راوغت جماعة الإخوان المسلمين الشعب المصرى, واستخدموا جميع الأساليب الملتوية منها والمشروع للوصول إلى "سدَّة" الحكم فى مصر, ونجحوا بالفعل فى الوصول إليه ولكن على حساب ماذا ؟!... أتدرون ما صنعه الإخوان بمصر وأهلها؟, الجميع يعلم, سأكرر مقولتى مرة تلو الأخرى "لا أهاجم أشخاصًا بعينهم ولا مؤسسات بعينها, ولكنى أستنكر أمور ومشاهد لم أعْتَد عليها ولا أقبلها" . رعونة الحكم "الإخوانى" ذكَّرتنى كثيرًا بحكم المماليك الذين اجتهدوا كثيرًا فى الوصول إلى الحكم متخذين كافة السبل والمحاولات لتحقيق هذا الحلم الذى تحوَّل فى ليلة وضحاها إلى "كابوس" يطاردهم فى كل مكان ويلاحقهم فى كافة الأزمان.
حيث كان المماليك يُعْزَلون في معسكرات عسكرية خاصة عن المجتمع ويتلقون الدين والتدريبات العسكرية وحينما يبلغوا سن الحلم "البلوغ" كانوا يتحررون وكل واحد يُجهَّز بحصان وأسلحة وكان ولاؤه يُلحَق لأستاذه حتي موته ويتفاني في خدمته والدفاع عنه, وهذه هى نفس سياسة الإخوان التى ترعرعوا وربُّوا أبناءهم عليها, فالسمع والطاعة... "سُنَّة" الإخوان التى سبقهم بها المماليك .
أكملت الجماعة مسلسل المراوغة الذى بدأوه بعد حُكْمِهم لمصر فحاولوا تمرير الدستور "العقيم" ولن أستعير كلمة "المسلوق" التى وصفه به الكثيرون, لأنه كان بمثابة الجنين الذى لم يكتمل نموه فأراد والديه إخراجه سريعًا للإبتهاج به دون مراعاة حالته التى يُرثَى لها, ونجحوا بالفعل فى هذا ولكن ماذا كانت النتيجة ؟!.. الجميع يعلم أيضًا... دعنا لا ننخرط كثيرًا فى البحث عن "خطايا الإخوان" لأننا سنُنْهِك أنفسنا كثيرًا, وأيضًا كى نكون عادلين فهناك العديد من الأمور الجيدة التى صنعتها الجماعة ولا أحد يُنْكِر ذلك, ولكن السؤال هنا "هل الخير والواجب مقترنان بالمصلحة الشخصية ؟... هل طبَّقتهم شعاركم "الإسلام هو الحل" الذى ناديتم به طويلاً, والذى عرفه الجميع دون أن يعلمه ؟ .
فكلنا نعى جيدًا أن المعرفة تختلف كثيرًا عن "العلم", الأمر الذى أغفلته الجماعة طويلاً, حتى أفاقت على الطوفان الشعبى الذى حطَّم إمبراطوريتها "الوهمية", التى يدفع ثمنها الآن الأبرياء منهم فبات مصير شبابها ضبابيًا يكسوه لون "الدم" .
فلن أنسى الكلمات "الذهبية التى أطلقها فى العنان إمام الدعاة, الشيخ "محمد متولى الشعراوى" فى حديثه عن مصر: يجب علينا أن ننتبه جيدًا إلى ما يُراد بنا من كيد وما يُراد بنا من شر فأرونى فى مصر.. مصر الكنانة.. مصر الذى قال عنها رسول الله "صلَّ الله عليه وسلم: أهلها فى رباط إلى يوم القيامة, ومن يقول عن مصر أنها أمة كافرة؟.. إذا فمن المسلمون؟.. من المؤمنون؟.. مصر التى صدَّرت عِلْم الإسلام إلى الدنيا كلها, صدَّرته حتى إلى البلد الذى نزل فيه الإسلام هى التى صدَّرت لعلماء الدنيا كلها عِلْم الإسلام.. أتقول عنها ذلك؟.. ذلك هو تحقيق العلم فى أزهرها الشريف, وأما دفاعًا عن الإسلام فانظروا إلى التاريخ من الذى رد همجية التتار عنه؟.. إنها مصر, من الذى ردّ هجوم الصليبيين على الإسلام وعلى المسلمين؟.. إنها مصر, وستظل دائمًا رغم أنف كل حاقد أو فاسد أو مستغل أو مدفوع من خصوم الإسلام.. هنا أو خارج هنا إنها مصر ستظل دائمًا .
أُريقََت العديد من الدماء وزُهِقَت الكثير من أرواح الأبرياء, نحن لا نتحدث هنا عن تلك التى تنتمى للتيار "الفلان" أو الحزب "العلان", فحديثنا ينحصر فى حرمة الدم المصرى الذى امتد حتى إلى أبناء البيت الواحد, فسفك الدماء سواءًا كان بسبب أطماع أو إختلافات سياسية أو حتى عائلية "حرام" .
لماذا لا نُنْصِت إلى صوت العقل ولو لمرة واحدة.. دعنا نترك خلافاتنا جانبًا, لنتفق ونرى ثمار هذه المحاولة التى لن تُنْقِصنا شيئًا, بل على النقيض تمامًا, فلنُسْقِط أقنعة الإنتماءات الفئوية ولنستظل جميهنا بمظلة الوطن التى لا تفرق بين هذا وذاك.. إنها مصر... حافظوا عليها... فهذه "أم الدنيا" .