اتخذت أمريكا والدول الأوروبية العديد من الإجراءات الوقائية التي يمكن أن تساهم في التصدي لفيروس كورونا، بعد انتشاره بوتيرة كبيرة في دول مثل إيطاليا. ففي بريطانيا أكد وزير الصحة، مات هانكوك، اتخاذ إجراءات لعزل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن السبعين، لحمايتهم من فيروس كورونا في غضون الأسابيع المقبلة. وقال هانكوك إن هذا الإجراء قد يكون أمرا مزعجا لكبار السن والأكثر عرضة للإصابة بالمرض، لكنه يهدف إلى حمايتهم". وتواجه الحكومة البريطانية ضغوطًا لبذل المزيد من الجهود لمكافحة الوباء بعد أن ارتفع عدد الوفيات، وكانت جميع الوفيات حتى الآن هم ممن تزيد أعمارهم عن الستين عامًا أو كانوا يعانون من حالات مرضية. إجراء "العزل الذاتي" يعني أن يُطلب من الناس البقاء في المنزل وعدم استقبال أي زوار، وحتى المواد الغذائية والأدوية يجب أن تُترك على أعتاب منازلهم لاستلامها دون التواصل المباشر مع أي شخص. ويأتي هذا الإعلان بعد أن وجّه بعض العلماء انتقادًا لاستراتيجية الحكومة، وكتبوا إلى الوزراء يحثونهم على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من انتشار مرض كوفيد -19. وسيطلب رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، من الشركات البريطانية الانضمام إلى "الجهد الوطني" المبذول لإنتاج المزيد من أجهزة التهوية والمعدات الطبية الأخرى بسرعة، لمساعدة خدمة الصحة الوطنية البريطانية في الحد من تفشي الفيروس. وإذا لزم الأمر، سيتم شراء الآلاف من أسرّة المستشفيات الخاصة لتعزيز قدرة خدمة الصحة الوطنية عند الحاجة. وطلب رئيس حزب العمال البريطاني، جيريمي كوربين طرح "رؤية عاجلة" لمشاريع القوانين وعقد اجتماع مع رئيس الوزراء لمناقشة الأزمة، وكان قد دعا حزبه الحكومة إلى نشر النماذج والبيانات العلمية التي تستخدمها لتشكيل النهج الذي تسير عليه. في محاولة للحد من انتشار فيروس كورونا، تعتزم الحكومة البريطانية سن قوانين للطوارئ، هذا الأسبوع، لحظر التجمعات العامة، بعدما وصف منتقدون خطة الأزمة بأنها شديدة التراخي. وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن حظر التجمعات العامة قد يسري اعتبارا من مطلع هذا الأسبوع، وقد يؤثر على أحداث منها مهرجان غلاستونبري للموسيقى، وبطولة ويمبلدون للتنس، وسباق الخيل المعروف بالسباق الوطني الكبير. وقال مصدر بالحكومة: "صغنا تشريعا للطوارئ لمنح الحكومة السلطات المطلوبة للتعامل مع فيروس كورونا، بما في ذلك سلطات منع التجمعات العامة وتعويض المنظمين"، مضيفا "سننشر هذا التشريع خلال الأسبوع الحالي". وقاوم رئيس الوزراء بوريس جونسون حتى الآن ضغوطا لتطبيق بعض الإجراءات الصارمة المطبقة في بلدان أوروبية أخرى لإبطاء انتشار الفيروس. لكن الجمعة تم تعليق كافة مبارايات الدوري الإنجليزي حتى الرابع من أبريل، بينما أرجأ المنظمون أحداثا رياضية أخرى مثل ماراثون لندن. وفي فرنسا دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في خطاب له مواطنيه إلى اتباع تعليمات الوقاية من فيروس كورونا الجديد "كوفيد 19". وأعلن ماكرون خلال خطابه حالة الطوارئ في البلاد واتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة فيروس كورونا. وقال ماكرون، إنه من يوم غد الثلاثاء ولمدة 15 يوما على الأقل سيتم الحد بشكل كبير من الرحلات والتجمعات والتجول في الأماكن العامة للتخفيف من انتشار فيروس كورونا. وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي، إدوارفيليب، أن السلطات في البلاد قررت إغلاق أغلب المتاجر والمطاعم والمنشآت الترفيهية اعتبارا من منتصف ليل السبت في إطار الإجراءات التي تتخذها لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد. وأضاف في مؤتمر صحفي أن الاستثناءات من الحظر ستشمل متاجر السلع الغذائية والصيدليات ومحطات الوقود. واضاف فيليب إنه لم يعد أمام الحكومة الفرنسية أي خيار سوى اتخاذ هذا القرار لأن الكثير من الناس لا يزالون في الشارع ولا يطبقون بشكل فعال الإجراءات المعلنة حديثا بما يسرع من وتيرة انتشار الفيروس. وتابع "قررت إغلاق كل المواقع غير الضرورية... يجب بكل تأكيد أن نحد من تحركاتنا". وقال مدير هيئة الصحة العامة، جيروم سالومون، إن هناك تزايدا سريعا في عدد الحالات الخطرة بما يشمل 300 في العناية المركزة نصفهم تقل أعمارهم عن الستين. وتابع "أنا مدرك للجهود والتضحيات التي نطلبها لكن لدي إيمان بأن الشعب الفرنسي لديه القدرة على تخطي هذا الوقت العصيب". وفي واشنطن، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حالة الطوارئ الوطنية على خلفية تفشي فيروس كورونا الجديد أو ما بات يعرف باسم "كوفيد- 19"، وهذه الخطوة تعني تحرير المليارات من الدولارات من التمويل الفيدرالي بأمريكا، وفقا لترامب، بالإضافة إلى تفعيل وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية أو ما يُعرف اختصارا ب"FEMA". ويمنح إعلان ترامب سلطات جديدة واسعة النطاق لوزير الخدمات الصحية، أليكس أزار، بالإضافة إلى تفعيل خطط الاستعداد للطوارئ في كل المستشفيات عبر البلاد. وتعني حالة الطوارئ التنازل عن بعض متطلبات الترخيص الفيدرالية، والإعفاءات من قيود الوصول الحرجة على عدد الأسرة ومدد الإقامة، والتنازل عن القواعد لجلب المزيد من الأطباء إلى المستشفيات في بعض المستشفيات. وأكد ترامب في خطاب إعلان حالة الطوارئ على أن إدارته خصصت 50 مليار دولار لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، في كافة الولاياتالأمريكية، ملقيا الضوء على أن المختبرات الخاصة ومطوري اللقاحات سيكونون قادرين على توفير 5 ملايين اختبار لفيروس كورونا في غضون شهر. وفي إيطاليا أقرت الحكومة خطة إنفاق بقيمة 25 مليار يورو لدعم نظام الرعاية الصحية في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) ومساعدة الشركات والأسر في مواجهة التداعيات الاقتصادية لانتشار الفيروس. وجاءت موافقة الحكومة على الخطة خلال اجتماع برئاسة رئيس الوزراء جوزيب كونتي، وتتضمن مجموعة واسعة من الإجراءات ومنها تعليق تحصيل أقساط الضرائب والمساهمة في دفع أجور العمال الذين سيتم تسريحهم وتخفيف أعباء قروض التمويل العقاري. وقال وزير المالية الإيطالي روبرتو جوالتيري الذي كان يتحدث للصحفيين وإلى جانبه رئيس الوزراء كونتي إن الخطة "ستستفيد" من تمويلات تصل إلى 340 مليار يورو.