ذكرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب توماس فريدمان اورد فيه انه في العصور الوسطى، غالبا ما كان يشار الي المناطق الخطرة أو غير مأهولة على الخرائط بالتحذير: "احذر، يمكن أن تجد هنا التنين". وهذا ما يطلق اليوم علي كامل منطقة الشرق الأوسط. بعد بداية اليقظة العربية، كان من المعقول أن يكون هناك علي أسوأ تقدير ملحد، و في أحسن الأحوال، أمل في احتمالين انتقال هذه البلدان من الاستبداد الى الديمقراطية. لكن في الآونة الأخيرة، بالنظر بصدق في المنطقة، على المرء أن يستنتج أن آفاق التحول المستقر إلى الديمقراطية في أي وقت قريب معتمة. فمن السابق لاوانه التخلي عن الأمل، لكنه ليس من السابق لاوانه بدء القلق. يعلم الله أن هذا لم يحدث بسبب شجاعة الشباب العربي، والعديد من المواطنين العاديين، الذين بادروا بهذه اليقظة، بحثا عن العدالة والكرامة والحرية, بل لأن البقاء في السلطة، و كذب الحراس القدامي الراسخين والأفكار القديمة في هذه البلدان هو أعمق بكثير مما يدرك معظم الناس، وضعف أو غياب المؤسسات الديمقراطية والتقاليد والأمثلة أكبر من ذلك بكثير. و يقول مايكل ماندلباوم، الخبير في السياسة الخارجية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز ان "هناك قول مأثور أن داخل كل رجل بدين رجل نحيف يسعي للخروج, ونحن نميل أيضا إلى الاعتقاد بأن داخل كل استبداد ديمقراطية تسعي للخروج، ولكن ذلك قد لا يكون صحيحا في الشرق الأوسط." وأضاف ماندلباوم ان هذا كان صحيحا في أوروبا الشرقية في عام 1989، ولكن هناك نوعان من الخلافات الكبيرة بين أوروبا الشرقية والشرق الأوسط. كانت العديد من بلدان أوروبا الشرقية لديها ماضي ليبرالي قريب تستند اليه - بعد إزالة الشيوعية السوفياتية التي فرضت بشكل مصطنع. كما كان شرق أوروبا نموذجا مقنعا وجذابا للسوق الديمقراطية الحرة المجاورة للاتحاد الأوروبي. و لم يمتلك معظم العالم العربي المسلم اي من هذا، ولذلك عندما اتي غطاء الحديد من الاستبداد تراجع مرة أخرى، و لكن ليس على الليبرالية، بل علي الإسلام السياسي والطائفية والقبلية أو الحكم العسكري. و لمزيد من التأكيد، علينا أن نتذكر كم استغرقت أمريكا من الوقت لبناء النظام السياسي الليبرالي الخاص بها , و المخططات التي جعلتنا كما نحن اليوم. فقبل أربع سنوات تقريبا، انتخبنا رجل أسود اسمه باراك، و كان جده مسلم، ليقودنا للخروج من أزمتنا الاقتصادية في أسوأ قرن. و ندرس الآن بدلا منه طائفة المورمون، ويبدو كل هذا طبيعي تماما. ولكنه اكي يأخذ هذا الوضع الطبيعي استغرق الامر أكثر من 200 سنة، و تطوير لحرب أهلية. و لا يزال العرب والأفغان في عقدهم الأول. فترى في سوريا سرعة النظام لتحويل تأييد الديمقراطية هناك الى حرب طائفية. تذكر، ان المعارضة في سوريا بدأت سلمية الى حد كبير، على مستوى القاعدة الشعبية و الحركة القومية السورية، من أجل التغيير الديمقراطي. ولكن قوبل هذا عمدا من قبل الرئيس بشار الأسد بالقتل والسم الطائفي حيث أراد أن يشب صراع بين الأقلية العلوية التابعة له مقابل أغلبية المسلمين السنيين في البلاد باعتباره وسيلة لتشويه سمعة المعارضة. كما اورد بيتر هارلينغ و سارة بريك، خبراء في منطقة الشرق الأوسط الذين كانوا في سوريا، في مقال نشر مؤخرا: "بدلا من الإصلاح، كان وضع النظام الافتراضي لدفع المجتمع الى حافة الهاوية. حالما بدأت الاحتجاجات ... أظهرت وسائل الاعلام الحكومية لقطات من نظم الأسلحة التي تم العثور عليها في أحد المساجد في درعا، المدينة الجنوبية حيث اندلعت الاحتجاجات أول مرة، وحذروا من أن الاعتصام في حمص ... كان محاولة لإقامة خلافة مصغرة.و يعني هذا التلاعب بالسوريون ان النظام واثق من أن خطر الحرب الأهلية من شأنه أن يجبر المواطنين واللاعبين من الخارج على حد سواء علي الاتفاق على الحفاظ على بنية السلطة القائمة، باعتبارها الحصن الوحيد ضد الانهيار. " و نرى نفس النوع من التلاعب بالمشاعر في أفغانستان.فقد أحرقت القوات الأمريكية بطريق الخطأ بعض المصاحف، واعتذر الرئيس أوباما. مع ذلك خرج الأفغان في حالة من الهياج استمرت اسبوعا، لقتل الأميركيين الأبرياء كرد علي هذا – و لم يجرؤ الزعيم الأفغاني، او حتي حلفاؤنا، على الوقوف والقول: "انتظر، هذا خطأ. فكل أسبوع في باكستانوأفغانستان والعراق، يقتل المفجرين الانتحاريين مسلمين آخرين – و بعد حرق الكتب المقدسة من قبل الأميركيين اشتعلت شرارات الانفجارات وعمليات القتل. فماذا يقول رد فعلنا عنا؟ "انهم بحاجة الى ذلك الحوار. و في مصر، كل يوم يصبح الامر أكثر وضوحا أن الجيش قد استخدم انتفاضة التحرير للتخلص من منافسها الرئيسي على المدى الطويل للخلافة - نجل الرئيس المصري حسني مبارك الأكثر انفتاحا على الإصلاح، جمال. و الآن، بعد أن تخلص من كلا من الأب والابن، يظهر الجيش موقفه الحقيقي من خلال ملاحقة العاملين في الديمقراطية الأمريكية والأوروبية والمصرية زاعمين انهم "عملاء اجانب" لوكالة الاستخبارات المركزية، وإسرائيل واللوبي اليهودي - لزعزعة الاستقرار في مصر. فهذه تهمة احتيال واضح، ولكنها تهدف الى تقويض مطالب الديمقراطيون بتنحي الجيش جانبا. و الان قد انتهت مرحلة الصحوة العربية / الاسلامية, و اصبحنا في اعماق مرحلة الثورة المضادة، حيث تحاول أيدي القتلى من الماضي في محاولة لخنق المستقبل. و يختتم الكاتب مقاله قائلا انه على استعداد للنظر في أي أفكار تمكن الغرب من مساعدة قوى الديمقراطية. ولكن، في النهاية، انها حربهم، و يجب عليهم امتلاكها و يتمني الا تنتهي - كما هو الحال في كثير من الأحيان في أرض الديناصورات - ببقاء المتطرفين الى النهاية و ذهاب المعتدلين بعيدا.