أكد الدكتور سعود الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام، أن الادخار الذي شرعه الله لنا وشرعه رسوله –صلى الله عليه وسلم- هو علامة ضبط لحياة الفرد والمجتمع؛ وهو نهج شريف بشرف انتسابه إلى شريعة الإسلام. وأوضح «الشريم»، خلال خطبة الجمعة اليوم من الحرم المكي، أن الإسلام دين يسر وسماحة وليس دين عسر وغضاضة، وهو شريعة الاقتصاد العادل الذي لا يورث ضررًا ولا ضرارًا، ولا يذم الادخار أبدًا إلا حينما يتحول إلى احتكار أو اكتناز نتيجة جشع وطمع وإضرار بالآخرين، ومنع لحق الله وحق العباد من مال الله الذي آتاهم. وأضاف أنه لم يأت البشر بشيء ينظم معاشهم ويضع لهم الحلول مع الأزمات التي تحل بهم إلا رأيت في شريعة الإسلام ما هو خير منها وأبقى وأسلم وأحكم، ولقد جمع الله في كتابه العزيز هذه الموازنة الفريدة في قصة يوسف عليه السلام مع رؤية البقرات السبع التي عبرها بقوله تعالى: «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48)» من سورة يوسف. وتابع أنه في قوله « تَزْرَعُونَ » رسم لسياسة مبدأ العمل والتكسب والجد بالأوجه المشروعة للدفع بمواردها المكتسبة إلى السوق لينتفع بها كل بحسبه دفعًا للبِطالة والكسل والتواكل؛ فإن من جد وجد ومن زرع حصد، وأما في الاستهلاك ففي قول الله تعالى : « فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ» رسم لسياسة الاستهلاك الحاضر الذي يلي الإنتاج وحاجة الاستهلاك الآجل الذي هو الادخار لمستقبل لا يدري ما يعتريه من قوارع ونوائب وغير. ونبه إلى أنه ما كل ما ينتجه المرء يستنزفه في حينه فتلك مغامرة وتهور يدلان على قصر في النظر وبلادة في الحيطة والحذر؛ لأن الاحتياط ضرب من العقل وبعد النظر لا غنى للفرد ولا للمجتمع عنه في اتقاء الأزمات وفجأة الحوادث التي تلج دون أن تطرق بابًا، ألا إن الادخار الذي شرعه الله للناس لكفيل بعد عون الله بأن يكون مرفأ لسفينة الرزق عن الغرق، أو التحطم أمام أمواج الديون الهائجة الملجئة إلى استنجاد الآخرين ولات حين منجد.