تخلى البرلمان اللبناني اليوم الأربعاء عن ثاني محاولة له لانتخاب رئيس جديد للبلاد بعد أن قاطع عشرات النواب التصويت لانتخاب خلف للرئيس الحالي ميشال سليمان. ولم يتفق بعد التكتلان السياسيان الرئيسيان في لبنان وهما تحالف 8 آذار المؤيد لحزب الله الشيعي ومنافسه تحالف 14 آذار بزعامة رئيس الوزراء السابق السني سعد الحريري على مرشح توافقي يمكنه الحصول على تأييد أغلبية نواب البرلمان وعددهم 128 عضوا. وترجع جذور هذه الأزمة إلى الانقسامات السياسية والطائفية القديمة التي زادت تعمقا مع ثلاث سنوات من الحرب الأهلية في سوريا ويمكن أن يستمر هذا الوضع إلى ما بعد انتهاء فترة سليمان في 25 مايو بعد فترة حكم استمرت ست سنوات. وأيد شيعة لبنان الرئيس السوري العلوي بشار الأسد بينما يساند السنة اللبنانيون المعارضة التي تقاتل لاسقاطه. وانقسم المسيحيون الموارنة -الذين ينتخب رئيس لبنان من بينهم في إطار نظام لاقتسام السلطة في لبنان- حول ما يحدث في سوريا. وفي الاسبوع الماضي حصل المرشح سمير جعجع زعيم الميليشيا السابق وهو معارض شديد للاسد على 48 صوتا بفضل تأييد من نواب تحالف 14 آذار. لكن هذا العدد جاء أقل من عدد من صوتوا بورقة بيضاء وبلغوا 52 عضوا من نواب تحالف 8 آذار المؤيدين للاسد. وفي الأسبوع الماضي أعلن ميشال عون قائد الجيش السابق المنتمي الى تحالف 8 آذار استعداده للترشح إذا تحقق توافق يدعمه. وفي غياب أي اتفاق من هذا النوع تأجل الاقتراع المقرر اليوم الاربعاء بعد ان قاطع نواب تحالف 8 آذار المتحالفون مع عون جلسة البرلمان ولم يتحقق نصاب الثلثين الضروري لإجراء أي اقتراع. وحدد رئيس البرلمان الجلسة التالية للاقتراع في السابع من مايو أي قبل أقل من ثلاثة أسابيع من انتهاء فترة ولاية سليمان. وقال سياسيون كبار في لبنان إن المداولات حول خليفة سليمان قد تمتد شهورا وإن من غير المرجح أن يفوز مرشحون بارزون بتأييد واسع في مناخ الاستقطاب السياسي الذي يعيشه لبنان وهو ما قد يعني أن الاختيار قد يقع على مرشح مغمور نسبيا لكنه أقل إثارة للجدل. ويجيء البحث عن رئيس جديد للبنان بعد شهر واحد من فوز رئيس الوزراء تمام سلام الذي عين في مارس من العام الماضي بثقة البرلمان في حكومته لينهي فراغا في السلطة استمر عاما. والتأخر في انتخاب رئيس جديد للبنان قد يترك البلاد بلا زعامة في وقت تحتاج فيه إلى ذلك بشدة لاحتواء أشهر من الصراع الطائفي ومواجهة سيل من اللاجئين السوريين وتباطؤ شديد في النمو الاقتصادي. وقالت ماري هارف المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تأمل أن يمضي انتخاب رئيس لبناني جديد "وفقا للدستور اللبناني في الوقت المحدد ودون تدخل أجنبي".