أكرم الله عباده المتّقين بأن جعل لهم الجنة هى الجائزةً الثمينةً هي أعظم الجوائز وأكملها على الإطلاق، وفي الجنّة النّعيم المطلق الخالد ففيها يحيى الإنسان فلا يموت ويتمتع بملذّاتها ولا يمل. ووصف الله تعالى الجنة في كتابه العزيز بأوصافاً كثيرةً وسماها بأسماء متعددة ومن أسمائها: دار الخلد لأن فيها الخلود الدّائم فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ «وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ»، وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا «وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ »، رواه البخاري ( 4453 ) ومسلم ( 2849 ) . وسمّيت بجنّات النّعيم لما فيها من النّعم وما تشتهيه الأنفس، وسمّيت بدار القرار أي الثبات فهي ونعيمها ثابتةٌ لأصحابها، فهي دار المستقر، وسمّيت أيضاً بدار المتقين فهي جائزتهم من عند ربّهم، واستحقوا بها الامتياز عن الضّالين والمشركين والمنافقين وهي جنّات الفردوس نُزُل المؤمنين الموحّدين. وسميت أيضا بالفردوس، لما ثبت في الصّحيح عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهَا أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ يُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ»، والجنّة هي الحسنى كما قال الله تعالى في كتابه: «لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ»، فالحسنى هي الجنّة التي وعد بها المتّقون.