شهدت العاصمة السورية دمشق، اليوم الجمعة، انطلاق دعوات من مكبرات الصوت بالمساجد دعوات تطالب سكان الأحياء بمغادرة منازلهم، في الوقت الذي قامت فيه طائرات الهليكوبتر بإطلاق الرصاص لضمان انصياع السكان لتلك الدعوات. وتسكن حاليًا 18 أسرة من العاصمة السورية مبنى مدرسة بسهل البقاع اللبناني، مؤكدين أن السلطات اللبنانية ومنظمات المساعدات الإنسانية تركتهم لمصيرهم. ولا يعرفون إلى أي مكان يذهبون عندما تعود المدرسة للعمل بعد انتهاء العطلة الصيفية.
وتلك العائلات جزء من موجة من اللاجئين السوريين نزحت إلى لبنان المجاور هربًا من الصراع الذي تحول لحرب أهلية في بلادهم، حيث دخلت الانتفاضة السورية شهرها السابع عشر واقتربت أحداثها من معقل الرئيس السوري بشار الأسد بدمشق.
وعلى مدى شهور يتابع سكان دمشق في خوف اقتراب العنف من ديارهم إلى أن اشتبكت قوات المعارضة المسلحة مع القوات الحكومية بشوارع الأحياء السكنية كحي السيدة زينب.
وقال أبو عبد الرحمن، أحد اللاجئين السوريين المقيمين بالمدرسة التي تقع بقرية المرج: فجأة وفي جوف الليل دعانا آئمة المساجد عبر مكبرات الصوت: على جميع سكان السيدة زينب الخروج من منازلهم."
وفرت زوجته وابنته ذات الثلاثة أعوام إلى منطقة مجاورة على أمل العودة قريبا. لكن بعد يومين أطلقت طائرة هليكوبتر النار على جنازة في حي السيدة زينب.
وقال أبو عبد الرحمن: حملت عشرات الجثث إلى المسجد. بعض الأسر دفنت قتلاها سرًا، وفي اليوم التالي رحلت بملابسي فقط."
ووجدت زوجته العراقية "19 عامًا" التي فرت من بلادها إلى سوريا بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة على العراق عام 2003 نفسها مضطرة للهرب مرة ثانية.
وقالت لرويترز وهي تجلس على مقعد للدراسة وتخفي وجهها بحجابها "أشعر بأمان أكثر فعلى الأقل تنام بنتي الآن ليلاً."
لكنها ما زالت تبكي موت طفلها الذي كان يبلغ عمره ثلاثة أيام بسبب استنشاق الدخان بعد انفجار ضخم في مايو بعد ولادته في مستشفى محلي.
وتشبه قصة أبو عبد الرحمن قصص 17 أسرة أخرى فرت معه إلى هذه المدرسة في المرج التي يسكنها 12 ألف نسمة.
وفر أغلبهم من دمشق في منتصف يوليو عندما سيطرت قوات المعارضة المسلحة على أجزاء من العاصمة ورد الجيش بهجوم مضاد.
ويقول البعض: إن رجالا ملثمين جاءوا إلى بيوتهم ويقول بعضهم إنهم تلقوا إنذارات مكتوبة من تحت أبواب منازلهم التي غادروها وهم لا يحملون سوى أوراق هويتهم وقليلا من ملابسهم ربما على أمل العودة قريبًا.
وقالت امرأة، وهي تنظر إلى رضيعها الذي يبلغ من العمر أربعين يومًا: كل شيء في بيتي جديد كنت أقوم بالبناء منذ أربع سنوات ولم يتسن لي أن أتمتع به."
واتخدت مدرسة المرج الثانوية بسرعة طابع مخيمات اللاجئين. فقد أخرجت المقاعد والمكاتب إلى الممرات لإخلاء الأماكن للعائلات داخل الفصول. بينما ينظف الأطفال الأرضيات لتظهر على ما يجب أن يكون عليه بيت عادي. وتحولت أدراج التلاميذ إلى صيدليات صغيرة ملئت بالأدوية.
وسجلت مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين نحو 35 ألف لاجئ سوري بلبنان لكن عدة آلاف آخرين يعتقد أنهم بلبنان ردًا لجميل استضافة السوريين للاجئين لبنانيين عام 2006 فروا من هجوم إسرائيلي ضد حزب الله.
وقال جورج مونتاني، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: إذا استمر الموقف في سوريا حتى الشتاء المقبل وما بعده فعلينا كمجتمع دولي وعلى الحكومة اللبنانية أن نفكر في حل دائم للاجئين بلبنان."