جامعة مطروح تقيم الندوة التثقيفية ال87 لقوات الدفاع الشعبي والعسكري    التقنية الحيوية ومستقبل مصر.. رؤية من جامعة القاهرة الأهلية    "الحكومة": تعاقدنا على 274 مشروع سيجرى تنفيذها بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس قريبا    الأمم المتحدة تحذر من نكبة ثانية…طائرات الاحتلال تقصف مجمع ناصر الطبي وتغتال الصحفي حسن أصليح    مسؤول روسي: الهدف الرئيسي لمحادثات إسطنبول إرساء سلام مستدام في أوكرانيا    بيراميدز يتقدم على الزمالك بهدف في الشوط الأول بالدوري المصري    إحالة أوراق المتهمة بإنهاء حياة طفلة وسرقة قرطها الذهبي بالفيوم إلى المفتي    كان بيجمع بطاطس.. غرق شاب أثناء عمله بالمنوفية    «روبرت دي نيرو» يستعد لتكريمه بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي 2025    د. أسامة السعيد يكتب: ساعات فى رحاب المجد    هل الصور الفوتوغرافية في البيوت تمنع دخول الملائكة ؟ أمين الفتوى يجيب    الصحة العالمية تحذر من عجز أعداد الممرضين في إقليم شرق المتوسط    وكيل وزارة الصحة يعقد اجتماعًا مع لجنة المعايشة بمستشفى سفاجا المركزي    إلهام شاهين تشارك جمهورها صورًا من على شاطئ البحر في لبنان    حزب الجبهة الوطنية يختار هاني حنا لأمانة العلاقات الخارجية    رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج يشكر مصر على استضافة البطولة الإفريقية    وزير الصحة يترأس أولى اجتماعات اللجنة العليا لوضع استراتيجية وطنية شاملة لسلامة المرضى    31 مايو.. عرض الفيلم السنغالي "ديمبا" في نادي السينما الأفريقية    رئيس الوزراء يستعرض جهود تعزيز استدامة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة    سن الأضحية من الخروف والماعز والبقر.. يكشف عنها الأزهر للفتوى    المرأة الوحيدة في استقبال ترامب.. من هي الأميرة السعودية ريما بنت بندر؟    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    مسعود معلوف: الذكاء الاصطناعى والطاقة أهم الاستثمار بين أمريكا والسعودية    دار الإفتاء تستقبل وفدًا من أئمة ست دول إفريقية    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الوزارية لوضع محددات العدالة الاجتماعية لاستحقاق الدعم    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    قرار عاجل من المحكمة في إعادة إجراءات محاكمة متهمين بأحداث شغب السلام    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    تشميع كافيهات ومطاعم غير مرخصة وبها منتجات منتهية الصلاحية فى العجوزة    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    عدة عوامل تتحكم في الأسعار.. رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية: السوق يعاني حالة ركود تصل ل50%    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    مجلس الشيوخ يفتح أبوابه لشباب العالم ويؤكد أن مصر قلب الجنوب النابض    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    استلام 145 ألف طن من القمح المحلى بمواقع التخزين بالصوامع والشون فى بنى سويف    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    الشرع: قد نبني برجا لترامب لتخفيف العقوبات.. والأخيرد يرد: سنوافق    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    تشكيل المصري المتوقع لمواجهة فاركو بالدوري    الدوري السعودي يقترب.. موعد تتويج الاتحاد المحتمل وأمل الهلال الوحيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاء الأسواني ونيرانه الصديقة‏!‏
نشر في صدى البلد يوم 11 - 07 - 2012

لا أتذكر في حياتي المهنية‏ (‏الصحفية‏)‏ أنني كتبت مقالا مخصصا للرد علي كاتب آخر أو مناقشته‏, وإن كنت قد أشرت في حالات قليلة- لكتابات ما, في سياق ما أكتب. هذه المرة, سوف أخرج عن هذا التقليد, لاناقش المقال الذي كتبه د. علاء الأسواني في عدد الأمس (10 يوليو) من المصري اليوم تحت عنوان: هل نكرر خطأ السنهوري؟
ويعود هذا الاستثناء لأكثر من سبب:
أولا: إن علاء الأسواني أديب ومبدع, مصري عالمي تفخر به مصر, ومكانته الأدبية لا تحتاج لأي إثبات, وأنا شخصيا استمتع كثيرا ودائما بكتاباته وتآملاته الأدبية, وأتمني- بل وأرجو- ألا ينسي أو يهمل الأسواني هويته الابداعية الأدبية, وألا تلهيه السياسة عن اثراء الأدب, المصري والعربي والعالمي, فذلك هو الأخلد والأبقي!
ثانيا: امتدادا لذلك, تأتي أهمية وخطورة ما يكتبه الأسواني في التحليل السياسي تلك مسألة أخري! فهو يكتب التحليل السياسي (بروح) الأديب وليس فقط (بأسلوب) الأديب! فإذا كانت الكتابة السياسية بأسلوب أدبي تعتبر أمرا محببا ومرغوبا, فإن الكتابة بروح الأديب, بما تنطوي عليه من عواطف وانفعالات وتحيزات, تستلزم الفحص والتوضيح وربما التصحيح.
ثالثا: وأخيرا يتبقي عنصر شخصي, لابد من البوح به, وهو أنني تألمت كثيرا من إشارة هي بالقطع تصيبني أكثر من غيري, عندما تحدث عن مثقفين إنتهازيين؟!! تأكدوا أن شفيق قادم, فقفزوا بسرعة من مركب الثورة, وأعلنوا تأييدهم له!! لا يا د. علاء.. عيب كثيرا أن تقول هذا الكلام! وعيب أن يخرج منك أنت علي الاخص, لأنه يفترض أنك تعرف من هم الإنتهازيين, ومن الذين عارضوا نظام مبارك قبل الثورة بسنوات كثيرة! ولن أزيد في ذلك!
انتقل الآن إلي المقال, وأقول أولا:- إن ما لفت نظري له كان عنوانه.. هل نكرر خطأ السنهوري؟ ذلك لأن من الواضح أنه كان هناك نوع من توارد الخواطر بيننا في مشابهة ما يحدث في مصر اليوم, عقب ثورة يناير2011, بما حدث في مصر- في مارس 1954- عقب ثورة 23 يوليو 1952 وهو ما جاء في نهاية العمود الذي كتبته أمس بالأهرام والذي انهيته بعبارة باختصار مصر الآن تمر بأزمة سياسية ودستورية حقيقية, وتشهد أحداثا تعيد إلي الذاكرة وقائع الصراع علي السلطة في مارس .1954 ولكن المجلس الأعلي ليس هو الضباط الأحرار, ومحمد بديع ليس هو الهضيبي, والمحكمة الدستورية العليا ليست هي عبدالرزاق السنهوري باشا.
ثانيا: ما يدعو إليه الأسواني في مقاله هو أن ندافع عن المبادئ أيا كان تكلفتها, وأول هذه المبادئ بالطبع هو الديمقراطية, وارساؤها واحترام قواعدها, وغرسها في الثقافة السياسية للمصريين. ذلك هو ما يوحد أو ما ينبغي أن يوحد- كل القوي الثورية المصرية!
ثالثا: وبالنسبة للإخوان المسلمين, أعتقد أنني كنت في مقدمة من كتبوا مرحبا بادماج الإخوان المسلمين في الحياة السياسية الشرعية, علما بأنني كنت وما زلت معارضا للإخوان المسلمين, لنفس الأسباب التي ذكرها الأسواني تماما! كما أنني أيضا رحبت بكل صدق وتفاؤل- بالرئيس محمد مرسي, كأول رئيس مدني منتخب للجمهورية في مصر, برغم أنني دعمت الفريق أحمد شفيق! لأن تلك هي ألف باء الديمقراطية, والتي تلزمنا بمجرد انتهاء المنافسة الانتخابية- أن ننتظم خلف الرئيس الشرعي, الذي اختاره الشعب بإرادته الحرة! ذلك كله بالرغم من أنني اعتبرت تقديم الإخوان لمرشح للرئاسة خطأ استراتيجيا منهم, خاصة عندما كان ذلك المرشح هو السيد خيرت الشاطر, الذي- مع كامل الأحترام له يقدم نموذجا مختلفا جذريا عن نموذج د. محمد مرسي! وما زلت عند تقديري الخاص بأن تلك التطورات سوف تؤثر جذريا علي وضع الإخوان السياسي في مصر, خاصة من حيث قدرتهم علي التكيف أو التلاؤم مع مقتضيات التعددية السياسية الديمقراطية, وما تفرضه من تنافسية وإتاحة للتداول السلمي للسلطة! ولقد سبق للإشارة لمثل تلك التخوفات بعض الشخصيات الإخوانية الرفيعة مثل د.كمال الهلباوي, ود. محمد حبيب!
رابعا: وأنا هنا اقترب أكثر من جوهر مقال الأسواني, هل يمكن وصف الحكم الذي ساد في مصر منذ 1952 إلي ثورة يناير 2011 بأنه حكم عسكري؟ وهل قامت الثورة من أجل إنهاء الحكم العسكري؟ لا هذا تقدير سطحي وغير علمي! الحكم الذي ساد في مصر كان حكما مدنيا استبداديا فاسدا, صحيح أن جمال عبدالناصر كان ضابطا, ولكنه بالقطع حرص علي إبعاد الجيش عن السلطة السياسية تماما, وكانت حكومات عبدالناصر التي تلت وزارته الأولي قصيره الأمد- كلها مدنية وكذلك السادات ثم مبارك! وعندما شكل الجيش في فترة معينة خلال الستينيات في ظل قيادة عبدالحكيم عامر- مركزا للقوة, استفحل الفساد, وكانت هزيمة 1967 هي التي نبهت عبدالناصر إلي تلك الكارثة, التي تم استئصالها ليعود الجيش المصري بعيدا عن السياسة. وعندما تولي أنور السادات الحكم بعد عبدالناصر, تولاه بصفته نائب الرئيس وليس بصفته العسكرية, وكذلك الأمر مع مبارك! صحيح أن كثيرا من المحافظين ورؤساء المدن كانوا يأتون من الجيش, ولكن من الصحيح أن القضاء والبيروقراطية كانوا أيضا يغذون تلك الوظائف. الحكم (العسكري) بالمعني الوارد في ذهن د. علاء حدث في جمهوريات أمريكا اللاتينية في فترة معينة, وكذلك في عديد من بلاد إفريقيا جنوب الصحراء, وارتبط بظاهرة الانقلابات العسكرية المتكررة. وتلك آفة لم تعرفها مصر علي الإطلاق!
خامسا: إن حديث الأسواني عن الجيش لا يعكس للأسف- وعيا بجوهر الجيش المصري, ومكانته في الدولة المصرية الحديثة, وهو الأديب المصري المفترض فيه وعي عميق بالروح المصرية وتاريخ مصر. إنني أتفهم كأي مواطن مصري- ممارسات خاطئة بل وفادحة أحيانا للمجلس الأعلي للقوات المسلحة في إدارته لشئون البلاد في الفترة الماضية, والآثار السلبية المؤسفة للاحتكاكات الميدانية التي وقعت بين ضباط وجنود الجيش المصري, وبين المتظاهرين في ميادين القاهرة, وغيرها من المدن المصرية. ولكن هذا لا يلغي حقيقة أن الجيش المصري, بضباطه وجنوده, هم الذين اداروا ونظموا كل عمليات التحول من الثورة إلي الدولة: الانتخابات التشريعية التي وصفت بأنها الأكثر نزاهة في تاريخ مصر, وأنهم ايضا مهدوا لإعداد الدستور (الذي يعود التعثر في إعداده لأسباب يعرفها د. الأسواني جيدا, ولا علاقة للجيش المصري بها).
سادسا: يقول الأسواني إن الصراع الآن بين طرفين, رئيس منتخب بإرادة الشعب ومجلس عسكري يفرض أرادته عليه بقوة الدبابة؟ هل كنا إذن في كوكب آخر عندما أدار الجيش, وأشرف علي عملية انتخاب رئيس الجمهورية في مرحلتها الأولي, ثم في مرحلتها الثانية بين محمد مرسي وأحمد شفيق؟ وأين تقف دبابات الجيش هذه؟ دبابات ومدرعات الجيش يا د. علاء كانت تحرس المقار الانتخابية (التشريعية والرئاسية!).
والجيش المصري أوفي بوعده بتسليم السلطة إلي رئيس مدني منتخب قبل 30 يونيو, الموعد الذي سبق تحديده بالضبط. والجيش المصري أنهي حالة الطوارئ! والجيش المصري احتضن منذ اليوم الأول- الدكتور مرسي, وأدي قادته التحية العسكرية بكل حب وأخلاص- لرئيس الجمهورية المنتخب ديمقراطيا وهو مشهد لفت أنظار العالم كله, بل وأثار حفيظة كل من يريد بمصر شرا! وألم يكن ملفتا ما حدث في قاعة احتفالات جامعة القاهرة, وقبل حضور د. مرسي, أن تعالت هتافات البعض يسقط حكم العسكر فردت غالبية القاعة بصوت واحد هائل الجيش والشعب أيد واحدة؟!
سابعا: هل هو سر, أن الصراع الذي تفجر مؤخرا لم يكن أبدا بين رئيس الجمهورية (د.مرسي) والجيش, وإنما بين الرئيس مرسي (الذي تصرف للأسف الشديد وكأنه رئيس لجماعة الإخوان المسلمين, وليس لمصر كلها) وبين المحكمة الدستورية العليا( بل ومجمل السلطة القضائية), وذلك عقب دعوة الرئيس لانعقاد مجلس الشعب, ذي الأغلبية من الإخوان والسلفيين الذي حكمت المحكمة الدستورية بإنعدام وجوده أصلا؟! ما دخل الجيش والمجلس الأعلي بهذا كله؟
ثامنا: حزنت كثيرا للطابع الحماسي والانفعالي الذي جعل د. علاء يبدو وكأنه يدافع عن سلوكيات شاذة لبعض المتطرفين باسم الإسلام, والذين أخذوا يرتكبون أعمالا إرهابية ضد مواطنين أبرياء (تجري أمام أعين رجال الأمن فلا يتدخلون أبدا لحماية الناس ثم يتم تضخيمها في وسائل الإعلام من أجل ترويع المواطنين). لا يا دكتور علاء المناخ العام الذي أعطي انطباعا بسيادة الإسلاميين والمتشددين هو الذي أوجد تلك الممارسات (والتي كان آخرها مقتل طالب الهندسة بالسويس)! وذلك هو ما كان يستلزم منك الفضح والإدانة!
تاسعا: أندهشت كثيرا للحبكة الروائية في عرض وتحليل انتخابات الرئاسة المصرية. ولكني هنا أريد أن أذكرك يا د. علاء, بأن الانتخابات الرئاسية كانت تجري بالأساس- بين مرشحين آخريين (ليسوا من الإخوان ولا العسكريين!) وكان أبرزهم وكما لابد وأنك تذكر- السيد عمرو موسي, وعبدالمنعم أبو الفتوح, فضلا عن آخرين مثل هشام البسطويسي وحمدين صباحي... إلخ. وأذكرك أيضا أن ما غير المشهد الانتخابي الرئاسي كله, كان هو قرار الإخوان المسلمين بترشيح خيرت الشاطر, وأدي هذا إلي استنفار قوي (الدولة) ممثله في عمر سليمان الذي رشح نفسه ازاءه, فلما سحب خيرت الشاطر لأسباب قانونية- تواري عمر سليمان, فقدم الإخوان المسلمون بعد ذلك المرشح الذي وصف بالمرشح (الاستبن).. فاستدعي هذا أن قدمت (الدولة) وليس نظام مبارك (الذي سقط للأبد) الفريق أحمد شفيق. وهو كله صراع مفهوم في سياق تراث الدولة المصرية (ولن استخدم هنا المصطلح الموضة وأقول العميقة!) وعدائها التقليدي ضد الإخوان منذ عشرينيات القرن الماضي.. وسواء أردنا أم لم نرد, فالحقيقة المجردة هي أن الفريق شفيق حصل علي أصوات ما يقرب من نصف الناخبين, الذين أعتقد أن أغلبهم لم يقصدوا انتخابه, بقدر ما قصدوا منع انتخاب مرشح الإخوان, لان انتخاب شفيق بالتأكيد كان سوف يوحي بعودة نظام مبارك, ولو أن تقديري الشخصي للفريق شفيق يختلف كثيرا عن تقديرك, فضلا عن أنني لا يمكن إطلاقا أن أهمل دوافع وأهداف وميول نصف القوة الناخبة للمصريين تحت أي مسمي كان, وألا فما هو معني الديمقراطية؟ (وهؤلاء بالقطع أكبر بكثير من لواءات الداخلية وأعضاء الحزب الوطني... إلخ. وسوف تجد كثيرين منهم من أقاربك وجيرانك من ليس لهم أي ميول ضد الثورة, ولا أي ارتباطات خاصة بالنظام القديم)!
عاشرا: الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد توجد عليه بعض الملاحظات, شأن أي وثيقة من هذا النوع. ولكنني أعتقد أنه من الناحية السياسية الواقعية يسد فراغا دستوريا إلي حين وضع الدستور الجديد, وهناك من أساتذة القانون الدستوري الأجلاء, البعيدين عن الهوي من أيدوا وقبلوا هذا الإعلان! ولن أتطرق هنا إلي تفاصيل فيه, ولكن النظرة المثالية للواقع السياسي والدستوري شيء, والنظرة العملية الواقعية شيء آخر. وإنطلاقا من تلك الأخيرة لا أري فيه عيوبا جسيمة, فضلا عن أنه ترتيب مؤقت بالضرورة.
وأخيرا, فأنني أسفت لطريقة حديثك عن المستشارة الفاضلة تهاني الجبالي وتقييمك لرأيها بأن الرئيس يجب أن يستقيل بمجرد كتابة الدستور, بأنه جزء من مخطط؟! لترويع المواطنين وتشوية الرئيس, مع أنه رأي سائد بين القانونيين يحتمل الصواب والخطأ, ولكنه موجود, بل ويري البعض النص في الدستور علي بقاء الرئيس في مواد انتقالية تضاف إليه!
وأخيرا, تقول يا د. علاء في مقالك: بعض المواطنين تحولت خصومتهم الشديدة للإخوان إلي عداء شديد يعميهم عن الحقيقة ويدفعهم إلي الموافقة علي الحكم العسكري نكاية في الإخوان. واستعمل هنا تلك المقابلة لأقول لك بدوري وإن كنت لا أعلم ما الذي تقصده بالحكم العسكري؟- بعض المواطنين تحولت خصومتهم الشديدة للجيش إلي عداء شديد يعميهم عن الحقيقة ويدفعهم إلي الموافقة علي الحكم الإخواني نكاية في العسكري.
وفي النهاية, وفي ضوء الفقرة الأخيرة في مقالك, ما رأيك في القرار المؤسف الذي إندهشت له شخصيا كثيرا- والذي أتخذه د. مرسي لعودة مجلس الشعب, ذي الأغلبية الإخوانية السلفية, برغم كل الأحكام القضائية المبطلة له؟
نقلا عن الاهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.