■ الوزارة أصدرت بيانا قبل ذكرى محمد محمود بيوم يؤكد أن نيتها كانت مبيتة لاستخدام العنف
■ الثوار يرون الإخوان شركاء للأمن فى مجرزة العام الماضى ولذلك رفضوا دخولهم الشارع من أساسه
لم تتعلم وزارة الداخلية من الدروس.. لم تستفد من الأحداث.. لم تر ولم تسمع وكأنها تتحرك دائما فى الاتجاه المعاكس وتعمل ضد نفسها، انكسرت شوكتها عقب ثورة يناير التى أطاحت برؤوسها وعادت لتضرب وتسحل وتقتل من جديد.
عندما اشتعلت أحداث شارع محمد محمود العام الماضى، قامت الداخلية بشكل رسمى وغير قابل للتبرير، بقتل ما يقرب من 40 شهيدًا وأصابت 6 آلاف معظمهم أصيبوا بعاهات مستديمة غالبيتها فقد العين، عندما استخدمت كل مالديها من أسلحة رصاص مطاطى ورصاص حى وقنابل غاز أقوى مما سبقتها أثناء الثورة.
كانت ومازالت الشرطة تتعامل على أنها حامية للنظام «أى نظام» ويعمل رجالها بمبدأ «أسياد الشعب» ولذلك جعلت من هذا الشعب عدوا لها على الدوام، وكان وقتها اللواء منصور عيسوى وزيرا للداخلية ثم اللواء محمد إبراهيم والآن اللواء أحمد جمال الدين، أى أنه على مدار عام جاء ثلاثة وزراء للداخلية والنهج لم يتغير.
وعلى مدار عام مضى وحتى ذكرى أحداث محمد محمود تتكرر السيناريوهات المرعبة وتتطور الأحداث الى الأسوأ دائما، وهذا الأسبوع سبقت الداخلية الجميع ونشرت بيانًا قبيل ذكرى محمد محمود بيوم واحد يؤكد أن النية مبيتة لديها للتعامل بعنف مع المشاركين، كأن البيان مجرد حجة لتبرير ماسيحدث من ضرب تجاه المتظاهرين، الذين أعلنوا أيضا فى هتافاتهم منذ اللحظة الأولى رفضهم وكراهيتهم للإخوان وعلقوا لافتة فى مدخل شارع محمد محمود كتبوا عليها «ممنوع دخول الإخوان»...فالثوار يرون أن الإخوان كانوا شركاء للأمن فى مجزرة العام الماضى.
الداخلية قالت فى بيانها إنها رصدت دعوات نشرت عبر الفيس بوك وتويتر تحرض المشاركين على اقتحام وحرق أقسام الشرطة ومديريات الأمن ومبنى الأمن الوطنى، وأن الداخلية سوف تتصدى لهذه المحاولات وتمنعها، فى حين أن جميع الدعوات التى تضمنتها شبكات التواصل الاجتماعى لم يوجد فيها ما جاء فى هذا البيان، فلم يحرض أحد على الاشتباك مع قوات الأمن أو اقتحام وحرق مقرات الشرطة، وإنما كانت لإحياء ذكرى أحداث محمد محمود فقط، الشارع الذى حصدت فيه أرواح عشرات الشباب العام الماضى.
اعتبر المراقبون والخبراء أن بيان الداخلية يخبئ فى باطنه نوايا سيئة وتوقعوا حدوث عنف من جانب قوات الشرطة تجاه المتظاهرين، واستعدت الداخلية بكثافة أمنية كبيرة فى جميع شوارع وسط المدينة ومحيط مديريات الأمن وأقسام الشرطة، وتم إحاطة ميدان التحرير بسيارات الأمن المركزى وقوات الشرطة فى مشهد ينذر بشىء ما ويؤكد ما حمله البيان، وقد حدث بالفعل.
المسئولون بوزارة الداخلية يقولون إن مجموعات من المشاركين فى المظاهرات اتجهوا صوب الوزارة عن طريق الشوارع المحيطة، وهى محمد محمود والشيخ ريحان، ورشقوا قوات الأمن بالطوب والشماريخ ثم زجاجات المولوتوف، وردت عليهم القوات يقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، والمتابع للأحداث يعرف أن مصابى قوات الأمن عبارة عن 21 مصابًا، أما عدد مصابى المتظاهرين فمائة مصاب حتى الآن، وشهيدان أحدهما 6 أبريل يدعى «صلاح جيكا» واستشهد برصاصة مباشرة فى رأسه.
إذن.. من يضرب من؟ ومن يعتدى على من؟ ومن لديه القوة والسلطة والأسلحة.. ومن يرد بالطوب والشماريخ؟
المشاركون فى الذكرى الأولى لمحمد محمود يرون أن حق من استشهدوا العام الماضى وحق المصابين لم يؤخذ حتى الآن، ومازالت القضية تنظر أمام القضاء ولم يصدر حكم ولم يحاسب أحد من المسئولين عن مذبحة العام الماضى، وقد اعترف بعض الضباط فيما سبق بأن لديهم دائما رجالاً داخل المتظاهرين وأن مخبريهم يندسون دائما وسط المظاهرات وهم من يفتعلون المشاكل، بدليل أن المتظاهرين يفاجأون دائما بمن يتقدم ويلقى بالطوب على قوات الأمن التى ترد على ذلك باعتباره هجوما عليها ويحدث الاشتباك.. والرد دائما يكون بقنابل الغاز ثم الرصاص ثم يقولون الطرف الثالث - هذا اللهو الخفى للأبد على ما أظن.
ورغم أن عامًا مضى على أحداث محمد محمود الأولى وقرابة العامين على ثورة 25 يناير ورغم كل المطالب والدراسات والأبحاث التى قدمت بشأن هيكلة الداخلية ونظامها والنماذج التى تقدم بها الخبراء والمعنيون بالأمر عن كيفية مواجهة قوات الأمن للتجمعات والتصدى للشغب دون عنف ودماء ووقوع ضحايا، فإن النتيجة تظل كما هى، وهو ما يجعلنا لانستطيع الاطمئنان للشرطة ولانستطيع الشعور بالأمان، فكل المعطيات والشواهد تقول إن الداخلية منهجها العنف وثابتة عليه بنجاح، وليس عندها جناة غير الطرف الثالث الذى إن دل على شىء فإنما يدل على فشلها، فهى عاجزة عن الإمساك به منذ عامين.. وكل ماتحصده هو كراهية الناس القابلة دائما للارتفاع، فهم دائما أسياد الشعب وهو مبدأ إن تخلوا عنه يوما فيصبحون أسياد الشعب فعلا ولكن بمزاج الشعب.