. بخلاف حادث اقتحام فيللا المرشد محمد بديع فى بنى سويف للسرقة وكذلك فيللا الدكتور رشاد البيومى فى أكتوبر، وكذلك الاعتداء على مقر حزب الحرية والعدالة فى الإسكندرية. الأمر الذى استوجب ضرورة توفير حماية أمنية مستمرة عبر الاستعانة بشركة متخصصة فى مجال حماية الشخصيات، لمرافقة القيادات العليا فى الجماعة وخاصة المرشد، بالإضافة إلى تأمين باقى القيادات البارزة فى اللقاءات المهمة والمؤتمرات والتجمعات الكبيرة، وهو ما تم اتباعه أيضا مع مرشح الجماعة فى معركة الرئاسة. وعليه فبالإضافة إلى «زوج» البودى جاردز الملاصق للمرشح الرئاسى واللذين وفرتهما له شركة الحراسة، فإن «فرق الإخوان» لتأمين مرسى تنقسم إلى مجموعتين، الأولى «مجموعة نظام وتأمين» تضم 300 شاب إخوانى تم اختيارهم بعناية، وفقا لمواصفات خاصة جدا أولها البنيان القوى والتدريب الكاف للمهمة، وأن تكون لديهم الخبرة السابقة فى تأمين المؤتمرات الإخوانية والفعالية الانتخابية قبل ذلك. هذا فيما يشترط فى ملامحهم أيضا الألفة وحسن المظهربحيث لا يثيرون فزع أو استغراب الناس، بالإضافة إلى تمتعهم باللباقة الكافية للتعامل مع الجماهير، كما يراعى أيضا أن تضم المجموعة عددًا من الأفراد ممن يجيدون التحدث باللغات الأجنبية تحسبا لوجود بعض الضيوف الأجانب الذين يتعين عليهم استقبالهم. مجموعة ال300 ترافق مرسى فى جميع تحركاته، وفقا للتنسيق بين اللجنة المركزية والمكاتب الإدارية للجماعة فى المحافظات التى توفر للمجموعة الأساسية مجموعة إضافية من شباب المحافظة تضم (50- 60) شابًا إخوانيًا آخر تتوافر فيهم المواصفات السابقة أيضا، بحيث تكون لديهم الخبرة الأكبربطرق المحافظة والمناخ فيها، فيما يضع الجميع أنفسهم تحت إمرة قائد مجموعة ال300 الأساسية مشكلين «لجنة نظام» كبرى لتأمين المرشح الإخوانى، قبل أن يتم تقسيمها لمجموعات فرعية لكل منها مهام محددة. بحيث تبدأ هذه المجموعات عملها على خلفية إعداد جدول واضح لتحركات محمد مرسى وزياراته فى المحافظة وكذلك بعد الانتهاء من تحديد المكان المناسب لعقد مؤتمره الجماهيرى.. فبينما تشرف المجموعة الأولى على مهمة ترتيب تحركات المرشح واختيار الطرق الأسهل والأسرع والأكثر أمانا لحركته فى المحافظة، وتتولى المجموعة الثانية تنظيم السلاسل البشرية التى لابد أن تكون فى استقبال مرسى فى مدخل القرية أو المدينة التى سيعقد فيها المؤتمر. تباشرالمجموعة الثالثة أيضا مهمة تأمين المقر الذى سيعقد فيه المرشح الإخوانى مؤتمره الجماهيرى وتقوم بتمشيطه بالكامل، فيما تضع المجموعة الرابعة قواعد صارمة لعملية الدخول والخروج من المؤتمر ولا تسمح لشخص واحد بالدخول للمؤتمر فى أثناء إلقاء مرسى لكلمته حتى ولو كان من الصحفيين. فى نفس التوقيت تقوم المجموعة الخامسة بمهمتها فى التواصل مع الإعلاميين، والسادسة مهمتها فى استقبال الزوار، بينما تقوم المجموعة السابعة بالمهمة الأكثر جدلا وإثارة للمشاكل والمواجهات عادة، بتمشيط المكان خارج مقر المؤتمر والمساحة المحيطة به للتأكد من عدم وجود أى لافتات للهجوم على المرشح أو الإساءة له، الأمر الذى أسفر مثلا عن حدوث اشتباكات خارج استاد بلدية المحلة يوم عيد العمال بين «لجنة النظام» ومجموعة من النشطاء السياسيين كانوا يقومون بتصميم بعض رسومات الجرافيتى للهجوم على مرشح الإخوان محمد مرسى، فقامت لجنة النظام بمسح الجرافيتى، وإلقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى قسم الشرطة وتحرير محضر لهم هناك بتهمة إهانة مرشح رئاسى. الوقت الذى تبدأ فيه المجموعات الأخطر والأكثر أهمية أيضا، مهامها من لحظة تحضير المؤتمر الذى يراعى أن تكون المسافة فيه كبيرة بين المنصة التى يجلس عليها مرسى وبين أول صفوف الحاضرين حتى لو كانوا من الإخوان، هذا بخلاف اختيار المنصة نفسها التى يراعى علو ارتفاعها من الأساس، ما يكفل صعوبة استهداف المرشح الرئاسى من قبل أحد الحاضرين. وفيما تقوم المجموعة الثامنة بتشكيل دروع بشرية حول موقع المؤتمر تحسبا لحدوث أى محاولة اقتحام والتعامل معها فورا، تكون المجموعة التاسعة فى وضع استعداد لظهور أى مظاهرات أو وقفات احتجاجية مناهضة لمرشح الإخوان، حيث تعمل على تطويقها فورا وسحبها بعيدا عن مكان تواجد مرسى، المشهد الذى تكرر فى أغلب المؤتمرات الجماهيرية تقريبا لمرسى حتى الآن. السؤال الأخطر الآن ماذا لو وصل محمد مرسى بالفعل إلى سدة الحكم؟ هل سترضى العقيدة الأمنية المتشككة للجماعة، لتسليم ملف تأمينه الشخصى لمؤسسات الدولة المختصة، من رئاسة جمهورية وأجهزة مخابراتية وشرطية، أم أن الجماعة ستجهز ميليشيات متخصصة لحراسة رجلها؟ إذا ما قرر مرسى إلحاق ميليشيات الجماعة بالرئاسة لتأمينه فى حال وصوله لقصر العروبة، سيمثل ذلك نسخة مصرية إخوانية لقوات الباسيج التابعة للحرس الثورى الإيرانى، وهى ميليشيات شبه عسكرية تتكون من متطوعين، لخدمة نظام الملالى فى طهران. السؤال السابق يبدو منطقيا خاصة بعدما استعان نواب الإخوان فى مجلس الشعب، بالمئات من شباب الجماعة، من أصحاب الخبرات القتالية، لمواجهة مظاهرة ووقفة احتجاجية سلمية، قادها بعض النشطاء السياسيين لتقديم عدد من مطالب الثورة للبرلمان، قبل أن يتعرضوا ل«علقة سخنة» من ميليشيات الإخوان التى اعتبرت أن مبنى البرلمان، ملكية خاصة للجماعة ممنوع الاقتراب منه