استضافت تركيا قبل أيام "مؤتمر أصدقاء سوريا" في إسطنبول لمناقشة الإستجابة الدولية المحتملة تجاه الأزمة السورية، حيث ضمّ المؤتمر الولاياتالمتحدة وعشرات الدول والمنظمات التي دعمت قتال المتمردين ضد الجيش السوري كما أعلن الأصدقاء عن دعم مالي دائم للمتمردين بما في ذلك 100 مليون دولار تعهدت قطر والسعودية والإمارات بتقديمها كرواتب للمقاتلين. وبالنسبة للولايات المتحدة فقد تعهدت ب12 مليون دولار إضافية كمساعدة إنسانية لمنظمات دولية تساعد المعارضة السورية. وخلال المؤتمر قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنّ المباحثات تمحورت حول "كيفية تطوير هذا الدعم بأفضل السبل" بحسب فورين بوليسي. ويعكس هذا الدعم ما يدور في سوريا من صراع نفوذ ومصالح، فالبلاد تشهد حرباً بالوكالة المحورين السعودي والإيراني. وكانت مثل هذه الحرب بشكل أصغر قد ظهرت في البحرين، ولبنان، واليمن، ما ينذر اليوم بارتفاع حدة الإشتباكات إلى مستوى كبير. فإذا ما سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد ووصلت المعارضة إلى الحكم ستعاني إيران من هزيمة جيوستراتيجية مدمرة. فلن تخسر طهران حليفاً موالياً ذا موقع جغرافي جيد، بل إنّ خط دعمها لحزب الله في جنوب لبنان سيتعرض للخطر. كما سيؤدي وصول المعارضة السورية إلى الحكم إلى تعزيز الدعم المعنوي والمادي للعراقيين المعارضين لإيران، وهو تطور لا بدّ أنّ السعودية سترحب به. وتزود هذه الحرب بالوكالة في سوريا قطر والسعودية وأصدقاءهما بفرصة تطوير وتوظيف قدراتهم في العمليات السرية والحروب غير النظامية. ففي العقود الثلاثة الماضية حقق فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني نجاحاً ملحوظاً عبر بناء حزب الله في جنوب لبنان وحماس في غزة، كما دعم الجماعات المناوئة للولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. ومنذ الثمانينات تملك إيران مهارات عظيمة في استغلال العمل السري والحروب بالوكالة التي يمكنها إنكارها وتجرب فيها أسلحتها، بينما تتجنب باستمرار الحروب التقليدية. وبذلك فإنّ السعودية وحلفاءها سيرغبون في امتلاك مثل هذه التقنيات والأسلحة الإيرانية من خلال الإستفادة من الوضع السوري الحالي. ويذكرنا الصراع القائم في سوريا على هذا الصعيد بالحرب الأهلية الإسبانية في الثلاثينات الذي قدم للقوى الكبرى في أوروبا ساحة لاستخدام الاسلحة والتكتيكات التي ستستخدم لاحقاً في الحرب العالمية الثانية، وكمثال جيد عن الصراع الأيديولوجي بين الفاشية والإشتراكية. وبالنسبة للسعودية وإيران تبدو الإتجاهات للتصعيد في سوريا أكبر مما كانت لألمانيا والإتحاد السوفياتي في إسبانيا.