«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب المسجد الحرام: العبادة لا يقبلها الله إلا بشرطين وأصلين
نشر في صدى البلد يوم 19 - 04 - 2024

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ ماهر المعيقلي، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه، وتجنب مساخطه ومناهيه.
العبادة لا يقبلها الله من العامل إلا بشرطين
وقال خطيب المسجد الحرام في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: "إن الله تبارك وتعالى، لم يخلق الخلقَ ليتعزز بهم من ذلة، ولا ليستكثر بهم من قلة، فهو الكبير المتعال، وهو المنعم المتفضل،﴿ وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾، حيث في صحيح مسلم: يقول الله تعالى في الحديث القدسي: ((يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي، فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا))، فالله تعالى خلق الخلق لعبادته، وحده لا شريك له، وهذه هي الغاية، التي خلق الله الجن والإنس لها، كما قال جل وعلا: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، وأرسل رسله عليهم السلام، وأنزل عليهم كتبه العظام، فقال جل شأنه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾".
خطيب الجمعة الثانية من شوال: التاجر الصدوق يرافق الأنبياء والمحتكر ملعون
وأضاف أن عبادة الله، حق واجب له على عباده، فمن أجلها نصبت الموازين، ونشرت الدواوين، وقام سوق الجنة والنار، وانقسم الناس فيها إلى مؤمنين وكفار، ومتقين وفجار، وأصل العبادة، توحيد الرب جل جلاله، ولقد أفاض الله في كتابه، بذكر الأدلة، وضرب الأمثلة، وبيان دلائل الوحدانية، وبراهين التفرد باستحقاق العبادة، مستشهداً بقوله جل وعلا: ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ﴾.
وأردف: ( العبد إذا أخلص في عبادة ربه، صَلُح أمره، وانشرح صدره، واطمأن قلبه، وأنار وجهه، قال تعالى ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، وسُئل الحسن البصري: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهًا؟! فقال: "لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورًا من نوره"، ويقول سعيد بن المسيب -رحمه الله-: "إن الرجل ليصلي بالليل، فيجعل الله في وجه نورًا يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط فيقول: إني لأحب هذا الرجل"، فمن آثار العبادة، حلاوة الإيمان والطاعة، فلا يزال العبد في أداء العبادات، والإكثارِ من الأعمال الصالحات، حتى يصير الذكر أنيسه، والقرآن جليسه، والصلاة قرة عينه، والصيام متعته، فيحييه الله حياة طيبة، فيكون من أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسَرهِّم نفساً، فتراه في أشد الكروب والخطوب، وعند حلول الهموم والغموم، يفزع إلى الصلاة، فيناجي فيها ربه، ويبثُّ إليه شكواه وهمه، يتذكر قول الرب جل في علاه: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾، فهذا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، بشر يعتريه ما يعتري البشر، من حزن وهم وكدر، فيُعلِّمنا بفعله ومقاله كيف يزال الهم، ويدفع القلق والغم، فكان إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة، وفي سنن أبي داود: قال صلى الله عليه وسلم: ((يا بلالُ، أقم الصلاةَ، أَرِحْنَا بها))، وقال علي رضي الله عنه: " لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ، وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ إِلا نَائِمٌ، إِلا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ، وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ"، رواه الإمام أحمد في مسنده، قال ابن القيم رحمه الله في شأن الصلاة: "فلها تأثيرٌ عجيب في حفظ صحَّة البدن والقلب، وقُواهما، ودفع الموادِّ الرديئة عنهما، وما ابتُلي رجلان بعاهةٍ أو داءٍ أو محنة أو بليَّة، إلا كان حظُّ المصلِّي منهما أقلَّ، وعاقبته أسلَمَ، وللصلاة تأثيرٌ عجيب في دفع شرور الدنيا، ولا سيما إذا أُعطِيَت حقَّها من التكميل ظاهرًا وباطنًا، فما استُدفعت شرورُ الدنيا والآخرة، ولا استُجلِبت مصالحُهما بمثلِ الصلاة". انتهى كلامه رحمه الله، كما من آثار العبادة: تكفير الذنوب والخطايا؛ والعفو عن الزلات والرزايا؛ ففي صحيح مسلم: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، - أي: استمتع بها دون الجماع -، قال: فَأَنَا هَذَا، فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَكَ اللهُ، لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ، قَالَ: فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ، فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا دَعَاهُ، وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللهِ هَذَا لَهُ خَاصَّةً؟ قَالَ: «بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً»، وفي مستدرك الحاكم: قَالَ صلى الله عليه وسلم للرجل: ((أَصَلَّيْتَ مَعَنَا الصَّلَاةَ؟))، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ((قَدْ غُفِرَ لَكَ)).
وأردف خطيب المسجد الحرام: " بالعبادة تتهذب الأخلاق، وتزكو النفوس، فالعبادة لا تؤتى ثمرتها المرجُوّة، إلا إذا ظهر أثرها في سلوك المرء وأخلاقه، فالدين كله خُلُق، فمن زاد عليك في الخُلُق؛ زاد عليك في الدين، وأصول العبادات، كالصلاة والزكاة، والحج والصيام، هي متباينة في جوهرها ومظهرها، ولكنها تلتقي عند الغاية التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ))، رواه الإمام أحمد في مسنده، فالغاية من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، لإكمال الأخلاق بعد نقصانها، وجمعها بعد تفرقها، وإن حسن الخلق يبلغ بالعبد درجة الصائم القائم، وفي مسند الإمام أحمد: قَالَ رَجُلٌ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا. قَالَ: ((هِيَ فِي النَّارِ))، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: ((هِيَ فِي الْجَنَّةِ))"، منوهًا أن العبادةُ ليست منحصرة في أركان الإسلام، بل العبادة أشمل من ذلك وأعم، فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة، فيدخل فيها عبادة القلب واللسان، والجوارح والأركان، كمحبة الله وخشيته، والصبر لحكمه، والتوكل عليه، والرضا عنه وبه، وخوفه ورجائه، والإنابة إليه، والحياء منه، ونحو ذلك من العبادات القلبية، وكذلك عبادات الجوارح والأركان، من الصلاة والزكاة، والحج والصيام، وبر الوالدين وصلة الأرحام، وصدق الحديث وأداء الأمانة، ويندرِج تحت العبادات، أبواب كثيرة من الخيرات؛ ففي سنن الترمذي: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ))، بل إن طلَبَ الرِّزقِ والكَسبِ عبادة، وسعيَ المرء على مصلحة من يعول عبادة، والأعمال المباحة، تُصبِحُ بالنيَّة الصالحة عبادة، مستشهداً بما جاء في صحيح مسلم: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ((وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: ((أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ))، ولما سئل مُعاذ رضي الله عنه عن صلاته في الليل، قال: "أما أنا فأنامُ وأقومُ فأحتَسِبُ نومَتي كما أحتَسِبُ قَومَتي"، رواه البخاري، فكان رضي الله عنه يحتَسِبُ الأجرَ في النوم، كما يحتَسِبُه في قيامِ الليل؛ لأنه أراد بالنوم التقَوِّي على العبادة والطاعة، وإن من فضل الله وكرمه، وجوده ومنته، أن من ترك الحرام، وابتعد عن الآثام، خوفاً من الله، ورجاءً ثوابِ الله، عُدَّ ذلك من طاعاته، وكُتِبَت له في ميزان حسناته، فتصبح حياة المسلم كلها عبادة، كما قال الله جل في علاه: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾.
وقال خطيب المسجد الحرام في خطبته: إن الواجب على المسلم، أن يهتم بأمر عبادته، ويحسنها ويعظمها، قال تعالى ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ﴾، فمن كان يرجو لقاء ربه، ويطمع في جنته، ويستجير به من ناره، حري به أن يسعى لإحسان عبادته، فالعبادة لا يقبلها الله من العامل، إلا بشرطين عظيمين، وأصلين متينين: الإخلاص للمعبود ، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد جمع الله بينهما في قوله: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾، وذلكم هو مقتضى الشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فتكون العبادة، خالصة لله وحده، سالمة من الرياء، ففي صحيح مسلم: قال الله تعالى في الحديث القدسي: ((أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ))، فالشرك من أعظم الظلم، ولا ينفع معه عمل، فمن صرف شيئاً من العبادات لغير الله، فقد حبط عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين، الخالدين المخلدين في نار جهنم والعياذ بالله، لا يقبل منه فرض ولا نفل، ولا ينفعه شفاعة الشافعين، ولا دعاء الصالحين، فقد قال الله لرسوله الكريم: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾، مبينًا بأن الشرط الثاني من شروط قبول العبادة، فهو متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، والمراد بها، تأدية العبادة، على الصفة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة ولا نقصان، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾، فلا يجوز لأحد، أن يعبد الله الواحد الأحد، إلا بما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو المبلغ عن ربه، فيكون التعبد بما شرعه، ففي الصحيحين: قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ))، - أي: فهو باطل مردود غير معتد به -، فالعبادة بكل متعلقاتها، من جنس العبادة وسببها، وصفتها ومقدارها، وزمانها ومكانها ، متوقف على الدليل، فلا يجوز لأحد أن يحدث عبادة في دين الله، إلا بدليل من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال سبحانه: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.