87 عاما مرت على تأسيس مصر للطيران، ذلك الصرح الوطني الذي كلما سعى لخطوة ناجحة نحو المستقبل اعتبر نجاحا للوطن، 87 سنة طاف فيها ذلك الكيان الوطني أنحاء العالم وهو يجوب السموات حاملًا اسم مصر على جناحيه طيلة الأعوام، تحت رايتها سجلت أجيال أسماءها بحروف من النور في سماء الطيران العالمي. ولعل تخليد هذا التاريخ الذي يوافق 7 مايو 1932، يعد مهما للأجيال الحاضرة والقادمة كي تظل لبنات هذا البناء العظيم حاضرة ومتاحة لكل محب لتاريخ الشركة الوطنية منذ نشأتها وحتى الآن، ولا يمكن الحديث عن نشأة وتاريخ مصر للطيران دون ذكر طلعت باشا حرب، الذي كان تأسيس شركة مصر للطيران أحد أسلحته في هذه القضية لخدمة الوطن، ووجد ضالته من الداعمين في الشابين كمال علوى ومحمد صدقي واللذين أصبحا من الكوادر المؤسسة للشركة لاحقًا. وتوجت جهودهم بإصدار المرسوم الملكي في 7 مايو عام 1932 بتأسيس أول شركة طيران في مصر والمنطقة العربية وأفريقيا، ونص على امتلاك المصريين 60% من الأسهم، وتحدد حينها رأسمال الشركة 20 ألف جنيه، لتكون النواة الأولى مصرية بالأسهم والمؤسسين والإدارة. تمثلت البداية الشركة الوطنية، فى التدريب والنزهات فى مطار ألماظة، أعقبها تكوين أول نواة لأسطولها فى 30 يونيو 1933، بوصول مطار ألماظة أول طائرتين من طراز ديهافيلاند درجون 84 سعة الواحدة أربعة ركاب كنواة للأسطول، وكانت أولى رحلاتها إلى الإسكندرية ومرسى مطروح، وفى أكتوبر من العام نفسه شهدت مصر دخول أول امرأة لعالم الطيران بحصول لطفية النادي على إجازة طيار خاص. وبدأت الشركة فى إعداد جدول تشغيلها، حيث سيرت رحلاتها إلى الإسكندرية ومرسى مطروح وأسوان، وأيضا فى العام التالى إلى مدينتي اللد وحيفا بفلسطين، في عام 1935 قامت الشركة بتزويد أسطولها بسبع طائرات جديدة دفعة واحدة، ضمت طائرتين من طراز دي هافيلاند إكسبريس 86 (ذات 4 محركات، سعة 12-14 راكبًا) و5 طائرات من طراز دي هافيلاند رابيد89 (ذات محركين، سعة 7-8 ركاب). وفي نفس العام أيضًا، قامت الشركة بتوسيع شبكة خطوطها المحلية والدولية لتشمل بورسعيد والمنيا وأسيوط، كما أضافت لخطوطها الدولية يافا وقبرص وبغداد، وجاءت درة أعمال الشركة فى تلك الفترة حين سيرت أول رحلة بين كل من جدة والمدينة المنورة فى 1936 فكانت طائرات مصر للطيران أولى الطائرات في العالم التي تهبط في كل من المدينتين. وبعد الحرب العالمية الثانية عام 1939، أصبح رأسمال مال الشركة مصريا بالكامل، وبدأت الورش الفنية في تصنيع طائرات صغيرة لتتدرب عليها أطقم المدفعية البريطانية، وتمكنوا من تحويل طائرتين من طرازي أفرو19 وأنسون الحربيتين إلى طائرات ركاب مدنية، مما اعتبر معجزة بحق أبهرت الجميع، هذا بخلاف تحويلهم أيضًا لطائرات "داكوتا" الحربية إلى طائرات ركاب مدنية بورش الشركة بألماظة. وبعد انتهاء الحرب، استمرت الشركة فى تطوير أسطولها، وبحلول يوليو 1946 أصبح الأسطول الجوي المدني المصري يضم 18 طائرة، ثم كانت الصفقة الأهم وهى شراء 5 طائرات فايكنج التي تتسع ل 24 راكبًا، حيث كانت إيذانًا بالانتقال من عصر الطائرات الصغيرة إلى عصر الطائرات الكبيرة، وبدأ لأول مرة ظهور أطقم الضيافة على متن الطائرات. وشهدت فترة الستينات العديد من ملامح التطوير، وتم تسيير أطول خطوط الشركة منذ نشأتها وهو خط القاهرة / روما / فرانكفورت / زيوريخ / لندن، وكان أهم هذه الملامح إصدار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بوصفه رئيس الجمهورية العربية المتحدة، قرار رقم 83 لعام 1960بتوحيد شركة مصر للطيران ومؤسسة الخطوط الجوية السورية في شركة واحدة تحت اسم "شركة الطيران العربية المتحدة" وذلك إثر الوحدة التى قامت بين مصرو سوريا فى 1958. وفى عام 1962، أعيد هيكلة الشركة لتصبح جزءًا من الدولة، ولتصبح الشركة مؤسسة تحت اسم المؤسسة العربية العامة للطيران، وتضم شركات الطيران العربية المتحدة للخطوط الخارجية، ومصر للطيران للخطوط الداخلية، والشركة العامة للخدمات وتموين الطائرات، وشركة الكرنك للسياحة، وبدءًا من مارس 1963، تقرر إقلاع جميع الرحلات من مطار القاهرة، وفى تلك الأثناء تأسست أسواق مصر للطيران الحرة. وجاءت نقلة أخرى فى تاريخ الشركة فى 1971 جعلت العمل فى مجال الطيران المدنى المصر أكثر تنظيما وهى صدور القرار الجمهوري بإنشاء الهيئة المصرية العامة للطيران المدني، لتنتقل إليه تبعية مؤسسة مصر للطيران، ولتستعيد مرة أخرى اسمها الذي أنشئت به "مصر للطيران"، كما تبع الوزارة أيضًا كل من الهيئة المصرية العامة للطيران المدني، والهيئة العامة للأرصاد الجوية، وهيئة ميناء القاهرة الجوي، والمعهد القومي للتدريب على أعمال الطيران. وتم تشكيل أول وزارة للطيران المدنى فى 2002، وأصبحت مؤسسة مصر للطيران شركة قابضة، تتبع مباشرة وزارة الطيران المدني، وتم تحويل القطاعات التي كانت موجودة في السابق إلى شركات تابعة بدأت بشركة الخطوط، وشركة الصيانة والأعمال الفنية، وشركة الخدمات الأرضية، وشركة الخدمات الجوية، وشركة الشحن، وشركة السياحة والأسواق الحرة، إضافة إلى شركة الخدمات الطبية، وتمثل أول النجاحات فى الثوب الجديد فى حصول الشركة على شهادة الأيوزا في 2044، ثم أُنشأت شركتا إكسبريس للخطوط الداخلية والصناعات المكملة، وانضمت إلى اتحاد ستار العالمى فى 2008 لتصبح العضو الحادي والعشرين فى أكبر التحالفات العالمية في مجال صناعة النقل الجوي.