في مثل هذا اليوم ومنذ 41 عاما في 22 أكتوبر 1973 وافق مجلس الأمن على مشروع الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة بدعوة جميع الأطراف المشاركة في حرب أكتوبر 1973 بوقف إطلاق النار بصورة كاملة وإنهاء جميع الأعمال العسكرية في مدة لا تتجاوز 12 ساعة من لحظة اتخاذ هذا القرار. وأصدر مجلس الأمن قراره تحت رقم 338 فوافقت عليه مصر فور صدوره، ووافقت عليه سوريا بعد يومين في (24 أكتوبر) ضمن شروط محددة كانت قد أعلنتها، في حين لم تحدد إسرائيل موقفها منه. ورغم ذلك فقد استمر وقف إطلاق النار عدة ساعات على الجبهة المصرية، ثم عادت إسرائيل إلى مواصلة عدوانها قاصفة مدينة السويس ودافعة بقوات جديدة لتعزيز قواتها في ثغرة الدفرسوار . ثم جاءت بعد ذلك مفاوضات الكيلو 101، وهي محادثات ذات طابع عسكري جرت بين مصر وإسرائيل بإشراف الأممالمتحدة للوصول إلى تحديد خطوط وقف إطلاق النار في أعقاب حرب أكتوبر 1973 تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 . وتم توقيع ما يعرف باتفاقية فك الاشتباك الأولى بين مصر والكيان الصهيوني في جنيف بحضور كل من اللواء "محمد عبد الغني الجمسي" رئيس أركان الجيش المصري، والجنرال "دافيد بن إليعازر" رئيس الأركان الصهيوني، والجنرال "أنزيو سيلاسفو" عن الأممالمتحدة. وقد نصت بنود الاتفاقية على حق مصر بالاحتفاظ بما لا يزيد على سبعة آلاف جندي وثلاثين دبابة شرقي القناة، فيما تكون للصهاينة مثل تلك القوات غربي معبري متلا والجدي، ويتعين أن ترابط لمدة ستة أشهر بين هذين الخطين قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة، ولم تعتبر هذه الاتفاقية اتفاقا نهائيا بل مثلت خطوة أولى نحو السلام بين البلدين. وفي هذا الإطار فجرت إسرائيل مفاجأة في الذكرى ال 40 لهذه الاتفاقية، حيث كشفت عن مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ورئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير. ومن بين هذه الرسائل أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات قال: "هذه هي المرة الأولى منذ عام 1948 التي يبعث فيها رئيس مصري برسالة إلى زعيم إسرائيلي، صحيح أن عبد الناصر أرسل في السابق رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، موشيه شاريت، في عام 1954، لكن ذلك لم يكن سوى خدعة من جانب عبد الناصر، وسوف تعلم رئيسة الوزراء عما أتحدث". وأضاف السادات: "عندما طرحت مبادرتي السياسية عام 1971 كنت أعتزم ذلك، وعندما هددت بالحرب كنت أعنى الحرب، وعندما أتحدث الآن عن سلام دائم بيننا، فإنني أعنى ذلك"، واختتم رسالته إلى مائير بالتعبير عن رغبته في استمرار الاتصالات بينهما عبر كيسنجر الذي يثق فيه الطرفان. وفى اليوم التالي وهو الذي وقعت فيه الاتفاقية، نقلت مائير إلى كيسنجر ردها الشفوي على السادات، وعبرت عن تقديرها العميق لرسالته، وعن أملها في استمرار الاتصالات بينهما، عبر كيسنجر، معتبرة إياها نقطة تحول في العلاقات. وتعهدت جولدا مائير، وبناء على اقتراح من كيسنجر، بأن تبذل جهوداً لبناء الثقة والتفاهم مع السادات، وقالت: "يجب بذل كل الجهود من أجل التوصل إلى سلام يحتاج إليه الشعبان المصري والإسرائيلي، وعندما أتحدث عن سلام دائم بيننا، فإنني أعنى ما أقول". وبعدها بعشرة أيام، عاد السادات وبعث برسالة ثانية إلى مائير ووزير دفاعها موشيه ديان نقلها الأمريكيون إلى السفير الإسرائيلي في واشنطن، ما دفع السادات إلى أن يطلب من مائير ألا تضع العراقيل أمامه في العالم العربي، وأن تمضي قدماً لتوقيع اتفاقية فصل القوات مع سوريا؛ لأن الأرضية أصبحت مهيأة لذلك. وعلى هامش الرسالة، كتب السفير الإسرائيلي ملاحظة قال فيها: " اعتقد أن رسالة السادات جاءت بناء على مبادرة من كيسنجر المتحمس لتوقيع اتفاقية مع سوريا، وهذه فرصة لإسرائيل كي تشترط على السوريين الحصول على قائمة بالأسرى الإسرائيليين". وبالفعل أخذت مائير ملاحظات السفير الإسرائيلي في ردها على رسالة السادات، فأعربت عن استعدادها للدخول في مفاوضات مع السوريين في مقابل هذين الشرطين. وفى بداية عرضه لتلك الرسائل، اعترف الأرشيف الإسرائيلي بأن الحكومة الإسرائيلية هي التي سعت إلى توقيع اتفاقية فض الاشتباك الأولى ووقف الحرب، طبقا لما ورد ببعض التقارير الصحفية.