تستعيد الكويت غدا " الاثنين " الذكرى الخامسة لرحيل الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح ، الذى كان رمزا بارزا من رموز الكويت التي عملت على امتداد سنوات طويلة على الارتقاء بها ورسم معالم نهضتها. ويجمع الشعب الكويتي على أن الأمير الراحل هو أحد زعماء الأمة الخالدين حيث أن الزعامة هي دور ورسالة تجعل صاحبها يتربع في قلوب الناس ويخلد في ضمائرهم ، ويعد الشيخ سعد العبدالله الحاكم ال 14 من سلسلة حكام آل الصباح التي أولاها الكويتيون بمحض إرادتهم أمانة الحكم عندما اختاروا صباح بن جابر الأول لهذه المهمة قبل أكثر من قرنين ونصف القرن ، كما يعد الأمير الرابع في عمر الدولة الدستورية التي بدأت بتوقيع والده الشيخ عبدالله السالم الصباح على وثيقة الدستور في 11 نوفمبر 1962 معلنا بذلك دخول الكويت عهدا جديدا ومرحلة مشرقة في الحياة الديمقراطية. ويعتبر الأمير الوالد من صانعي السياسة الكويتية في مجالي الأمن والدفاع فهو أول وزير للداخلية وثاني وزير للدفاع في ظل الدستور وهو من الرجال الذين شاركوا وبفاعلية في وضع أسس بناء الكويت ، فقد كان شاهدا على اللحظات الأولى لاستقلال الكويت وقيام دولتها الحديثة ، وكان مشاركا في لجنة صياغة الدستور ، وعضوا فاعلا في إنجازه بالمناقشات والنقاط التي كان يثيرها مع أعضاء اللجنة. وكان أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح قد زكى الشيخ سعد وليا للعهد في عام 1978 ، وفي فبراير من نفس العام تم تعيينه رئيسا لمجلس الوزراء حيث كلف بتشكيل الوزارة العاشرة في تاريخ الكويت ، حيث أظهر براعة في القيادة وحنكة في تسيير الأمور بما يضمن المصالح العليا للوطن والنأي به عن كل ما يشكل خطرا على أمنه وسلامة أراضيه ، وتولى رئاسة الحكومة في ظروف محلية وإقليمية ودولية بالغة الصعوبة والتعقيد فبذل جهودا كبيرة ومقدرة وحنكة لمواجهة هذه الظروف والتحديات وعمل على تعزيز قدرات الكويت الدفاعية والأمنية ورفع كفاءتها البشرية والمادية. وترأس الشيخ سعد عشر حكومات متعاقبة في الفترة من 1981 وحتى 2001 ، وتم فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء في شهر يوليو 2003 حيث عين أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الاحمد رئيسا لمجلس الوزراء ، فيما احتفظ الشيخ سعد بولاية العهد ، ونودي به أميرا لدولة الكويت في 15 يناير 2006 بعد وفاة الشيخ جابر الاحمد ، واستمر حتى 29 يناير 2006 عندما انتقل الحكم الى امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر. وبذل الشيخ سعد العبدالله خلال فترة العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت في عامي 1990 و1991 جهودا جبارة ، وكان لجولاته في الدول الشقيقة والصديقة لشرح قضية الشعب الكويتي العادلة أثرها الواضح لدى مسؤولي هذه الدول في الوقوف الى جانب الحق الكويتي ، كما اصر منذ اللحظات الاولى للعدوان على مغادرة أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد الى السعودية لان وصول القوات العراقية الى أمير البلاد ورمزها كان يعني انهيار الروح المعنوية لدى افراد الشعب ، ووجوده خارج البلاد يعني استمرار المقاومة وحرية الحركة لحشد الرأي العام الدولي والإسلامي والعربي حول قضية الكويت وسرعة تحريرها. ومنذ اللحظات الاولى للتحرير ترأس الشيخ سعد اجتماعات مجلس الوزراء في الكويت المحررة حيث كان وجوده على رأس الحكومة والجهاز الاداري للدولة اكبر الاثر في فرض الامن وإعادة السيطرة للدولة في كل ارجاء البلاد ، وبرز خلال الفترة التى تلت التحرير مباشرة التي تعد من أصعب فترات تاريخ دولة الكويت الحديث بأدائه المتفاني ودبلوماسيته العالية وحزمه واصراره الصلب على التعامل مع كم المشاكل الهائل الذى واجه الدولة منذ اللحظة الاولى للتحرير. وتمثل ذلك فى اعادة مرافق الدولة الى العمل بكل كفاءة وسرعة وفرض الامن والنظام واظهار هيبة الدولة وسلطتها والتعامل مع فلول الاحتلال ومن تعاون معهم بكل حزم وعدل اضافة الى وضع خطة اعادة الوافدين الشرفاء الى اعمالهم للمشاركة في معركة اعادة البناء وحل العديد من المشكلات ومنها التعامل وبسرعة مع اكبر جريمة بيئية في التاريخ المعاصر وهي اطفاء آبار النفط التى حرقها المعتدي الغاشم عند طرده من الكويت. وسيظل التاريخ يذكر أن الشيخ سعد العبد الله الصباح يعتبر أحد مؤسسي دولة الكويت الحديثة ، الذى شارك في صناعة وصياغة كل القرارات المصيرية التي أدت الى ارساء دعائم الدولة والنهوض بها في المجالات كافة.