تباينت ردود أفعال اليمنيين عقب توقيع علي عبد الله صالح، الرئيس اليمني، والمعارضة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مساء الأربعاء في العاصمة السعودية الرياض، فقوبلت بالرفض من قبل شباب التغيير في ساحات الاعتصام، وبالترحيب من قبل أنصار صالح الذين أطلقوا أعيرة في الهواء وألعابًا نارية في مناطق مختلفة من العاصمة صنعاء للابتهاج بالمناسبة. وفي ساحة التغيير بحي جامعة صنعاء، تظاهر الآلاف احتجاجا على توقيع صالح اتفاق نقل السلطة الذي يمنحه حصانة من الملاحقات القضائية، وطالبوا بتقديمه إلى المحاكمة، واتهموا المعارضة بخيانة دم الشهداء - على حسب قولهم-. وأكد الشباب المحتجون أن المبادرة لا تعنيهم وأنهم سيستمرون في مظاهراتهم واعتصاماتهم حتى إسقاط أركان النظام وتقديمهم إلى المحاكمة. وقال عبد الكريم سيف، الناشط الشبابي، ل"صدى البلد" إن توقيع المبادرة الخليجية لا يعنينا نحن شباب الثورة، نحن خرجنا إلى ساحات التغيير من أجل إسقاط النظام، وتقديم أعضائه إلى المحاكمة جراء ما ارتكبوه في حق الشباب وسفك دمائهم في الساحات". غير أن هناك من الشباب المحتجين من يرى أن توقيع صالح على المبادرة تحقيقا لأول أهداف ثورتهم السلمية، كون الاتفاق ينص على نقل سلطات الرئيس صالح إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، رغم أنه ينص أيضًا على أن يظل صالح رئيسا شرفيا للبلاد مدة تسعين يوما – الأمر الذي يرفضه الشباب - ليتم بعدها انتخاب النائب عبد ربه منصور رئيسا توافقيا لمدة عامين. ويتضمن الاتفاق كذلك منح صالح حصانة من الملاحقة القضائية، وهو البند الذي يلاقي اعتراضات واسعة من قبل شباب الثورة في مختلف ساحات وميادين الحرية والتغيير، والذين قابلوا قبول صالح بنقل السلطة اليوم بالدعوة لمسيرات مليونية في عموم محافظات الجمهورية للتأكيد على استمرار تصعيدهم الثوري حتى إسقاط بقايا النظام العائلي ومحاكمة صالح وأركان نظامه - كما يقولون. وقال أنور الفهدي، الناشط الشبابي: "إننا نرفض المبادرة جملة وتفصيلا لأنها وفرت ضمانة وحصانة لقاتل وسفاح، نحن معنيون بدماء شهدائنا الطاهرة، التي ذهبت من أجل بناء يمن جديد يتمتع فيه الجميع بالحقوق والواجبات"، معتبرين مشاركة المعارضة في الاتفاق خيانة لدم الشباب الذين سقطوا في المظاهرات. وفى سياق متصل، تظاهر آلاف اليمنيين في العاصمة اليمنية صنعاء، احتجاجا على توقيع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح اتفاق نقل السلطة الذي يمنحه حصانة من الملاحقات القضائية، ودعت اللجنة التنظيمية لشباب الثورة السلمية لمسيرة مليونية تصعيدية. وأكد الشباب المحتجون المعتصمون في ساحة التغيير في صنعاء اليوم رفضهم للمبادرة، وإصرارهم على محاكمة الرئيس علي عبد الله صالح. ودعا وليد العماري، المسئول الإعلامي في اللجنة التنظيمية لشباب الثورة السلمية ، إلى "مسيرة مليونية تصعيدية لرفض التوقيع على المبادرة الخليجية" التي قال إنها لا تعني الشباب. ووصف متظاهرون المبادرة الخليجية - التي تم توقيعها بالرياض - بأنها حيلة، وأحرق بعض النشطاء صورة كبيرة لصالح وطالبوا بإعادته إلى اليمن ليحاكم عن تهم بينها قتل مئات المتظاهرين وإهدار المال العام. كما أحرقوا صورة للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، الذي قام برعاية مراسيم توقيع الاتفاق الذي يقضي بأن ينقل صالح كل سلطاته إلى نائبه منصور هادي، الذي يشكل حكومة مع المعارضة ويدعو لانتخابات رئاسة مبكرة خلال ثلاثة أشهر، على أن يحتفظ صالح بلقبه لحين انتخاب رئيس جديد. وتحدث المبعوث الأممي جمال بن عمر عن حوار وطني يجرى خلال الفترة الانتقالية التي تستمر عامين وتنتهي بمراجعة الدستور من داخل النظام. وتشهد اليمن منذ بدأت الاحتجاجات قبل نحو عشرة أشهر، انفلاتا أمنيا شديدا بسبب انقسام قوات الأمن بين مؤيد للرئيس ومؤيد لشباب الثورة. ومن الصعب التكهن بما قد تؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة في ظل انتشار قوات الأمن، والمسلحين من أنصار المعارضة، واستحداث مناطق نفوذ في العاصمة صنعاء وتمترس كل طرف واستعداده لمواجهة الآخر، يجعل الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت في اليمن التي لم تعد سعيدة - كما يقول أبناؤها.