بين حضارة الماضي وطموحات وآمال المستقبل وبحضور أكثر من ألفي مشاهد، امتزج الفن والثقافة بعراقة وعبق التاريخ لتؤكد مصر للعالم أنها تمتلك المقومات التى تؤهلها لتصدر المشهد الثقافي، ما ينعكس إيجابًا على محاور التنمية. ظهر ذلك جليًا خلال الاحتفال العالمى الذى أقيم مساء أمس، الاثنين، فى ساحة معبد الكرنك بمناسبة اختيار محافظة الأقصر عاصمة للثقافة العربية. المشهد الأول "الحرف التراثية": انطلقت الفعاليات بجولة لوزير الثقافة حلمى النمنم، مع محمد بدر، محافظ الأقصر، افتتحا خلالها مجموعة معارض لمنتجات الحرف التراثية التقليدية بمنطقة البازارات على مساحة ألف متر مربع لإعادة إحياء هذه المنطقة بعد أكثر من خمس سنوات بهدف الحفاظ على التراث المصرى الأصيل والصناعات الحرفية من الاندثار، بجانب دعم مؤسسات المجتمع المدنى المهتمة بهذه الحرف لتقديم منتجاتها للجمهور، ما دفع وزير الثقافة للاستجابة لطلب أصحاب هذه الحرف بإقامة معرض شهري فى هذه المنطقة. المشهد الثاني "الفلكلور المصري": أثناء انتقال الحضور إلى المسرح شاهدوا عروضًا لفرق الفنون الشعبية بهيئة قصور الثقافة تضمنت غناء ورقصات فلكلورية منها الصعيدى والنوبى وفنون العصا. المشهد الثالث "مدينة الشمس": بدأت مراسم الاحتفال على المسرح الذى شيدته دار الأوبرا المصرية فى ساحة معبد الكرنك واستهل بالسلام الوطنى. ثم عرض فيلم تسجيلي بعنوان "مدينة الشمس" عبر العصور من إنتاج مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بمكتبة الإسكندرية، تناول تاريخ الأقصر وأهم معالمها التاريخية عبر العصور المختلفة. المشهد الرابع "الشعلة": ثم ظهرت شعلة الثقافة العربية تحملها فتاة ترتدى الزى التقليدى التونسى لتتسلمها منها نظيرتها المصرية بزيها الفرعونى وتسلمها إلى وزير الثقافة ومحافظ الأقصر وسط حالة من الإبهار البصرى نتج عن الإسقاطات الضوئية على جدران معبد الكرنك فى مشهد يرمز إلى انتقال شعلة الثقافة العربية إلى محافظة الأقصر. المشهد الخامس "امتزاج الحضارات": أكد حلمى النمنم فى كلمته أن الثقافة باتت موضع اهتمام واحتفاء فى كل البلدان العربية، حيث انتقلت الشعلة إلى مصر بعد تواجدها فى صفاقس التونسية، وسبقتها قسطنطينة الجزائرية، ونقل التهنئة عن أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، والدكتور عبد الله حمد بن الحارث، أمين عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وتوصياتهما باختيار أكثر من مدينة عربية كل عام لتكون عاصمة للثقافة العربية حتى تظل شعلة الثقافة مضيئة فى أرجاء الوطن العربى. وأكد أن إصرار وزراء الثقافة العرب على اختيار محافظة الأقصر لتكون عاصمة للثقافة العربية نتيجة اعتقاد البعض أن هناك صراعا خفيا بين الحضارة الفرعونية القديمة والحضارة العربية، فكان هذا الاختيار تأكيدًا على امتزاج الحضارات التي احتضنتها أرض مصر وخلقت منها شخصية فريدة ومتنوعة ومتكاملة، وأشاد بالمواقف المضيئة لأهل الأقصر فى مواجهة القوى الظلامية، موضحًا أن مصر كانت وستظل منارة للثقافة والحضارة، واختتم حديثه ب"تحيا مصر وتحيا الأمة العربية". المشهد السادس "الثقافة الأفريقية": أعرب محمد بدر، محافظ الأقصر، عن سعادته ببدء الفعاليات، مؤكدًا فخره باختيار الأقصر عاصمة للثقافة العربية، وأشار إلى أن إعلان محافظة أسوان عاصمة للثقافة الأفريقية يكمل المشهد الثقافى المصرى الذى يؤكد ريادتها وسبقها على مر العصور وأطلق حملة تهدف للقضاء على الأمية فى الأقصر خلال عام 2017. المشهد السابع "الحصن المنيع": فى كلمة ألقتها الدكتورة حياة القرمازي، ممثلة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، أعربت خلالها عن تقديرها لمصر وشعبها، مؤكدة أن الثقافة هى الحصن المنيع ضد الاتجاهات الفكرية المتطرفة، كما أنها همزة الوصل بين شعوب العالم والجسر الرابط بين الماضى والحاضر والمستقبل، وأشارت إلى أن مشروع العواصم الثقافية الذى وضعت المنظمة برنامجه التنفيذى يهدف إلى تعزيز قيم التفاهم والتسامح بين الشعوب من خلال الدور المؤثر والفعال للثقافة. ثم بدأت الفقرة الفنية التي قدمتها فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو صلاح غباشى بعزف موسيقى "ألف ليلة وليلة"، وتألق المطرب التونسى محمد الجبالى فى مجموعة من الأغانى المصرية والتونسية أكدت قدراته الصوتية وسهولة تنقله بين المقامات الموسيقية والطربية، منها "خلينى جنبك"، و"حمودة"، و"أهواك"، و"سمرا"، و"على الله تعود"، و"قول لى عملك إيه قلبى"، و"لامونى اللى غارو منى". بعد ذلك قدم عازف البيانو الشهير عمرو سليم موسيقى "سهر الليالى"، ثم اعتلى النجم مدحت صالح خشبة المسرح وبدا فى أفضل حالاته الفنية ونجح فى إمتاع جمهور الحاضرين الذين تفاعلوا معه فى أغانى "زى ما هى حبها"، و"محبتك جنون"، و"ابعد يا حب"، و"بحلم على قدى"، و"ولا تسوى دموع"، و"كوكب تانى"، و"ميدلى" لكل من أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، و"ثلاث سلامات". وفى ختام الحفل، حرص كل من وزير الثقافة ومحافظ الأقصر على تكريم مطربي الحفل التونسى محمد الجبالى والنجم مدحت صالح بإهدائهما درعى الثقافة والمحافظة. صمم الإضاءة فى شكل مبهر وبراق المهندس ياسر شعلان، والديكور للمهندسين محمود حجاج ومحمد الغرباوى، والصوت المهندس محمود عبد اللطيف، وأخرجها الفنان خالد جلال. حضر الاحتفال أكثر من ألفي مشاهد مع عدد من الوزراء والسفراء العرب وأعضاء مجلس النواب والفنانين ووسائل الإعلام المصرية والعربية والعالمية.