النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا باغتنام الفرص والنفحات شهر الله المحرم بداية تقويمنا الهجري الذي وُضع في زمن سيدنا عمر بن الخطاب ألقي خطبة جمعة اليوم من الجامع الأزهر، الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، ودار موضوعها حول "سلامة الصدر من الأحقاد". وقال د. ربيع الغفير، إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا باغتنام الفرص والنفحات التي يمُن بها الله تعالى على عباده، فقال المعصوم صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه "إنَّ لربِّكُمْ في أيامِ دهرِكُمْ نفحاتٌ ألا فتعرَّضوا لها"ومن مواسم النفحات شهر المحرم المبارك، فقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل هذا الشهر فقال: "أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ"، إضافة أنه أحد الأشهر الحرم التي عظمها الإسلام وعظمها الله تعالى في قوله تعالى "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ"،. وأضاف خطيب الجامع الأزهر ، أن شهر الله المحرم هو بداية تقويمنا الهجري الذي وُضع في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين مسّت الحاجة لوضع تقويم خاص بالمسلمين يؤرخون به أحداثهم ووقائعهم، فكان عام الهجرة وهو المولد الحقيقي للإسلام هو بداية التأريخ والتقويم الهجري، حيث كانت العرب قبل الإسلام يعبثون بترتيب الشهور وهو ما عُرف بالنسيئ في قوله تعالى"إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ"، وفي خطبة الوداع أعلن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان حاسم المبادئ العظمى التي تضمن للأمة الإسلامية مقومات بقاءها وسلامتها إلى يوم القيامة، فعن أَبي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بنِ الحارثِ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّماواتِ والأَرْضَ: السَّنةُ اثْنَا عَشَر شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقعْدة، وَذو الْحجَّةِ، والْمُحرَّمُ، وَرجُب مُضَر الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ"، فأرسى النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب الشهور حتى يومنا هذا. وبيّن د. الغفير، بعض الفضائل في هذا الشهر؛ ففيه يوم عاشوراء الذي نجى الله تعالى فيه سيدنا موسى عليه السلام، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال "قَدِمَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، فَوَجَدَ اليَهُودَ يَصُومُونَ يَومَ عَاشُورَاءَ فَسُئِلُوا عن ذلكَ؟ فَقالوا: هذا اليَوْمُ الذي أَظْهَرَ اللَّهُ فيه مُوسَى، وَبَنِي إسْرَائِيلَ علَى فِرْعَوْنَ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا له، فَقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم نَحْنُ أَوْلَى بمُوسَى مِنكُم فأمَرَ بصَوْمِهِ"، وفي فضل صيامه رُوِي عن أبى قتادة رضى الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ» أخرجه مسلم فى "صحيحه". وعرّج خطيب الجامع الأزهر، على أهم مايقبل به عمل العبد ويُستجاب به دعاؤه هو سلامة الصدر؛ فكيف يتقبل الله عمل من مُلِئ صدره بالغل والحقد أو مَن قطع رحمه أو أكل مال ذويه أو آذى جاره، فالإسلام والنبى صلى الله عليه وسلم براء من هذه الممارسات الخاطئة؛ فعن الزُّبير بن العوَّام رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وسلم قال دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبَغْضَاء، هي الحالقة، لا أقول تحلق الشِّعر، ولكن تحلق الدِّين، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنَّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أفلا أُنبِّئكم بما يثبِّت ذلك لكم؟ أفشوا السَّلام بينكم"، فالمؤمن خال من عيوب الصدر لايحقد ولا يحسد أحدا على ما آتاه الله من فضله ولا ينطوي قلبه على هذه الصفات فالمؤمن إلف مألوف، فعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف"، ولذا وجب على كل مسلم التحلي بأجمل الأخلاق التي أوصانا بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فأيسر الطرق إلى الله تعالى سلامة الصدر ونقاء القلب الذي هو محل نظر الله تعالى.