أكد الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو كبار هيئة العلماء بالأزهر الشريف، أن المسجد النبوي مر بعشر توسيعات بعد توسعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومجموع التوسيعات التي حدثت للمسجد إحدى عشرة توسعة، وكانت الأولى منها في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، والباقية على امتداد التاريخ منذ عهد الخلفاء حتى هذه الأيام. وأوضح «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أن التوسعة الخامسة للمسجد النبوي كانت في عهد الخليفة المهدي العباسي (161 - 165ه)، تركزت الزيادة على الجهة الشمالية للمسجد، واستمر البناء فيها حتى عام 165ه، وكان مقدار الزيادة: 2450م2، وأصبحت المساحة الكلية للمسجد: 8890 م2. وبلغ ارتفاع جدران المسجد: 12.50م، وعدد الأروقة: 19 رواقًا، وعدد الأبواب: 24 بابًا. وأضاف عضو هيئة كبار العلماء أنه بلغ عدد النوافذ في المسجد: 60 نافذة، منها : 19 نافذة في كل من الجدارين الشرقي والغربي، و11 نافذة في كل من الجدارين الشمالي والجنوبي. وبذلك تحققت الإضاءة الطبيعية، والتهوية الجيدة للمسجد، وأما الإنارة ليلًا فكانت تتم -كالسابق- بواسطة قناديل الزيت الموزعة على أنحاء المسجد. وأشار المفتي السابق إلى أنه زار الخليفة المهدي العباسي المسجد النبوي الشريف سنة 160ه، فرأى الحاجة إلى توسعته وإعادة إعماره، فأمر بذلك، ولما عاد إلى مركز الخلافة في بغداد أرسل الأموال اللازمة لذلك، ثم توقفت التوسيعات فترة من الزمن بسبب ما أصابها من عدوان خارجي، وبسبب ما أصاب المسجد النبوي من حوادث أدت إلى الاتجاه إلى ما يسمى بإعادة إعمار المسجد. وواصل: فقد حصل الحريق الأول للمسجد النبوي أول رمضان سنة 654ه في عهد الخليفة العباسي المستعصم، ولما علم الخليفة بذلك بادر سنة 655ه بإصلاح المسجد وإعادة إعماره، وأرسل الأموال اللازمة لذلك، ولكن البناء لم يتم بسبب غزو التتار وسقوط بغداد سنة 656ه، فتولى الأمر بعد ذلك السلاطين المماليك في مصر، فتمت عملية البناء والترميم سنة 661ه، وعاد المسجد إلى ما كان عليه قبل الحريق. وبين أنه كان ممن ساهم في بناء المسجد وتأثيثه ملك اليمن المظفر الذي أرسل منبرًا جديدًا بدلًا من المنبر المحترق. وأرسل الظاهر بيبرس سنة 665ه مقصورة خشبية لتوضع حول الحاجز المخمس المحيط بالحجرات الشريفة، ثم بنى السلطان المملوكي المنصور قلاوون سنة 678ه القبة التي فوق الحجرة الشريفة، وأصبحت منذ ذلك الحين علامة مميزة للمسجد النبوي. وفي عام 706ه، أمر السلطان محمد بن قلاوون ببناء المئذنة الرابعة (مئذنة باب السلام التي هدمت في العهد الأموي)، منوهًا: «كانت تلك الحوادث التي أصابت المسجد النبوي الشريف سببًا في تلك الجهود التي انصبت في إعادة إعماره». اقرأ أيضًا: أفضل بقاع الأرض.. علي جمعة يوضح كيف بني المسجد النبوي وذكر الدكتور على جمعة، في وقت سابق، أن التوسعة الأولى للمسجد النبوي كانت عندما عاد النبي –صلى الله عليه وسلم- من غزوة خيبر حيث قام بأول توسعة لمسجده الشريف على قطعة أرض اشتراها سيدنا عثمان بن عفان –رضي الله عنه- على نفقته؛ وذلك نظرًا لزيادة عدد المسلمين، وقد تم ذلك في المحرم سنة 7ه، فزاد 20 مترًا في 15 مترًا تقريبًا، حتى صار المسجد مربعًا 50م×49.5م2، ومساحته الكلية 2475م2، بزيادة قدرها: 1415م2، وبلغ ارتفاع الجدران 3.50م، وعدد الأبواب: 3 أبواب، وعدد الأعمدة 35 عمودًا، وكانت الإنارة عبارة عن مشاعل من جريد النخل، إضافة لبعض الأسرجة التي توقد بالزيت. ولفت: أما التوسعة الثانية كانت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17 ه، فقد كثر عدد المسلمين في عهد عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، وظهر تصدع ونخر في بعض أعمدة المسجد، فقرَّر عمر -رضي الله عنه- عام 17ه توسعة المسجد، وقد امتدت التوسعة في ثلاث جهات: إلى الجنوب خمسة أمتار، وإلى الغرب عشرة أمتار، وإلى الشمال خمسة عشر مترًا. وأردف أنه لم يزد في الجهة الشرقية لوجود حجرات أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعد هذه التوسعة، صارت مساحته الكلية: 3575م2، بزيادة قدرها: 1100م2، وارتفاع جدرانه 5.50م، وعدد أبوابه: ستة أبواب، وله ستة أروقة، وجعل له ساحة داخلية (صحن المسجد) فرشت بالرمل والحصباء من وادي العقيق، وجعل له ساحة أخرى خارجية، تسمى "البطيحاء"، وهي ساحة واسعة تقع شمال المسجد، أعدت للجلوس لمن يريد التحدث في أمور الدنيا وإنشاد الشعر، وذلك حرصًا من الخليفة عمر -رضي الله عنه- على أن يظل للمسجد هيبته ووقاره في قلوب المسلمين. واسترسل: « ظلت إنارة المسجد تتم بواسطة الأسرجة التي توقد بالزيت، فكانت هذه التوسعة مناسبة لازدياد عدد المسلمين، كما كانت مناسبة لأدوات العصر ومواد البناء وقتها». شاهد.. لماذا مرت أبواب المسجد النبوي على فرنسا وأمريكا وإسبانيا؟