حادث بربري جديد في مسلسل حلقات الإرهاب اللعين دارت أحداثه مرة أخرى على الأرض الفرنسية وفي عاصمة النور، عملية منظمة استخدمت فيها آلية جديدة لم تعرفها فرنسا من قبل وهي فكرة الانتحاريين او (الكاميكاز)، ودون الخوض في تفاصيل الحادث، الذي قتل حديثًا، وتم تغطية أحداثه وما زالت التحقيقات مستمرة في ضوء الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الفرنسية.. ولكن حقيقة موضوع مقالي يدور حول هذا السؤال الذي يتكرر على مسامعنا جميعاً والذي يطرح فور أي عملية إرهابية متطرفة تحدث في فرنسا.. ويكون الفاعل فيها من أصول عربية موقف الجاليات العربية المسلمة ومردودات تلك الحوادث عليهم وردود الفعل المتوقعة ضدهم ؟؟ بداية علينا أن نعلم أن الإعلام الفرنسي بكل فئاته المقروءة والمسموعة والمرئية قام بتعريف الجناة بلفظ الكاميكاز الفرنسيين، وتحاشوا تماما في غالبية التغطيات تعريف الجماعة الإرهابية بلفظ الدولة الإسلامية بل دوما كانت تقال داعش. ومن منطلق هذا التساؤل المكرر خلف كل حادث فإني أري إننا نحن أول من ندين أنفسنا ونتسلح بموقف عدائي متحفز ضد أي إشارة، وليس فعل تمسنا نحن العرب المسلمين.. ونسينا أن فرنسا اليوم هي موطن لما يزيد عن 5 ملايين من أصولنا العربية.. ونسينا أننا مندمجين ومتوطنين في كل مؤسسات الدولة الفرنسية من قاعها لقمة هرمها.. منا من يعمل بشرف في أقل المهن ومنا من اعتلى الهرم ووصل لمقاعد الوزراء ومستشاري الدولة.. نسينا أننا أصبحنا أحد جذور ذلك المجتمع الأوروبي بشكل عام.. ومع ذلك وببالغ الآسف ففي كل العمليات الإرهابية الخسيسة، التي جرت نسارع بتبرير موقفنا ونهرع لنندد لنثبت للآخرين إننا ضد الإرهاب والعنف والدم، ولا نرى أن محمد ميرا قد ولد وتعلم وشب في ربوع ذلك المجتمع الفرنسي المتحضر الديمقراطي، ولم نر أن الأخوين كوباشي كانا فرنسيين شبا كذلك بين أحضان، وتعاليم الثقافة الفرنسية وفي دولة علمانية وفرت لهم حق الاعتقاد والتعليم بكل الحرية والديمقراطية، وها هي الجريمة الشنعاء التي حدثت لتجعل الجميع يتخوفون من جديد على الجاليات العربية.. دون داعي حقيقي استدعى بفعل من الواقع. ونسينا أن تلك الجاليات منها اليوم وزراء في الحكومة كالتعليم والعمل ومستشارين في كل قطاعات الدولة وفنانين ورياضيين وعلماء وأدباء وإعلاميين ومهنيين في كل نواحي الدولة.. إن جذورنا وأصولنا العربية توطنت وتأصلت في تلك المجتمعات بما جعلها اليوم جزء أصيل منه.. ولن أتحدث عن جيلنا الأول نحن المهاجرين بل عن الجيل الثاني والثالث والرابع الذي أرى يوما أحد أبناء جدورنا علي قمة الهرم المؤسسي في تلك الدولة الكبري.. ربما قد تحدث ردود فعل فردية من بعض المتطرفين.. لن تزيد أبدا عن كونها وتصنيفها فعل متطرف كأي فعل متطرف قد يصدر منا تجاه الآخرين.. علينا أن نتسلح بالحقيقة والثقة في أنفسنا وفي قدرة الآخرين من الأغلبية علي الفهم والوعي ولعلنا نتذكر أن في كل حادث إرهابي حدث كان هناك ضحايا من الجاليات العربية المتجذرة في هذا الوطن الفرنسي، وقد حدث ورأيت عشرات من الشباب المتطرفين الذين هتفوا ضد العرب والمسلمين، ولكني رأيت فوراً حين رد عليهم الملايين قائلين (إرحلوا يا عنصريين إرحلوا يا فاشيين). فتلك هي فرنسا اليوم.. التي لن يهزمها الإرهاب ولا خوف علي جالياتنا المتجذرة والمتوطنة فيها.