ذكر لنا القرآن الكريم الحقيقة العلمية القائلة بأن الغراب هو أذكى الطيور منذ ما يزيد على الألف وأربعمائة عام، وذلك فى قوله تعالى فى سورة المائدة: "فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْءَةَ أَخِيهِ"، فهو من علم الإنسان لأول مرة كيف يدفن موتاه. وقد أثبت العلم الحديث أن الغراب طائر شديد الذكاء والمكر، ولا يأتى بعده فى درجة الذكاء سوى الببغاوات.
شوهدت الغربان وهى تلقى على الطرقات ما لم تستطع فتحه من الثمار والأصداف كجوز الهند، وأصداف البحر، حتى تقوم السيارات بدهسها وإعدادها لقمة سائغة لها، وشوهدت الغربان كذلك وهى تقلد الصيادين فى صيد السمك بمهارة فائقة وفى ترطيب الطعام الجاف بالماء.
ذكر كتاب الموسوعة 2009 لكاتبه "مجدى سيد عبد العزيز" أن العلماء يعللون ذكاء الغراب بأنه يمتلك أكبر حجم لنصفى المخ بالنسبة إلى حجم الجسم فى كل الطيور المعروفة، ولذلك تظهر علامات الذكاء على الغراب كالمعرفة والإدراك والذاكرة والقدرة على الاتصال والتحايل لحل المشكلات وكذلك بناء مجتمعات دقيقة التنظيم.
وللغربان محاكم تلتزم بقوانين العدالة الفطرية وتطبق أحكامها على كل خارج عن النظام والآداب العامة، فلكل جريمة عند جماعة الغربان عقوبتها، ففى حالة سرقة طعام الفراخ الصغار، يقوم الغربان بنتف ريش المعتدى حتى يصبح عاجزا عن الطيران، تماما كالفراخ الصغيرة التى اعتدى عليها، وفى حالة التعدى على عش أحد الطيور وهدمه فتقضى المحكمة بإلزام المعتدى ببناء عش جديد لصاحب العش المعتدى عليه، وقد يتبع هذا طرد الغراب من الجماعة إذا تكررت أخطاؤه من هذا النوع، أما فى حالة اغتصاب أنثى غراب آخر، فإن جماعة الغربان تقضى بقتل المعتدى ضربا بمناقيرها حتى الموت.