تحدث الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف عن كيفية بناء خطبة الجمعة لمساعدة الأئمة والخطباء على تقديم خطبة هادفة وموجزة ويستفيد منها المصلي . قال وزير الأوقاف أن لكل عمل من الأعمال مطلع أو مقدمة أو مستهل ، ومتن ، ثم خاتمة أو منتهى ينتهي إليه ، شعرًا كان أم نثرًا ، كتابًا كان أم رسالة علمية. وأضاف عُني الكُتَّاب والدارسون بما أطلقوا عليه براعة الاستهلال ، سواء في القصيدة أم الخطبة أم المقالة أم القصة أم الأقصوصة ؛ لأن المطلع هو أول ما يواجه به الشاعر أو الكاتب أو الخطيب المتلقين لفنه ، وعليه أن ينتقي فيه كلامه انتقاء ، بحيث يجعل منه توطئة علمية ونفسية وأدبية لموضوعه ، فإما أن يجتذب القارئ أو السامع إليه أو يصرفه عنه. الأوقاف: الأسرة سكن ومودة موضوع خطبة الجمعة.. وافتتاح 10 مساجد جديدة غدا وقال إذا كانت مقدمة العمل هي أول ما يطالعك منه ، فيكون دافعًا ومشوقًا لمواصلة التفاعل معه قراءة أو استماعًا ، أو صادًّا لك عنه ؛ فإن خاتمة العمل هي آخر ما يقرع الأذن أو يؤنس العين منه ، فلا ينبغي لعاقل أن يمحو محاسن أوائله بمساوئ أواخره ، فإذا كان قد استطاع أن يجعل من المطلع مفتاحًا للقلوب والآذان والأبصار ؛ فإن عليه أن يجعل من الخاتمة قفلا يحكم به عمله ، وأما متن العمل فهو لب اللباب ، وبيت القصيد ، وفيه إصابة المحز أو الخروج عن جادة الطريق .
وأوضح جمعة لا شك أن مقدمة الخطبة تختلف باختلاف موضوعها ، فمقدمة الخطبة الدينية - ولا سيما في الجمع والعيدين - غير مقدمة الخطبة السياسية ، وكلتاهما تختلفان بالطبع عن مقدمات خطب المناسبات الاجتماعية كالتهاني والتعازي ، فحيث لا يُطلب من الخطيب السياسي سوى أن يحسن الاستهلال ، ويراعي ظروف الحال والمقام ومستوى مخاطبيه ؛ فإن الخطبة الدينية تقتضي طبيعتها بدءها بالحمد والثناء على الله (عز وجل) والصلاة والسلام على رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم) ، وأن تدل صراحة أو إيماء على موضوعها ، وأن تكون بمثابة التهيئة أو التوطئة له في يسر وسلاسة وإيجاز. وتابع : يقتضي مقامها أن تختم بالدعاء ، على أن يكون يسيرًا دون إيجاز مخل أو إطالة مملة، و يا حبذا لو كان الدعاء أيضًا مشتقًّا من موضوع الخطبة ، متصلا به ، متسقًا معه ، خاتمًا ومتممًا له . أعمال مكروهة في يوم الجمعة.. احذر الوقوع فيها واستطرد الوزير قائلا: شاع في العقود الماضية لدى بعض الخطباء الوقوع في تنميط المقدمات والخواتيم ، حيث كان الخطيب يسرد في مقدمة خطبته معظم آيات التقوى في القرآن الكريم لتكون أشبه بالمقدمة الثابتة لكل خطبة بغض النظر عن موضوعها ، غير مدرك أن الأمر بالتقوى ليس شرطًا أن يكون في المقدمة ، ولا يستوجب بالضرورة سرد جميع آيات التقوى أو معظمها أو بعضها ، فكل أمر بخير هو أمر بالتقوى ، وكل نهي عن شر فهو أمر بالتقوى أيضًا ، وقد تكون لدى بعض الخطباء مجموعة أشعار ثابتة جاهزة مقولبة يحاول أن يستثير من خلالها العواطف بغض النظر عن اتساقها مع الموضوع أو عدم اتساقها معه . واختتم الوزير توحيهاته قائلا: فربما كنت تسمع من بعضهم جمعًا لآيات الدعاء وأحاديثه وما أُثر منه وما لم يؤثر ، بحيث تسمع من هذا الخطيب أو ذاك خطبًا بها مقدمة طويلة ثابتة وخاتمة من الدعاء طويلة ومنمطة ، ولا تكاد تجد بين المقدمة والخاتمة شيئًا جديدًا أو تحليلًا لموضوع أو موقف تحليلًا علميًّا أو فقهيًّا أو دعويًّا سوى عدة جمل لا صلة لها بالمقدمة ولا بالخاتمة . على أن الذي ننشده في بناء الخطبة هو تكامل أركانها ، وتعاضد أجزائها ، مقدمة وموضوعًا وخاتمة ، ووضوح هدفها ورسالتها ، وإيجاز وقتها ، وسلامة عباراتها ، وبعدها عن أي لون من ألوان الجدل أو السفسطة ، ودعمها بالنصوص مع حسن توظيف هذه النصوص في أماكنها ، ومواكبتها لقضايا المجتمع وتطوراته ومستجداته ، وتناولها لما يشغل الناس في حياتهم اليومية ووقتهم الآني .