قال الدكتور محى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن العالم اليوم يعيش حالة من الإضطراب وعدم الإستقرار بسبب أحداث العنف وموجات الغلو والتطرف التى ألقت بظلالها على كثير من الدول خاصة فى العالم العربى والإسلامى فهددت الأمن والاستقرار. وأضاف عفيفى- فى كلمته بمجلس الأمن الدولى لعرض جهود الأزهر فى مواجهة التطرف- أن العنف أدى إلى تدمير العمران والأوطان فى وحشية لم يعرفها التاريخ من قبل حيث تجاوزت الأمور كل الحدود التى وضعتها الأديان والأخلاق والأعراف الإنسانية ومن المؤلم أن ترتكب هذه الجرائم باسم الإسلام الأمر الذى تم استغلاله إعلاميا أسوأ استغلال فى تشويه صورة الإسلام وتقديمه للعالم بحسبانه دينا همجيا متعطشا لسفك دماء الأبرياء. وأشار إلى أننا لسنا فى حاجة للدفاع وبيان أنه لاصلة لهذه الأعمال بالأديان ولا الأعراف الإنسانية حيث يقرر القرآن أن الله ما أرسل محمدا إلا رحمة للعالمين وكلمة العالمين أوسع بكثير من المسلمين بل هى فى الفلسفة الإسلامية أعم من عالم الإنسان حيث تشمل عالم الحيوان والنبات والجماد وجاء فى القرآن قوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وقال سيدنا محمد مخاطبا الناس جميعا :"إنما أنا رحمة مهداة". وأوضح أن النبى أخبرنا "أن رجلا سقى كلبا فى يوم حر شديد فأدخله الله الجنة" منوها أن الإسلام أكد على الرحمة بالحيوان فكيف الرحمة بالإنسان، لأن تكريم الإنسان فى الإسلام لإنسانيته دون النظر إلى دينه أو مذهبه أو لونه أون جنسيته حيث ينظر الإسلام إلى العالم على أنه أسرة واحدة فى ظل مواطنة عالمية تنعم بالتعارف والتعاون وأن الله خاطب الإنسانية كلها فقال: "ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا". وأكد أن الأزهر عمل على مواجهة التطرف فكريا وبين ارتباط تلك الجماعات الإجرامية بتاريخ فرقة الخوارج وظهورها المبكر فى صدر الإسلام نتيجة ما أصابها من انحراف فى التصور العقدى والفقهى فأدى بها إلى التكفير ولكن بعد اندثارها وكونها أصبحت فى ذمة التاريخ عادت فكرة التكفير على أيدى شباب لم يكن لديهم من المؤهلات العلمية والثقافية إلا الحماس وردود الأفعال الطائشة والحادة ومن هنا لم تكن أحكامهم نابعة من فقه رشيد وظهرت مفاهيم ونظريات منحرفة تم تسويقها عبر مواقع التواصل الإجتماعى مثل "التكفير وقضية الحاكمية وحتمية الصدام ومفهوم الجهاد والخلافة ومفهوم الدولة الإسلامية ومفهوم الحرب" وتعد هذه الأمور من الأمور من المشتركات بين التنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها التى انطلقت من فكر أبى الأعلى المودودى وسيد قطب. وتابع: إنه إذا ارتبط التطرف بالعنف المادى أو التكفير أو التهديد بالعنف فإنه يتحول إلى ارهاب فالتطرف دائما مايكون فى الفكر أما إذا تحول إلى اعتداء على الحريات وتشكيل التنظيمات الإرهابية المسلحة فهو عندئذ يتحول إلى الإرهاب. وشدد على أن الأزهر الشريف يبذل جهودا متعددة فى مجال التعليم وبيان المفاهيم الحقيقية للإسلام وذلك من خلال مايقدمه من المنح الدراسية لعدد كبير من الدراسين والدراسات فى كليات الأزهر حيث بلغ الدراسين فى الأزهر من الخارج إلى حوالى 40 ألف طالب وطالبة من 130 دولة من دول العالم. وأضاف، أن هناك برامج تدريبية لعدد من الخطباء والأئمة من عدد من دول العالم من أجل ترسيخ مفاهيم الوسطية والتعايش السلمى وقبول الآخر ونبذ التطرف والغلو واحترام قوانين الدول واحترام التعددية الدينية والمذهبية، كما يعمل الأزهر على التواصل مع المرجعيات الشيعية والسنية فى العراق وسوريا واليمن لمواجهة الإستخدام السياسى للصراع المذهبى ووقف تمدد داعش وغيرها التى تستخدم الإختلاف المذهبى بين السنة والشيعة،كما يعمل الأزهر على المستوى العالمى من خلال مجلس حكماء المسلمين الذى يترأسه شيخ الأزهر ويضم أعضاء من مختلف دول العالم الإسلامى، وأطلق قوافل السلام إلى خمس عشرة دولة من دول العالم، وأنشأ الأزهر مرصده للغات الأجنبية لرصد مايصدر عن تنظيم داعش ومناقشة أفكاره والرد عليها بعدد من اللغات الحية ردا علميا لتحذير الشباب من خطر الفكر الداعشى وتحصينهم منه.