سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما بين مرصد الأزهر ومركز سلام لدراسات التشدد| "الفكر المتطرف تحت مجهر المؤسسات الدينية".. شيخ الأزهر حذر من المصادر غير الموثوقة دينيا.. علي جمعة: المسلم الحقيقي يجب أن يعتزلهم
الأزهر حرص على إنشاء مرصداً للمكافحة عام 2015.. والإفتاء قدمت مركزاً لدراسات التشدد أمين البحوث الإسلامية: كتاب الله شهد محاولات بائسة على مر السنين والأزمنة للتلاعب بألفاظه واستغلال نصوصه لتحقيق منافع لهم وزير الأوقاف: ديننا السمح الحنيف قائم على الوسطية في كل شيء لا تتوقف مساعي المؤسسات الدينية في مواجهة الفكر المتطرف وتحصين الشباب، وتصحيح المفاهيم التي من شأنها أن تتسبب في انزلاق بعض الشباب داخل نفق الإرهاب المظلم، ومن ذلك ما أقدم عليه الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف، حيث بادرت المؤسسات الإسلامية مجتمعة ومتفرقة على اتخاذ تدابير متعددة خاصة بعد دعوة تجديد الخطاب الديني التي تبنتها الدولة المصرية عقب أحداث ثورة ال 30 يونيو. وقد حملت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، خلال المنتدى العالمي للتعليم العالي والبحث العلمى، والمؤتمر العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الايسيسكو"، بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحذيرا من الفكر المتطرف الأحمق وسعيه لتدمير المستقبل والحاضر، لافتاً إلى أن الإسلام ليس له علاقة بالفكر المتطرف الذى يدمر الشعوب ومستقبلها. وفيما يلي يستعرض "صدى البلد"، أبرز ما جاء على لسان العلماء وما قدمته المؤسسات الدينية في سبيل محاربة الفكر المتطرف والقضاء على التشدد والإرهاب. خطورة الفكر المتطرف على الأوطان حيث بادر الأزهر الشريف إلى الإعلان عن مرصده لمكافحة التطرف، في الثالث من شهر يونيو لعام 2015م، بهدف رصد كافة رسائل التطرف والإرهاب التي تبثها الجماعات المتطرفة أياً كانت أيديولوجيتها، والعمل على تفنيدها ومكافحتها وبيان صحيح الدين، وكذلك الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية المنتشرة في الكثير من بعض وسائل الإعلام العالمية. وأكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، خطورة الفكر المتطرف على الأوطان، محذراً الشباب من الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي في الحصول على معلوماتهم عن الإسلام وشريعته وأحكامه، موجهاً إلى أهمية استقاء معلوماتهم من المصادر الموثقة أو أخذها عن العلماء الثقات المشهود لهم بالأمانة. ودعا فضيلته كل القيادات العربية إلى الاهتمام بالشباب وإشراكهم في بناء أوطانهم وصناعة مستقبله، مؤكدًا أن هناك خطوات ملموسة فى هذا المجال بدأت في بعض البلدان العربية. توضيح المفاهيم التي يستغلها المتطرفون الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، أبرز دور مؤسسة الأزهر على مدار تاريخها العريق في الوقوف سدًّا منيعًا أمام محاولات النيل من الشباب، فأَوْلَت عناية خاصة بتوضيح المفاهيم التي تستغلها الجماعات المتطرفة، وتفنيد الشبهات التي تدلس بها على الناس. وأشار وكيل الأزهر إلى الجهود المكثفة التي يقودها الأزهر وإمامه الأكبر داخليًا وخارجيًا، تلك الجهود التي كللتها وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر والبابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، والتي تؤكد على أن الأديان لا علاقة لها بالإرهاب، وترسخ لقيم المواطنة والتعددية، وقبول الآخر وتدعو إلى العيش المشترك بين جميع البشر باختلاف معتقداتهم، وتنبذ العنف والغلو في المجتمعات. بدلوا دخول الإسلام بالرحمة إلى الحرب والقتال بينما يشير الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، إلى أن وصية النبي محمد،صلى اله عليه وسلم، للأمة كلها صريحة في حديثه: "إلزم الإمام ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك"، مؤكداً أن المسلم الحقيقي يجب أن يعتزل جميع الجماعات المتطرفة التي جاءت أنشأت لتشويه صورة الإسلام عالميًا. وأضاف "جمعة"، خلال لقائه بطلاب جامعة الزقازيق: "بدلًا من الدعوة للدين بالحق والرفق والجدال الحسن تنفيذًا لأوامر الله عز وجل بالقرآن الكريم (وجادلهم بالتي هي أحسن)، انقلب الحال وأصبح المسلمون في صورة سيئة للغاية بسبب أفعال تلك الجماعات الذين يصدق فيهم حديث رسول الله صل الله عليه وسلم (الخوارج كلاب أهل النار). وأشار إلى أن تلك الجماعات بدلوا دخول الإسلام بالرحمة والسماحة وأركانه الخمسة بالحرب والقتال، مضيفًا: "انقلب الهرم بعدما جعلوا قضية القتال في سبيل الله هي المدخل للدين، وهذا ما يخالف صحيح الإسلام الذي جعل القتال بشروط". وذكر حديث رسول الله "أخاف على أمتي من رجل أتاه الله القرآن حتى إذا بدت عليه بهجته غيره وسل سيفه على جاره ورماه بالشرك"، لافتاً إلى أن هذا ما حدث مع سيد قطب أتاه الله القرآن وفسره جيدًا ثم غيره في الطبعة الثانية؛ ففي الجزء الثالث عشر فسره من خلال 300 ورقة كلها تكفر المسلمين. أسباب نفسية و سياسية وراء نشوئه الدكتور نظير عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أشار إلى أن الحديث في شأن القرآن وأهله أمر لا يُملّ، فلعظمة هذا الكتاب نال حفظته تكريم من السماء قبل أن يُكرموا من أهل الأرض، ولأن الحق –سبحانه وتعالى- تكفّل بحفظ كتابه فقال: " إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، فإن هذا القرآن لن يُنال منه مهما حاول العابثون، وتجرأ على نصوصه المغرضون. وأوضح الأمين العام أن ما شهده كتاب الله من محاولات بائسة على مر السنين والأزمنة للتلاعب بألفاظه واستغلال نصوصه لتحقيق منافع لهم، يكشف سفاهة تلك المحاولات ودنو القائمين عليها، ومع التحديات التي يواجهها العالم في ظل انتشار فكر مضلل حاول أن يتخذ من نصوص القرآن مطية للوصول إلى غاية دنيئة، فإن الأمر تحوّل إلى أن المعالجات التأصيلية لقضايا الاعتقاد والفكر واستغلال النصوص القرآنية لم تعد من النوافل، بل إنها أصبحت مطلبًا ضروريًّا وملحًّا خاصة إذا تعلق الأمر بتأويل كلام الله وإخراجه عن معانيه بغير حق. أشار "عياد" إلى أن ما نراه وما نشاهده ليل نهار يحتم علينا جميعًا في هذه المرحلة الحرجة ويفرض علينا مزيدًا من المسئوليات للمشاركة بفاعلية في توعية الناس وتحصينهم من هذا الفكر المنحرف، من خلال خطاب يقوم على الفهم البسيط ليناسب الجميع ممن طالتهم أفكار المتطرفين، وهنا أقول بأن المسئولية تضامنية ومشتركة لا يمكن أن تقوم يقوم بها فرد أو تتحملها مؤسسة بمفردها، فما لا يخفى علينا جميعًا أن الفكر المتطرف له الكثير من الأسباب التي لا تحتاج إلى معالجات دينية فقط، خاصة إذا كان من ضمن أسباب نشوء هذا الفكر، أسباب نفسية أو سياسية أو اجتماعية، بل واقتصادية. وشدد على ضرورة التنبيه دائمًا إلى أن الاستدلال بالنصوص الشرعية وبالأخص كتاب الله – عز وجل- المصدر الأول للتشريع أمانة يجب ردها في مواقعها ومناطها، وهو منهج علمي في التعامل مع النصوص يفتقده كل صاحب فكر خرج بنصوص القرآن عمدًا أو جهلًا عن مراد الله –سبحانه تعالى-، لنجد أنفسنا بين أمرين كلاهما ينذر بخطر عظيم، أن ما ينتج عن هذا التأويل الخاطئ لنصوص القرآن، إما فهم خاطئ لهذه النصوص وجهل واضح للنص ينطلقون من خلاله إلى ممارسات وتطبيقات يبرأ منها هذا الدين الذي تنادي نصوصه بالسماحة والسلام وحفظ النفس وإعمار الكون لا تخريبه. استعادة وعي الأمة في حين يرى الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه من أكبر الأخطاء التي نقع فيها أن نظن أن المعركة قد انتهت، وأنه لا داعي أبدًا لمناقشة الأفكار الضالة ونستهين بالفكر المتطرف، ذلك لأن عواقبه خطيرة، ومن شأنها أن تضيع كافة الجهود التي تبذلها الدولة في مجال التنمية، مؤكدًا أن هذه الجماعات المتطرفة لا تمل أبدًا من عملية استعادة الأفكار المتشددة في صور مختلفة بوسائل مختلفة تخفى على عموم الناس". وأوضح المفتي أن قضية استعادة وعي الأمة كلها قضية مصيرية، وأن حروب الأفكار والمفاهيم أصبحت لا تقل في خطرها عن حروب الأسلحة المدمرة، مؤكدًا أن المعركة الكبرى التي نخوضها في مصر والعالم هي معركة الوعي وتصحيح المفاهيم. وشدد المفتي على وجود سمات مشتركة بين موجات التطرف عبر التاريخ، منها أنهم عمدوا إلى آيات من القرآن الكريم نزلت في مشركي مكة وأنزلوها على المسلمين، فقتلوا المسلمين وغير المسلمين؛ إذ على حد كلامهم الإسلام غاب منذ زمن طويل، وعادت الجاهلية، والشريعة لم تعد مطبقة. وأشار إلى أن هناك خللًا في فهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فتعمدوا التشويه في كلام الجانب النبوي.
مركز سلام لدراسات التشدد من جانبه، أشار الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، إلى أن دار الإفتاء حرصت من خلال إنشائها "مركز سلام لدراسات التشدد" على المساهمة في تعميق المناقشات العامة والأكاديمية المتعلقة بقضية التشدد بأبعادها المختلفة، ودعم عملية صنع السياسات الخاصة بعملية مكافحة التشدد، بحيث لا تقتصر على جانب المكافحة الأمنية فحسب وإنما تهتم أيضًا بالأبعاد الدينية والإنسانية والاجتماعية في عملية المكافحة. حيث يرتكز على مناهج وسطية إسلامية، ويعالج مشكلات التشدد والتطرف الخاصة بالمسلمين حول العالم، ويقدم توصيات وبرامج عمل لكيفية مواجهة تلك الظاهرة الآخذة في الزيادة، ومحاربتها والقضاء عليها، آخذًا بعين الاعتبار الخصوصيات المرتبطة بتنوع الحالات وتعددها، واختلاف المناطق والبلدان. ديننا السمح الحنيف قائم على الوسطية في كل شيء أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن التطرف تطرف على أية حال، حادًا كان أو مضادًا، فهو الذهاب إلى الطرف بعيدًا عن الوسط، وقد قال الإمام الأوزاعي (رحمه الله): ما أمر الله (عز وجل) في الإسلام بأمر إلا حاول الشيطان أن يأتيك من إحدى جهتين لا يبال أيهما أصاب الإفراط أو التفريط، الغلو أو التقصير. وقال وزير الأوقاف في تصريحات له: مع أن ديننا السمح الحنيف قائم على الوسطية في كل شيء حتى مجال العبادات، فلما رأى نبينا (صلى الله عليه وسلم) حبلًا مشدودًا في المسجد بين ساريتين أي عمودين من أعمدة المسجد سأل (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): (ما هذا؟ ) قالوا: حبل لزينبَ تُصلِّي فإذا كسِلَتْ أو فتَرَتْ أمسكت به قال: ( حُلُّوه ) ثمَّ قال: «لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه فإذا كسِل أو فتَرَ فليقعُدْ»، ولما رأى (صلى الله عليه وسلم) سيدنا سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) يتوضأ فيسرف في استخدام الماء فقال: «مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟» قَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» . وأضاف وزير الأوقاف: وحتى الإنفاق سواء أكان إنفاقًا على النفس أم على الغير تحت أي مسمى فالوسطية مطلب راسخ، حيث يقول الحق سبحانه في كتابه العزيز: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا»، ويقول سبحانه: «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا» . وأشار الوزير إلى أنه قد أكد القرآن الكريم على الوسطية في كل أبعادها، حيث يقول الحق سبحانه: «وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا»، ويقول سبحانه: «قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ»، ويقول الحكماء: لا تكن رطبًا فتعسر ولا يابسًا فتكسر . وأوضح أنه: غير أن البشرية بصفة عامة قد ابتليت بتطرفين متناقضين في حدية بالغة، الأول يقتل ويخرب ويدمر ويسفك الدماء باسم الأديان وتحت رايتها، محرفًا النصوص ومُخْرِجًا لها عن سياقها، والأديان براء من كل ذلك . وقال: فالأديان السماوية جميعها أنزلت رحمة للناس، حيث يقول الحق سبحانه: «طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (تركتُ فيكم أَمْرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بهما: كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ)، الأديان يسر، وسماحة، وتراحم، وتعاون، وتكافل، فحيث تكون مصالح البلاد والعباد فتلك مقاصد الأديان العامة . وأوضح الوزير أن الطرف الثاني: يهدم في ثوابت الأديان هدمًا، ويأخذ الناس بقصد أو بجهل إلى طريق الانحراف والهاوية والضلال، وفي ذلك خطر لا يقل عن خطر التطرف باسم الدين، حيث يقول الحق سبحانه: «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى» .