سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ترامب عدو العالم.. خطاب الرئيس الأمريكي في الأمم المتحدة يكشف انفصاله التام عن الواقع.. سياسته تقوّض الجهود الدولية لمواجهة الأزمات.. والولايات المتحدة تفقد دورها القيادي
خطاب ترامب في الأممالمتحدة ينسج عالما من صنع خياله الخاص استجابة إدارته لأزمة كورونا أضعفت الجهود الدولية لمواجهته سياساته أتاحت الفرصة لصعود الصين عالميا على حساب الدور الأمريكي ترامب أهدر إنجازات إدارات أمريكية سابقة في مكافحة التغير المناخي بعد مرور خمسة وسبعين عامًا على تأسيسها، تواجه الأممالمتحدة تحديًا غير مسبوق في مساعدة البلدان على الاستجابة لوباء كورونا المميت، في وقت يبدو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكأنه يحاول تقويض الجهود المبذولة للتصدي الجماعي للوباء والتهديدات الأخرى التي تأسست الأممالمتحدة لمعالجتها. اقرأ أيضًا | قرار مفاجئ من ولاية نيويورك بشأن لقاح ترامب ضد كورونا وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، أجبر فيروس كورونا الأممالمتحدة على عقد الاجتماع السنوي للجمعية العامة هذا العام افتراضيًا عبر الإنترنت، حيث اضطر زعماء الدول الاعضاء بالمنظمة إلى إلقاء خطابات مسجلة مسبقًا عبر الشاشات، ما يسلط الضوء بطريقة صارخة على التحديات الجسيمة التي تواجهها جميع البلدان اليوم، بالإضافة إلى المهمة الشاقة التي تضطلع بها الأممالمتحدة في حشد جهود تنسيق عالمية فعالة. وأضافت الصحيفة أن خطاب ترامب المسجل مسبقًا كان مناسبًا لرئيس قوض مصداقية الولاياتالمتحدة كما لم يفعل رئيس أمريكي من قبل، حيث نسج قصة خيالية عن عالم تقود فيه الولاياتالمتحدة الحرب ضد كل أنواع الشر، من جائحة كورونا وحتى إيران. ومثل الكثير من تصريحات ترامب الصاخبة على تويتر أو على منصات الخطابة، فإن خطابه أمام الأممالمتحدة لا يمكن أن يكون منطقيًا إلا إذا رأينا العالم كما يراه ترامب: عالم لا يخطئ فيه ترامب ومنفصل تمامًا عن العالم الحقيقي. أما العالم الحقيقي، فيُظهر رئيسًا أدى إلى تفاقم الأزمات المتعددة التي تعصف ببلده، وجعل العالم مكانًا أكثر خطورة، وفق ما رأت "الجارديان"، فقد قلل ترامب عن عمد من شأن الوباء وخطورته - على الرغم من معرفته المؤكدة بحجم هذه الخطورة - ورفض الاستعداد والاستجابة للأزمة بشكل مناسب. ونتيجة لذلك، مات أكثر من 200 ألف أمريكي حتى الآن، وأكثر من 20٪ من الوفيات المسجلة في العالم جراء فيروس كورونا في الولاياتالمتحدة، والتي تضم ما يقرب من 4٪ من سكان العالم. وبينما يستمر الوباء في حصد أرواح الأمريكيين وغيرهم في جميع أنحاء العالم، رفضت إدارة ترامب المشاركة في الجهود العالمية لمكافحة الوباء، سواء في منظمة الصحة العالمية أو من خلال الجهود التعاونية مع الدول الأخرى لتطوير وتوزيع لقاح. وبالنسبة للصين، فكل ما أنجزه ترامب هو إضعاف قدرة الولاياتالمتحدة على مواجهة التهديدات الحقيقية التي يفرضها العملاق الآسيوي الصاعد، وبدلًا من العمل مع الحلفاء للضغط على الصين بشأن ممارساتها التجارية، أقصى ترامب حلفاء الولاياتالمتحدة وأطلق حربًا تجارية كلفت الكثير من الأمريكيين وظائفهم. وأوضحت الصحيفة أن ترامب تخلى طواعية عن الدور القيادي للولايات المتحدة في الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية والجهود الأخرى لبناء وتطبيق المعايير التي كان من شأنها حماية المصالح الأمريكية، مما سمح لنفوذ الصين العالمي بالنمو. وحاول ترامب بشكل مثير للدهشة الادعاء أن لديه سجلًا جيدًا في مجال البيئة، في حين أن الحقيقة هي أن إدارته أهدرت عن عمد المكاسب التي حققتها الولاياتالمتحدة في السنوات الأخيرة في مكافحة تغير المناخ، فمن إعلانه انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق باريس للمناخ إلى إلغاء اللوائح التي لا تعد ولا تحصى التي تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون، أعاد ترامب العالم إلى الوراء في جهوده لحل أكثر الأزمات الوجودية خطورة على كوكب الأرض. فيما يتعلق بإيران، أثبتت سياسة ترامب الصدامية القائمة على العقوبات عدم جدواها، ولم تؤد إلى نتائج باستثناء عزل الولاياتالمتحدة عن الجهود الدولية للتعاطي مع البرنامج النووي الإيراني، وعلى سبيل المثال فعندما فعّلت واشنطن آلية "سناباك" لإعادة فرض العقوبات على إيران في حال انتهاكها لالتزاماتها وفق ما ورد بالاتفاق النووي، ردت الأطراف الأوروبية في الاتفاق، بريطانيا وفرنسا وألمانيا (وهم أقرب حلفاء الولاياتالمتحدة)، بأن الأخيرة لم تعد طرفًا في الاتفاق ولا يجوز لها التصرف على ضوء بنوده، ومنذ انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق الذي أوقف برنامج الأسلحة النووية الإيراني، أعادت إيران تفعيل برنامجها النووي بطرق أوقفها الاتفاق النووي. وتابعت الصحيفة أنه في عالم اليوم، يجب على البلدان أن تشارك في حل التحديات المشتركة، فالأممالمتحدة والمنظمات المتعددة الأطراف الأخرى هي المكان الذي يمكن للولايات المتحدة أن تحشد فيه العالم لاتخاذ إجراءات ملموسة، ولكن بدلًا من العمل في إطار هذه المؤسسات لصالح الولاياتالمتحدة، حاول ترامب هدمها، من الإعلان عن انسحاب الولاياتالمتحدة من منظمة الصحة العالمية وسط جائحة إلى الانسحاب من الميثاق العالمي للهجرة وسط أسوأ أزمة نازحين على الإطلاق. وختمت الصحيفة بالقول إنه لا يوجد مثال أوضح من فيروس كورونا على مدى حاجة العالم الماسة إلى أمم متحدة قوية، وليس إلى رفض إدارة ترامب للتعددية وتقويض مصداقية الولاياتالمتحدة في العالم.