نشرت صحيفة آسيا تايمز مقالا للكاتب جالييب دالاي، الباحث الزئر بجامعة أوكسفورد، وزميل المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، تحت عنوان "لماذا يراهن الشرق الأوسط على الصين". وقال الكاتب إن زعماء الشرق دخلوا في سباق لكسب ود وتأييد الصين. وفي حين تعج المنطقة بانتقادات شديدة للسياسة الأمريكية، فإن نخبها السياسية منشغلة بإغراء الصين بالمكاسب، وتتوجه إلى بكين لتوقيع مجموعة واسعة من الاتفاقيات الثنائية. وعلى سبيل المثال، زار الرئيس عبد الفتاح السيسي الصين ست مرات منذ عام 2014. وتابع أنه على الرغم من أن معظم الارتباط بين الصين وحكومات الشرق الأوسط لا يزال يركز على الطاقة والعلاقات الاقتصادية، فإن التعاون يغطي بشكل متزايد مجالات جديدة مثل الدفاع. علاوة على ذلك، أعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن خطط لإدخال دراسات اللغة الصينية في مناهجهما التعليمية الوطنية. واستطرد الكاتب قائلا: " كل هذا يثير سؤالين. لماذا تراهن دول الشرق الأوسط على الصين؟ وإلى أي مدى يمكن أن تملأ الصين الفراغ السياسي الناشئ عن تراجع الدور الأمريكي في المنطقة؟ ويجيب الكاتب: "للوهلة الأولى، يبدو حب الحكومات الشرق أوسطية الجديد للصين أمر محير، فقد كانت العلاقة بين الأنظمة العربية والصين الشيوعية ينتابها الشك والريبة، وأقامت الدول العربية علاقات دبلوماسية مع الصين فقط في الثمانينات أو أوائل التسعينيات. علاوة على ذلك ، فإن العديد من دول المنطقة لها علاقات دفاعية طويلة الأمد مع الولاياتالمتحدة. ومع ذلك، فقد وقع بعض حلفاء الولاياتالمتحدة ، وأبرزهم مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، على اتفاقيات شراكة استراتيجية شاملة مع الصين. وهذه التطورات تسبب القلق المتزايد في واشنطن. حيث نقلت حكومة الولاياتالمتحدة مخاوفها لإسرائيل بشأن التعاون مع الصين فيما يتعلق بالتكنولوجيات الحساسة. كان دخول شركات التكنولوجيا الصينية مثل هواوي Huawei و ZTE إلى السوق الإسرائيلية مصدر قلق خاص. وبحسب الكاتب، تكشف هذه التشابكات عن أحد الاختلافات الرئيسية بين الولاياتالمتحدةوالصين فيما يتعلق بالتحالفات والشراكات، على الأقل في منطقة الشرق الأوسط. ففي الوقت الذي لا تضع الصين في اعتبارها قضية الدونية الإقليمية تجاه الولاياتالمتحدة، وتتجنب وضع نفسها في مواقف تتطلب من الحكومات أن تختار بين القوتين، غالبًا ما تريد الولاياتالمتحدة من حلفائها أن يتخذوا مثل هذا الاختيار على وجه التحديد. لذا يتعين على معظم حكومات الشرق الأوسط الآن القيام بعملية موازنة بين البلدين ، مما سيؤدي على الأرجح إلى احتكاك مع كليهما. وأشار دالاي إلى أن هناك عدة عوامل تجعل من الصين شريكا جذابا لحكومات الشرق الأوسط. وأوضح أنه على رأس هذه العواملن تمتع الاقتصاد الصيني بالديناميكية وسرعة النمو، كما أن السياسة الخارجية الصينية تولي اهتماما كبيرا بالاتصال والتواصل الاقتصادي وضمان التدفق الآمن لموارد الطاقة، وحماية الاستثمارات الإقليمية. أي أن الخلاصة هي أن الصين تريد تصدير البضائع والسلع، وليس الأفكار السياسية، إلى الشرق الأوسط. واعتبر الكاتب أن الصين لا تبحث عن دور سياسي في منطقة الشرق الأوسط، ولا تريد أن تتدخل في القضايا السياسية الصعبة مثل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، بل أن جل تركيزها في منطقة الشرق الأوسط على الاقتصاد، لافتا إلى أن الصين مستفيدة من السياسة الأمريكية في المنطقة. وأشار الكاتب أيضا إلى أن العلاقة الجيدة والوطيدة بين الصين وروسيا تشكل أحد عناصر الجزب في منطقة الشرق الأوسط باتجاه الجانب الصيني، خاصة فيما يتعلق بدول مثل إيران، ناهيك عن النأي الصيني عن التدخل في الصراعات الملتهبة بالمنطقة مثل الحرب السورية وغيرها.