قال الحقوقي أيمن نصري رئيس المنتدي العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان بجنيف أن هناك ثوابت حقوقية لا يمكن أن تتغير طبقا لاتفاقيات وضوابط دولية توافق عليها معظم دول الأعضاء بالأمم المتحدة أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948 والذي يعتبر الدليل المستخدم لحماية وصيانة حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الصحية وهي أحد أهم أركان العمل الحقوقي العالمي والتي تهدف إلي حماية الحق في الحياة لكل البشر وأشار نصري إلي أن تجربة جائحة كورونا أثبتت أن المعايير والضوابط الحقوقية المتعارف عليها هي نظرية ويصعب تطبيقها في الواقع ولم تستطيع أن تقديم الحماية المطلوبة من تفشي الوباء وهو ما ظهر واضحا في الضعف والقصور الواضح في أداء منظمة الصحة العالمية أحد أهم المؤسسات التابعة للأمم المتحدة والمنوطة بإدارة الأزمة عالميا والتي عانت من تخبط واضح وهجوم من بعض الدول الكبيرة التي تضررت بشكل كبير من الوباء
وأكد نصري أنه برغم أن الصين هي مصدر الجائحة إلا أنها استطاعت أن تواجه الفيروس من خلال منظومة إلكترونية متطورة واتخاذ إجراءات صارمة مع المواطنين دون المساس بحقوقهم المدنية لضمان السيطرة على نسبة المصابين هو ما اعتبره البعض انتهاكا وتجاوزا لحقوق الإنسان طبقا للمعايير والضوابط الدولية لكن التجربة أثبتت أن مثل هذه الظروف الاستثنائية تحتاج إلي تعامل حازم وصارم لضمان السيطرة على الموقف خصوصا في بعض الدول التي تعاني من صعوبة في تغيير ثقافة مواطنيها لتتناسب مع الإجراءات المتبعة لمواجهة تفشي الوفاء لضمان عدم خروج الموقف عن السيطرة.
وأوضح أنه على عكس أداء دول الإتحاد الأوروبي أكثر الدول التي تضررت من جائحة كورونا التي تعاملت مع الأزمة بتهاون بسياسة رد الفعل والتأخر في اتخاذ القرارات ساهم ذلك في تفاقم الأزمة وضعف المنظومة الصحية العامة التي افتقدت إلي الإمكانيات وتسليم زمام الأمور إلي القطاع الخاص وهو الأمر الذي أضر بالمواطن البسيط وأفقده أبسط حقوقه وهو الحق في العلاج والحياة.
وشدد نصري أنه لا شك في أنه هناك تغيرات كثيرة سوف تحدث على المستوي الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي والصحي والاهتمام بشكل كبير بتعزيز الحقوق الصحية والاجتماعية أهمها إعادة ترتيب الأولويات لضمان سلامة وصحة مواطني دول العالم بما فيها إجراءات وقائية أكثر صرامة في التعامل مع الدول التي هي بيئة خصبة لظهور جيل جديد من الفيروسات المتطورة من خلال إجراءات صحية ووقائية في التنقل والسفر خصوصا مع وجود نظريات طبية تعزز من إمكانية تفشي مثل هذه النوعية من الأوبئة في المستقبل القريب. واضاف "لابد من اعادة النظر في التعامل مع الملف الحقوقي لبعض دول المنطقة التي تعاملت بشكل جيد مع الأزمة واستطاعت أن تحمي مواطنيها في ظل إمكانيات محدودة وسخرت كل إمكانيتها لحماية مواطنيها برغم الهجوم الكبير على هذه الدول من بعض المنظمات الحقوقية الدولية والتي طالما سعت إلي تشويه السمعة وتسييس ملف حقوق الإنسان