قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الحجامة من الأمور التي أجازها الشرع ووقعت في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكرها، بل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم. وأضاف «جمعة» في فتوى له، أن الحجامة تُسمى «الفصد» وهي نوع من أنواع العلاج الذي كان مستعملا إلى عهد قريب، وأنصح بالالتجاء إلى الأطباء الثقات وأخذ رأيهم والالتزام بمشورتهم في هذا الموضوع قبل استعمالها. وأوضحت دار الإفتاء المصرية، أن الحجامة في اللغة: مأخوذة من الحَجْم؛ وهو: المَصّ، وتُسَمَّى أيضًا: "الفَصْد"، وفي الاصطلاح: مص الدم الفاسد وسحبه من الجسم عن طريق الكاسات لتنقيته من الشوائب الرديئة والأخلاط الضارة، وهي مِن الوسائل العلاجية التي عرفتها الحضارات البشرية القديمة؛ كالآشوريين والفراعنة والصينيين والإغريق. وأشارت دار الإفتاء، إلى أن المؤرخين ذكروا أن الحكيم اليوناني أبقراط الملقب ب"أبي الطب الحديث" كان يستخدمها بشكلَيْها الجافة والرطبة، وذكر صاحب "كشف الظنون" (2/1446) أن له كتاب "الفصد والحجامة"، وقد صنف في الحجامة جماعة من العلماء قديمًا وحديثًا. وتابعت: وممن صنف فيها في عهود الإسلام: أبو زكريا يحيى بن ماسويه الحرانى [ت243ه] طبيب المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل، له كتاب "الفصد والحجامة"؛ وأبو الحسن علي بن سهل بن ربن الطبري البغدادي، وبختيشوع بن جبرئيل بن بختيشوع، والطبيب السرياني البارع، له كتاب في الحجامة على طريق المسألة والجواب؛ والإمام الحافظ شهاب الدين البوصيري الشافعي، والعلامة شمس الدين محمد بن علي بن طولون الصالحي، وأحمد بن حمزة بن إبراهيم بن ولي الدين، والقاضي محمد بن أحمد بن جار الله الصعدي الصنعاني اليمني، المعروف بمشحم الكبير، ومحمد بن محمد بن الطيب التافلاتي. وبينّت أن الحجامة وإن كانت من الموروثات الطبية التي أجازها الشرع في أصلها، ووردت بها السنة القولية والفعلية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أنها من الوسائل الاستشفائية التي تفتقر إلى معرفة مواضع نفعها وضررها؛ فقد جاء في الطب الموروث أنها كما تنفع فقد تضر، وعرَّف العلماءُ السابقون "علم الحجامة" بأنه: "علمٌ يُتعَرَّف به أحوالُ الحجامة، وكيفيةُ شرطها ومَصِّها بالمِحْجَمَة، وأنها في أي موضع من البدن نافعةٌ، وفي أي موضع مُضِرَّةٌ، إلى غير ذلك من الأحوال". وألمحت إلى أن أمور الاستشفاء ووسائل العلاج مبناها على التجربة والوجود، والأعراض والأمراض تختلف من بيئة إلى بيئة ومن زمن إلى زمن، واختلاف الأدواء يصاحبه اختلاف الأدوية، ولذلك فإنه يشترط فيها أن يقوم بها الشخص المختص المرخص له بالقيام بمثل هذا النوع مِن العلاج، مع ضرورة الالتزام بالتعقيم الكامل للأدوات وتوفير الجو الملائم لإجرائها، ويجب اللجوء في ذلك إلى الأطباء الثقات المختصين وأخذ رأيهم والالتزام بمشورتهم في مدى مواءمة الحجامة لعلاج المرض الذي يشكو منه المريض، وهل تفيده أو لا تفيده. وأفادت بأن الحجامة من وسائل الاستشفاء الموروثة، الواردة في السنة النبوية، إلا أن تغير البيئة والزمن مع تنوع الأمراض وتعقدها مع تطور سبل العلاج في عصرنا الحاضر يوجب الرجوع في معرفة نفعها وكيفية ممارستها إلى الأطباء المختصين المؤهلين المرخص لهم فيها من قبل الجهات الطبية المعتمدة. وأثار اعتماد الأبطال المتنافسين في أولمبياد ريو 2016 على "الحجامة" موجة من التساؤلات بشأن فوائد هذه الطريقة من الطب البديل التي يعتمدها أقوى رياضيي العالم. وتركزت الأنظار في أولمبياد ريو على أسطورة السباحة الأولمبية، الأميركي مايكل فيلبس، الذي شارك في 5 دورات أولمبية، بما في ذلك المنافسة الحالية، وحقق 23 ميدالية بينها 19 ذهبية حتى الآن. ولم يكن فيلبس الأميركي الوحيد الذي ظهرت على جسده الدوائر الحمراء التي تتركها عملية الحجامة، بل ظهرت على جسد مواطنه لاعب الجمباز أليكس نادور، المشارك في أولمبياد ريو. كيف تتم؟ وتتم الحجامة عبر كأس زجاجي في داخلة شعلة نار صغيرة، وتوضع فوهة الكأس على الجلد بشكل مباشر بعد تجريحه بشكل بسيط. وعندما تنطفئ الشعلة الصغيرة، ينخفض الضغط داخل الكأس، فيحاول سحب الهواء من الخارج، فيسحب الجلد إلى أعلى، ويتسبب ذلك بخروج بعض الدم قليل الكثافة من الجروح التي أجريت في الجلد. لماذا يلجأ الرياضيون إلى الحجامة؟ ويقول رياضيون إنهم يعتمدون على الحجامة لتخفيف الإجهاد والآلام، ولتساعدهم في التعافي من الجهود العضلية التي يبذلونها خلال التدريب والمنافسات. وهناك العديد من التقنيات التي يستخدمها الرياضيون للتخلص من الأعراض السابقة، مثل حمامات الثلج والساونا والمساجات الرياضية، لكن الحجامة، وحسب ما قال نادور لموقع "يو إس إيه توداي" كانت "أفضل من أي شيء آخر جربه". وأضاف نادور "كان ذلك السر الذي استخدمته خلال العام الماضي للحفاظ على صحتي.. لقد وقاني من كثير من المتاعب". ويبدو أن فيلبس يعتمد تقنية الحجامة منذ وقت طويل، فقد نشر منذ حوالي العام صورة له على إنستاغرام خلال إجراء عملية الحجامة له من قبل الطاقم الطبي. تاريخها والحجامة إحدى أساليب الطب البديل التي أوصى بها الإسلام، وقال الأطباء الذين اعتمدوها في الشرق الأوسط إنها تخرج الدم الفاسد من الجسد. وكانت الحجامة معروفة أيضا لدى الصينيين، ويقول الأطباء الممارسون لها إنها تفتح منافذ الطاقة في الجسم. ويجمع الرياضيون الذين يمارسون الحجامة أنها تساعد على التعافي والعلاج، وتسهّل تدفق الدم في الجسم وتخفف الآلام العضلية الناتجة عن التدريبات المتواصلة والمشاركة في المنافسات الرياضية.