قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا رسول صلى الله عليه وسلم كان يخاطب كل ملك بما يليق به وما يتفق مع فكره وهويته, فهو في كتابيه إلى قيصر والمقوقس أشار إلى ما بين الأديان السماوية من روابط, ذلك لأنهما أهل كتاب, إضافة إلى دقة النبي في اختيار رسله إلى الملوك, فهم من ذوي الفصاحة والبلاغة واللياقة والأدب الجم. وأضاف جمعة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: أما في حالة الملوك من غير أهل الكتاب ممن عبد الحجر والشجر والنار والنجوم إلى غير ذلك فقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم في رسائله إليهم إلى التزام البشرية بالعودة إلى الله وترك عبادة ما سواه, وهو ما جاء في نص كتابه إلى كسرى ملك الفرس: بسم الله الرحمن الرحيم.. من محمد رسول الله إلى كسري عظيم فارس, سلام على من اتبع الهدى, وآمن بالله ورسوله, وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأن محمدا عبده ورسوله, وأدعوك بدعاية الله, فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة, لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين, فأسلم تسلم, فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك (عيون الأثر). وأكمل: اختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السهمي, فلما قرئ الكتاب على كسرى مزقه, ونبس بكلمات لا تليق بالرد, فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مزق الله ملكه, وقد كان كما قال. (معرفة السنن والآثار). وتابع: هذا الرد من كسرى على عكس الردين السابقين لهرقل والمقوقس, فقد أخذته العزة بالإثم وتجبر مزهوا بسلطانه وملكه في صورة تدل على الكبر والعناد اللذين يعتريان بعضا ممن يؤتيهم الله الملك فيظن أنه لن يبيد وأنه مخلد فيها, في حين أن كتاب الرسول لم يكن يحوي سوى الدعوة إلى الإسلام. وأشار "جمعة " إلى أن ما ينبغي ملاحظته في هذا الصدد أن كتب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ملوك العجم صيغت بكل حكمة وبراعة, فالرسول فيها سمح يدعو ولا يهدد، يخاطب الملوك والرؤساء بألقابهم ويعترف بمكانتهم ويقرر أن سلطانهم في ظل الإسلام باق لهم, نظرا لمعرفته بطبيعتهم المتمسكة بالملك والسيادة والسلطان, مؤكدا بذلك أنه ليس طالب ملك أو دنيا. وقال إن تطلع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى نشر دعوة الإسلام في ربوع العالم دعاه إلى مخاطبة الملوك والرؤساء بما يتناسب مع مقتضى العصر ومتطلبات الواقع آنذاك, وبما لا يضع من مكانة الإسلام والمسلمين بين شعوب الأرض، وإنما هو عز في لين وقوة مع نور ورحمة للعالمين.