حرص الرسول «صلى الله عليه وسلم» على تعليم أصحابه ما ينفعهم في الحياة والآخرة، وورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أدعية تقال بعد الانتهاء من الأكل. وأورد البخاري في صحيحه [5458]: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا». وقال ابن أبي شيبة مصنف [24991]: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْد، قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا طَعِمَ يَقُول: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا الْمُؤْونَةَ، وَأَوْسَعَ لَنَا الرِّزْقَ»، وقال عبد الرزاق في المصنف [19577]: عن معمر عن منصور عن إبراهيم قال: شكر الطعام أن تسمي إذا أكلت وتحمد إذا فرغت. وورد حديث آخر اختلف العلماء في صحته، أخرجه الإمام أحمد في مسنده (15632): حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي، وَلاَ قُوَّةٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه أبو داود (4025) والترمذي (3458) وابن ماجة (3285) وغيرهم. واختلف العلماء في سند الحديث -أي الرواة-، ويعد «أبو عبدالرحمن»: عبد الله بن يزيد القرشي العدوي المكي، المقرىء من صغار أتباع التابعين، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وسعيد: هو ابن أبي أيوب من كبار اتباع التابعين، ثقة، و«أبومرحوم»: هو عبدالرحيم بن ميمون المدني، من الذين عاصروا صغار التابعين. وأشار الحافظ المِزِّي 18 / 43: «قال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن يحيى بن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال النسائى: أرجو أنه لا بأس به، وَقَال ابن حجر في "التقريب": صدوق زاهد، وسهل بن معاذ بن أنس: الشامى نزل مصر، طبقة تلى الوسطى من التابعين، وقال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن يحيى بن معين: ضعيف. قلت:جاء في الجرح والتعديل : حَدثنا عَبد الرَّحمن، أَخبَرنا أَبو بكر بن أَبي خَيثمة، فيما كَتَبَ إلَيَّ، قال: سَمِعتُ يَحيَى بن مَعين يقول: سهل بن معاذ بن أَنس، عَن أَبيه ضعيف،» فهذا يعني أن روايته عن أبيه ضعيفة بعينها ، وهذا من حديثه عن أبيه. وأوضح الحافظ في تهذيب التهذيب 4 / 258: [ لكن قال (أي ابن حبان): لا يعتبر حديثه ما كان من رواية زبان بن فائد عنه. وذكره فى "الضعفاء"، فقال: منكر الحديث جدا، فلست أدرى أوقع التخليط فى حديثه منه أو من زبان، فإن كان من أحدهما فالأخبار التى رواها ساقطة، وإنما اشتبه هذا لأن راويها عن سهل زبان إلا الشىء بعد الشىء، وزبان ليس بشىء»، وقال العجلى: مصرى تابعى ثقة». وذكر ابن الجوزي في العلل المتناهية على الحديث رقم (1129): "هذا حديث لا يصح قال يحيى: سهل وعبدالرحيم ضعيفان"، وقد أخرجه أبو داود وزاد في آخره (وما تأخر)، والطبراني بلفظ «وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، كلهم من طريق أبي مرحوم عن سهل بن معاذ عن أبيه، وقد ضعف الذهبي هذا الحديث في التلخيص بأبي مرحوم ضعيف. وبيّن المناوي في خريج أحاديث المصابيح ( 4/18 ): في سنده أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس وهما ضعيفان، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3/175) : [فيه] عبد الرحيم أبو مرحوم عن سهل بن معاذ ضعيف، واجتنبه العلامة مقبل بن هادي الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين، والظاهر أنه يضعفه. وأفاد العلماء بأن الحديث ضعيف ولا يصح لحال أبي مرحوم وسهل بن معاذ، وقد ضعفه ابن الجوزي والذهبي والمنذري والمناوي.